المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الأولفي لزوم الهبة - المعاملات المالية أصالة ومعاصرة - جـ ١٨

[دبيان الدبيان]

فهرس الكتاب

- ‌عقد القرض

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأولفي تعريف القرض

- ‌تعريف القرض اصطلاحًا

- ‌تعريف الحنيفة:

- ‌تعريف المالكية:

- ‌شرح التعريف:

- ‌تعريف الشافعية:

- ‌تعريف الحنابلة:

- ‌العلاقة بين المعنى اللغوي والاصطلاح:

- ‌العلاقة بين الدين والقرض:

- ‌المبحث الثانيالقرض جار على وفق القياس

- ‌القول الأول:

- ‌القول الثاني:

- ‌القول الأول:

- ‌ويناقش:

- ‌وجه كون القرض مخالفًا للقياس:

- ‌ويجاب:

- ‌القول الثاني:

- ‌الراجح:

- ‌المبحث الثالثفي توصيف عقد القرض

- ‌القول الأول:

- ‌وجه القول بأنه تبرع ابتداء:

- ‌وأما وجه كونه معاوضة انتهاء:

- ‌القول الثاني:

- ‌القول الثالث:

- ‌واستدلوا على ذلك بأدلة منها:

- ‌الدليل الأول:

- ‌وجه الاستدلال:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌الدليل الرابع:

- ‌الراجح:

- ‌الباب الأولحكم القرض وبيان أركانه

- ‌الفصل الأولفي حكم القرض بالنسبة للمقرض

- ‌الفصل الثانيحكم القرض بالنسبة للمقترض

- ‌الفصل الثالثبيان أركان القرض

- ‌القول الأول:

- ‌وجه هذا القول:

- ‌القول الثاني:

- ‌ويناقش:

- ‌وجه القول بأن القبول ليس ركنا:

- ‌القول الثالث:

- ‌سبب الخلاف بين الحنفية والجمهور:

- ‌القول الأول:

- ‌القول الثاني:

- ‌القول الأول:

- ‌وجه القول باشتراط الصيغة القولية:

- ‌القول الثاني:

- ‌الصورة الأولى:

- ‌الصورة الثانية:

- ‌القول الثالث في مذهب الشافعية:

- ‌الراجح:

- ‌الباب الثانيفي أحكام القرض

- ‌الفصل الأولفي لزوم عقد القرض

- ‌توصيف عقد القرض بالنسبة للمقترض:

- ‌توصيف عقد القرض بالنسبة للمقرض:

- ‌القول الأول:

- ‌وجه القول بذلك:

- ‌القول الثاني:

- ‌وجه قول أبي يوسف:

- ‌وجه قول الشافعية:

- ‌ونوقش:

- ‌الراجح:

- ‌الفصل الثانيفي ثبوت الخيار في عقد القرض

- ‌الفصل الثالثفي ترتب أثر القرض

- ‌القول الأول:

- ‌واستدلوا على ذلك:

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌القول الثاني:

- ‌وجه قول أبي يوسف:

- ‌القول الثالث:

- ‌‌‌وجه هذا القول:

- ‌وجه هذا القول:

- ‌القول الرابع:

- ‌القول الخامس:

- ‌وجه هذا القول:

- ‌الراجح:

- ‌الفصل الرابعفي مصاريف الإقراض والوفاء

- ‌الفصل الخامسفي بدل القرض

- ‌المبحث الأولفي صفة البدل من حيث المثلية والقيمية

- ‌القول الأول:

- ‌وجه القول بوجوب المثل دون العين:

- ‌وجه القول بوجوب المثل ولو نقص السعر أو زاد:

- ‌وجه القول بوجوب الانتظار إذا عدم المثل إلا بالتراضي على القيمة:

- ‌القول الثاني:

- ‌القول الثالث:

- ‌‌‌وجه هذا القول:

- ‌وجه هذا القول:

- ‌الراجح:

- ‌المبحث الثانيفي صفة البدل من حيث الزيادة والنقص

- ‌القول الأول:

- ‌القول الثاني:

- ‌القول الثالث:

- ‌دليل من قال بالجواز مطلقًا:

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌وجه الاستدلال من الحديثين:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌‌‌وجه الاستدلال:

- ‌وجه الاستدلال:

- ‌دليل من قال: تجوز الزيادة بالصفة دون العدد:

- ‌ويجاب من ثلاثة أوجه:

- ‌الوجه الأول:

- ‌الوجه الثاني:

- ‌الوجه الثالث:

- ‌دليل من قال: تحرم الزيادة مطلقًا:

- ‌ويناقش:

- ‌الراجح:

- ‌فرعإذا كان دفع الزيادة بمقتضى العادة

- ‌القول الأول:

- ‌القول الثاني:

- ‌القول الثالث:

- ‌دليل من قال: يكره أو يحرم أخذ الزيادة:

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌دليل من قال بالجواز:

- ‌الراجح:

- ‌المبحث الثالثفي مكان استرداد القرض

- ‌الأول: مذهب الحنفية:

- ‌القول الثاني: مذهب المالكية:

- ‌القول الثالث: مذهب الشافعية:

- ‌القول الرابع مذهب الحنابلة

- ‌الراجح:

- ‌الفصل السادسفي التصرف في دين القرض

- ‌المبحث الأولفي التصرف به بالحوالة عليه

- ‌وجه الاستدلال:

- ‌المبحث الثانيفي بيع بدل القرض

- ‌الفرع الأولفي بيعه على من هو عليه بثمن حال

- ‌القول الأول:

- ‌الشرط الأول:

- ‌الشرط الثاني:

- ‌الشرط الثالث:

- ‌القول الثاني:

- ‌الفرع الثانيفي بيع بدل القرض على من هو عليه بثمن مؤجل

- ‌القول الأول:

- ‌القول الثاني:

- ‌القول الأول:

- ‌القول الثاني:

- ‌القول الثالث:

- ‌الفرع الرابعفي بيع بدل القرض على غير من هو عليه بثمن مؤجل

- ‌الفصل السابعفي كساد النقود

- ‌القول الأول:

- ‌وجه التفريق بين دين القرض ودين المعاوضة:

- ‌ويناقش:

- ‌القول الثاني:

- ‌وجه القول بوجوب المثل مطلقًا:

- ‌القول الثالث:

- ‌الراجح:

- ‌الباب الثانيشروط القرض

- ‌الفصل الأولما يشترط في المقرض

- ‌الشرط الأول:

- ‌القول الأول:

- ‌القول الثاني: مذهب المالكية

- ‌القول الثالث: مذهب الشافعية

- ‌القول الرابع: مذهب الحنابلة

- ‌الراجح:

- ‌الشرط الثاني:

- ‌المسألة الأولى:

- ‌القول الأول:

- ‌القول الثاني:

- ‌المسألة الثانية:

- ‌القول الأول:

- ‌القول الثاني:

- ‌وجه القول بالكراهة:

- ‌القول الثالث:

- ‌ويناقش:

- ‌الشرط الثالث:

- ‌الفصل الثانيما يشترط في المقترض

- ‌المبحث الأولفي الاستدانة على الوقف

- ‌القول الأول:

- ‌القول الثاني:

- ‌وجه القول بذلك:

- ‌القول الثالث: مذهب الشافعية:

- ‌الراجح:

- ‌المبحث الثانيفي الاستدانة على بيت المال

- ‌الدليل من السنة:

- ‌الدليل من الإجماع:

- ‌الدليل من القياس:

- ‌الشرط الأول:

- ‌الشرط الثاني:

- ‌الشرط الثالث:

- ‌فرعكل من أدى عن غيره واجبًا فله أن يرجع به عليه، إذا لم يكن متبرعًا

- ‌القول الأول:

- ‌القول الثاني:

- ‌ويناقش:

- ‌ الراجح:

- ‌المبحث الثالثفي اقتراض الولي والوصي للصغير

- ‌الراجح:

- ‌الفصل الثالثفي شروط المال المقرض

- ‌الشرط الأولفي اشتراط أن يكون القرض في المثليات

- ‌القول الأول:

- ‌القول الثاني:

- ‌القول الثالث:

- ‌وجه من قال: يشترط في القرض أن يكون مثليًا:

- ‌دليل من قال: يشترط أن يصح السلم في المال المقرض:

- ‌الدليل الأول:

- ‌‌‌الدليل الثاني:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌دليل من قال: يجوز القرض في القيميات:

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌الدليل الرابع:

- ‌الدليل الخامس:

- ‌الراجح:

- ‌فرعفي إقراض الخبز

- ‌القول الأول:

- ‌وعللوا ذلك:

- ‌القول الثاني:

- ‌القول الثالث:

- ‌الشرط الثانيفي اشتراط أن يكون المقرض عينا

- ‌وصورة قرض المنافع:

- ‌القول الأول:

- ‌ويتعقب:

- ‌وجه المنع من إقراض المنافع:

- ‌وجه المنع عند الحنفية:

- ‌وسبب كون المنافع ليست مالًا عندهم:

- ‌القول الثاني:

- ‌القول الثالث:

- ‌وجه القول بصحة إقراض المنافع:

- ‌الوجه الأول:

- ‌الوجه الثاني:

- ‌الراجح:

- ‌الشرط الثالثأن يكون المقرض معلوما

- ‌الدليل على اشتراط معرفة القرض قدرًا وصفة:

- ‌الدليل الأول:

- ‌وجه الاستدلال بالحديث من وجهين:

- ‌الوجه الأول:

- ‌الوجه الثاني:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌فرعفي إقراض المكيل وزنًا والعكس

- ‌القول الأول:

- ‌وأما وجه المنع عند القفال:

- ‌القول الثاني:

- ‌القول الثالث:

- ‌الراجح:

- ‌الباب الثالثفي الشروط الجعلية في القرض

- ‌الشرط الأولفي اشتراط الأجل في القرض

- ‌القول الأول:

- ‌دليل من قال: القرض لا يقبل التأجيل:

- ‌الدليل الأول:

- ‌وجه الاستدلال:

- ‌ويجاب عن ذلك:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌ويناقش:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌ويناقش من وجهين:

- ‌الوجه الأول:

- ‌الوجه الثاني:

- ‌الدليل الرابع:

- ‌ويناقش:

- ‌الدليل الخامس:

- ‌‌‌ويناقش:

- ‌ويناقش:

- ‌الدليل السادس:

- ‌القول الثاني:

- ‌دليل من قال: القرض يقبل التأجيل:

- ‌الدليل الأول:

- ‌وجه الاستدلال:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌وجه الاستدلال:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌الدليل الرابع:

- ‌وجه الاستدلال:

- ‌الدليل الخامس:

- ‌الدليل السادس:

- ‌الراجح:

- ‌فرعفي تأجيل القرض إذا لم يشرط في العقد

- ‌القول الأول:

- ‌القول الثاني:

- ‌الراجح:

- ‌الشرط الثانيألا يشترط في عقد القرض عقدًا آخر

- ‌المبحث الأولفي اشتراط عقود المعاوضات مع عقد البيع

- ‌دليل القول بالتحريم:

- ‌الدليل الأول:

- ‌وجه الاستدلال:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌فرعفي اجتماع القرض مع البيع بدون شرط

- ‌القول الأول:

- ‌القول الثاني:

- ‌القول الثالث:

- ‌القول الرابع:

- ‌دليل من قال: لا يجوز جمع البيع مع القرض ولو بدون شرط:

- ‌دليل من قال يجوز إذا كان بغير شرط:

- ‌دليل من قال: يجوز إذا لم يكن فيه محاباة لانتفاء التهمة:

- ‌الراجح:

- ‌فرعفي‌‌ جمعية الموظفين

- ‌ جمعية الموظفين

- ‌المسألة الأولىفي جمعية الموظفين إذا كانت خالية من الشروط

- ‌القول الأول:

- ‌القول الثاني:

- ‌دليل من قال: بالجواز:

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌الدليل الرابع:

- ‌دليل من قال: لا يجوز:

- ‌الدليل الأول:

- ‌ونوقش هذا:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌ويناقش:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌ويناقش:

- ‌الدليل الخامس:

- ‌الوجه الأول:

- ‌الوجه الثاني:

- ‌الوجه الثالث:

- ‌الوجه الرابع:

- ‌الوجه الخامس:

- ‌الراجح:

- ‌المسألة الثانيةفي جمعية الموظفين إذا اقترنت بالشروط

- ‌المطلب الأولأن يشترط في العقد ألا ينسحب أحد

- ‌المطلب الثانيإذا اشترط في العقد دورة ثانية فأكثر

- ‌المبحث الثالثفي اشتراط الجعل مقابل أن يأتيه بمن يقرضه

- ‌القول الأول:

- ‌دليل من قال: يجوز أخذ الجعل على الجاه مطلقًا:

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌القول الثاني:

- ‌الدليل على تحريم أخذ الجعل:

- ‌الدليل الأول:

- ‌‌‌ويناقش:

- ‌ويناقش:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌ويجاب:

- ‌القول الثالث:

- ‌واستدل أصحاب هذا القول:

- ‌الراجح:

- ‌المبحث الرابعفي اجتماع القرض مع الشركة

- ‌القول الأول:

- ‌القول الثاني:

- ‌الراجح:

- ‌المسألة الأولى:

- ‌القول الأول:

- ‌القول الثاني:

- ‌المسألة الثانية:

- ‌المسألة الثالثة:

- ‌المسألة الرابعة:

- ‌المسألة الخامسة:

- ‌القول الأول:

- ‌القول الثاني:

- ‌القول الثالث:

- ‌القول الرابع:

- ‌أدلة من قال: يمنع السفتجة مطلقًا:

- ‌الدليل الأول:

- ‌وأجيب عن الحديث:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌وجه الاستدلال:

- ‌ويناقش:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌‌‌ويناقش:

- ‌ويناقش:

- ‌الدليل الرابع:

- ‌وجه الاستدلال:

- ‌الدليل الخامس:

- ‌ويناقش:

- ‌الدليل السادس:

- ‌دليل من قال بجواز السفتجة مطلقًا:

- ‌الدليل الأول:

- ‌‌‌ويناقش:

- ‌ويناقش:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌ويناقش:

- ‌الدليل الرابع:

- ‌دليل من قال بالجواز إذا لم يكن لحمل القرض مؤنة:

- ‌الراجح:

- ‌الشرط الرابعاشتراط الزيادة في مقابل القرض

- ‌وجه الاستدلال:

- ‌الشرط الخامساشتراط الوفاء بأنقص

- ‌القول الأول:

- ‌دليل من قال: يصح القرض ويفسد الشرط:

- ‌الدليل الأول:

- ‌ويناقش:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌وجه الاستدلال:

- ‌ويناقش:

- ‌ويناقش من وجوه:

- ‌الوجه الأول:

- ‌الوجه الثاني:

- ‌الوجه الثالث:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌ويجاب:

- ‌القول الثاني:

- ‌وجه القول بالصحة:

- ‌الوجه الأول:

- ‌الوجه الثاني:

- ‌الوجه الثالث:

- ‌القول الثالث:

- ‌وجه هذا القول:

- ‌ويناقش:

- ‌الراجح:

- ‌الشرط السادسفي اشتراط توثيق القرض

- ‌المبحث الأولفي توثيق القرض بالكتابة

- ‌القول الأول:

- ‌دليل من قال: الكتابة ليست واجبة:

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌الدليل الرابع:

- ‌القول الثاني:

- ‌دليل من قال: يجب توثيق الدين بالكتابة

- ‌الدليل الأول:

- ‌وجه الاستدلال:

- ‌وأجيب عن الآية بجوابين:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌ويناقش:

- ‌القول الثالث:

- ‌القول الرابع:

- ‌الراجح:

- ‌فرعفي الحكم بالخط المجرد

- ‌القول الأول:

- ‌دليل من قال: لا يعمل بالخط بمجرده:

- ‌الدليل الأول:

- ‌وأجيب:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌القول الثاني:

- ‌دليل القائلين بصحة الشهادة على الخط:

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌وجه الاستدلال:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌ونوقش هذا:

- ‌الدليل الرابع:

- ‌الراجح:

- ‌المبحث الثانيفي توثيق القرض بالشهادة

- ‌القول الأول:

- ‌دليل من قال: لا يجب الإشهاد على الدين:

- ‌الدليل الأول:

- ‌وجه الاستدلال:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌القول الثاني:

- ‌دليل من قال: الإشهاد واجب:

- ‌الدليل الأول:

- ‌وجه الاستدلال:

- ‌وأجيب من وجهين:

- ‌الوجه الأول:

- ‌الوجه الثاني:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌وأجيب بجوابين:

- ‌الراجح:

- ‌القول الأول:

- ‌الدليل على صحة الرهن في الحضر:

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌القول الثاني:

- ‌واستدلوا على ذلك:

- ‌وجه الاستدلال:

- ‌ونوقش:

- ‌القول الثالث:

- ‌الراجح:

- ‌الشرط السابعفي اشتراط رد عين القرض

- ‌فالجواب:

- ‌الباب الرابعفي انتهاء القرض

- ‌واستدل الجمهور:

- ‌وجه الاستدلال:

- ‌وأجيب:

- ‌ورد هذا:

- ‌عقد الهبة

- ‌التمهيد

- ‌المبحث الأولتعريف الهبة

- ‌تعريف الحنفية:

- ‌تعريف الشافعية:

- ‌تعريف الحنابلة:

- ‌المبحث الثانيالتفريق بين الهبة وبين الوصية والصدقة

- ‌التفريق بين الهبة والصدقة:

- ‌الفرق بين الهبة والوصية:

- ‌الباب الأولفي حكم الهبة وبيان أركانها

- ‌الفصل الأولفي حكم الهبة

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌الدليل الرابع:

- ‌الدليل الخامس:

- ‌الدليل السادس:

- ‌الفصل الثانيفي أركان الهبة

- ‌المبحث الأولفي اشتراط الفورية بالقبول

- ‌وللجواب على ذلك نقول:

- ‌القول الأول:

- ‌دليل من قال: يصح القبول على التراخي:

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌القول الثاني:

- ‌حجة الشافعية في وجوب اتصال القبول بالإيجاب:

- ‌الحجة الأولى:

- ‌ويجاب:

- ‌الحجة الثانية:

- ‌ويرد عليهم:

- ‌القول الثالث:

- ‌حجة هذا القول:

- ‌الحجة الأولى:

- ‌الحجة الثانية:

- ‌الراجح:

- ‌المبحث الثانيانقسام ألفاظ الهبة إلى صريح وكناية

- ‌المعنى الأول:

- ‌المعنى الثاني:

- ‌المبحث الثالثفي انعقاد الهبة بالمعاطاة

- ‌القول الأول:

- ‌القول الثاني:

- ‌القول الثالث:

- ‌القول الرابع:

- ‌المبحث الرابعفي انعقاد الهبة بالإشارة

- ‌القول الأول:

- ‌القول الثاني:

- ‌القول الأول:

- ‌القول الثاني:

- ‌المبحث الخامسفي تعليق الهبة وإضافتها إلى المستقبل

- ‌تعريف التعليق اصطلاحاً

- ‌القول الأول:

- ‌القول الثاني:

- ‌القول الثالث:

- ‌دليل من أبطل الهبة بالتعليق:

- ‌الدليل الأول:

- ‌ويجاب عن ذلك:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌ويجاب من ثلاثة وجوه:

- ‌الوجه الأول:

- ‌الوجه الثاني:

- ‌الوجه الثالث:

- ‌دليل من قال: يصح تعليق الهبة:

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌وجه الاستدلال:

- ‌وأجيب بجوابين:

- ‌ورد هذا:

- ‌الراجح:

- ‌المبحث السادسفي حكم الوعد بالهبة

- ‌القول الأول:

- ‌واستدلوا على ذلك بأدلة، منها:

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌القول الثاني:

- ‌وجه قول المالكية:

- ‌القول الثالث:

- ‌وجه قول الحنفية:

- ‌الفرق بين قول الحنفية وبين قول أصبغ:

- ‌القول الرابع:

- ‌وقد استدلوا بأدلة منها:

- ‌الدليل الأول:

- ‌وجه الاستدلال:

- ‌ونوقش:

- ‌وأجيب:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌ونوقش الاستدلال بالحديث:

- ‌وأجيب:

- ‌القول الخامس:

- ‌الراجح:

- ‌الباب الثانيفي شروط الهبة

- ‌الفصل الأولفي شروط الواهب

- ‌الشرط الأولأن يكون الواهب من أهل التبرع

- ‌الفرع الأولفي هبة الصبي والمجنون

- ‌الفرع الثانيفي هبة المحجور عليه لفلس

- ‌الفرع الثالثفي هبة السكران

- ‌القول الأول:

- ‌القول الثاني:

- ‌القول الثالث:

- ‌القول الرابع:

- ‌الفرع الرابعفي هبة الأب والوصي من مال الصغير

- ‌القول الأول:

- ‌حجة هذا القول:

- ‌القول الثاني:

- ‌وجه هذا القول:

- ‌الراجح:

- ‌الفرع الخامسفي هبة الشريك من مال شريكه

- ‌القول الأول:

- ‌القول الثاني:

- ‌سبب الخلاف:

- ‌الراجح:

- ‌الفرع السادسفي هبة المريض مرض الموت

- ‌المسألة الأولىفي تعريف مرض الموت

- ‌القول الأول:

- ‌القول الثاني:

- ‌وأما ما أشكل أمره من الأمراض:

- ‌الراجح:

- ‌المسألة الثانيةخلاف العلماء في هبة المريض

- ‌القول الأول:

- ‌دليل من قال: له حكم الوصية:

- ‌الدليل الأول:

- ‌ونوقش هذا الحديث من وجهين:

- ‌الوجه الأول:

- ‌ويجاب:

- ‌الوجه الثاني:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌وجه الاستدلال:

- ‌وأجيب:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌وجه الاستدلال:

- ‌ونوقش من وجهين:

- ‌الوجه الأول:

- ‌الوجه الثاني:

- ‌الدليل الرابع:

- ‌وجه الاستدلال:

- ‌القول الثاني:

- ‌حجة هذا القول:

- ‌القول الثالث:

- ‌حجة هذا القول:

- ‌الدليل الأول:

- ‌وجه الاستدلال:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌الراجح:

- ‌المسألة الثالثةفي هبة المريض إذا لم يكن له وارث

- ‌القول الأول:

- ‌القول الثاني:

- ‌المسألة الرابعةفي اشتراط القبض في هبة المريض

- ‌القول الأول:

- ‌القول الثاني:

- ‌القول الثالث:

- ‌سبب الخلاف:

- ‌الفرع السابعفي هبة الحامل

- ‌القول الأول:

- ‌وجه من قال: إذا ضربها الطلق صار مخوفًا:

- ‌القول الثاني:

- ‌حجة هذا القول:

- ‌القول الثالث:

- ‌حجة هذا القول:

- ‌الدليل الأول:

- ‌وجه الاستدلال:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌الدليل الرابع:

- ‌القول الرابع:

- ‌حجة هذا القول:

- ‌الراجح:

- ‌الفرع الثامنفي هبة المرتد

- ‌القول الأول:

- ‌وجه كون تصرفه موقوفًا:

- ‌القول الثاني:

- ‌حجة هذا القول:

- ‌القول الثالث:

- ‌وحجتهما في صحة هبته:

- ‌الحجة الأولى:

- ‌الحجة الثانية:

- ‌القول الرابع:

- ‌الراجح:

- ‌الشرط الثانيأن يكون الواهب مالكًا أو مأذونا له في التبرع

- ‌المبحث الثانيفي صحة هبة الفضولي

- ‌القول الأول:

- ‌القول الثاني:

- ‌القول الثالث:

- ‌وجه الفرق بين البيع والهبة:

- ‌الشرط الثالثأن يكون الواهب راضيا

- ‌المبحث الأولفي هبة الهازل

- ‌القول الأول:

- ‌القول الثاني:

- ‌المبحث الثانيفي هبة التلجئة

- ‌تعريف التلجئة:

- ‌القول الأول:

- ‌القول الثاني:

- ‌القول الثالث:

- ‌سبب الخلاف في هذه المسألة:

- ‌الفصل الثانيفي شروط الموهوب له

- ‌الشرط الأولأن يكون الموهوب له أهلًا للتملك

- ‌القول الأول:

- ‌ويناقش:

- ‌القول الثاني:

- ‌وجه كون القبول من الصبي لا يعتد به:

- ‌الراجح:

- ‌الشرط الثانيفي اشتراط وجود الموهوب له

- ‌القول الأول:

- ‌وجه القول بعدم الصحة:

- ‌الوجه الأول:

- ‌الوجه الثاني:

- ‌ونوقش هذا:

- ‌القول الثاني:

- ‌دليل من قال: تصح الهبة للمعدوم:

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الراجح:

- ‌مبحثفي الهبة للحمل

- ‌القول الأول:

- ‌وجه القول بعدم الصحة:

- ‌تعليل الحنفية:

- ‌تعليل الشافعية

- ‌تعليل الحنابلة:

- ‌القول الثاني:

- ‌الراجح:

- ‌الشرط الثالثفي اشتراط أن يكون الموهوب له معينا

- ‌القول الأول: أن الهبة باطلة

- ‌وجه القول بالبطلان:

- ‌القول الثاني:

- ‌الفصل الثالثفي شروط الموهوب

- ‌الشرط الأولفي اشتراط كون الموهوب مالا

- ‌القول الأول:

- ‌القول الثاني:

- ‌الراجح:

- ‌القول الأول:

- ‌دليل من قال: لا تصح هبة المعدوم:

- ‌الدليل الأول:

- ‌ويناقش:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌ويناقش من وجهين:

- ‌الوجه الأول:

- ‌الوجه الثاني:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌‌‌ويناقشمن وجهين:

- ‌ويناقش

- ‌الوجه الأول:

- ‌الوجه الثاني:

- ‌الدليل الرابع:

- ‌القول الثاني:

- ‌حجة القول بجواز هبة المعدوم:

- ‌الراجح:

- ‌الشرط الثالثفي اشتراط العلم بالموهوب

- ‌القول الأول:

- ‌القول الثاني:

- ‌حجة من قال: لا تصح هبة المجهول:

- ‌ويناقش:

- ‌دليل من قال: تصح هبة المجهول:

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌وجه الاستدلال:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌وجه الاستدلال:

- ‌ويجاب:

- ‌الدليل الرابع:

- ‌الدليل الخامس:

- ‌الراجح:

- ‌مبحثفي هبة المرهون

- ‌القسم الأول:

- ‌سبب الخلاف:

- ‌القول الأول:

- ‌حجة هذا القول:

- ‌القول الثاني:

- ‌وحجتهم:

- ‌القول الأول:

- ‌القول الثاني:

- ‌وجه قول ابن رشد:

- ‌القسم الثاني:

- ‌القول الأول:

- ‌حجة الحنفية على كون العقد موقوفًا على الإجازة:

- ‌القول الثاني:

- ‌وجه القول بعدم الصحة:

- ‌القول الثالث:

- ‌حجة هذا القول:

- ‌الراجح:

- ‌الشرط الرابعفي اشتراط أن يكون الموهوب مقسوما غير مشاع

- ‌القول الأول:

- ‌القول الثاني:

- ‌دليل الحنفية على أن هبة المشاع لا تصح:

- ‌الدليل الأول:

- ‌ويجاب من ثلاثة أوجه:

- ‌الوجه الأول:

- ‌الوجه الثاني:

- ‌الوجه الثالث:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌وجه الاستدلال:

- ‌ويجاب:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌الدليل الرابع:

- ‌وأجيب بأجوبة منها:

- ‌الدليل الخامس:

- ‌دليل من قال: تصح هبة المشاع مطلقًا:

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌الدليل الرابع:

- ‌الدليل الخامس:

- ‌الباب الثالثفي أحكام الهبة

- ‌الفصل الأولفي هبة الثواب

- ‌المبحث الأولتعريف هبة الثواب

- ‌المبحث الثانيفي اشتراط العوض في الهبة

- ‌الفرع الأولأن يكون العوض معلوما

- ‌الفرع الثانيأن يشترط عوضا مجهولا

- ‌المبحث الثالثفي هبة الثواب إذا لم يشترط فيها العوض

- ‌الفصل الثانيمنزلة القبض في عقد الهبة

- ‌الفصل الثالثفي توصيف عقد الهبة

- ‌المبحث الأولفي لزوم الهبة

- ‌المبحث الثانيفي اشتراط إذن الواهب في القبض

- ‌المبحث الثالثإذا كان الموهوب في يد المتهب

- ‌المبحث الرابعفي قبض الموهوب المشغول بمتاع الواهب

- ‌الفصل الرابعفي التصرف في الهبة والصدقة قبل قبضها

- ‌الفصل الخامسفي هبة الدين

- ‌المبحث الأولفي هبة الدين لمن هو عليه

- ‌فرعفي إبراء المدين من دين مجهول

- ‌المبحث الثانيفي هبة الدين لغير من هو عليه

- ‌الفصل السادسفي استحقاق الهبة

- ‌الفصل السابعفي الرجوع عن الهبة

- ‌المبحث الأولفي رجوع الواهب الأجنبي في هبته

- ‌المبحث الثانيفي رجوع الأب في هبته

- ‌فرعفي شروط رجوع الأب

- ‌المبحث الثالثفي رجوع الأم والجد والجدة

- ‌الفصل الثامنفي التسوية بين الأولاد في العطية

- ‌مبحثفي صفة التسوية

- ‌الباب الرابعفي العمرى والرقبى

- ‌الفصل الأولفي العمرى

- ‌المبحث الأولفي تعريف العمرى

- ‌المبحث الثانيفي حكم العمرى التكليفي

- ‌المبحث الثالثفي توصيف العمرى

- ‌الفرع الأولفي العمرى له ولعقبه من بعده

- ‌الفرع الثانيالعمرى المطلقة

- ‌الفرع الثالثأن يشترط رجوعها له بعد موته

- ‌الفصل الثانيفي الرقبى

- ‌المبحث الأولفي تعريف الرقبى

- ‌المبحث الثانيفي حكم الرقبى

الفصل: ‌المبحث الأولفي لزوم الهبة

‌الفصل الثالث

في توصيف عقد الهبة

‌المبحث الأول

في لزوم الهبة

تكلمنا في المبحث السابق عن منزلة القبض في الهبة، هل هو ركن، أو شرط للصحة، وسنتكلم في هذا الفصل، عن عقد الهبة، هل هو عقد جائز، أو عقد لازم، وإذا كان لازمًا فمتى يلزم، هل يلزم بالعقد، أو يلزم بالقبض؟

وللجواب على ذلك نقول:

[م-1864] اتفق العلماء على أن الملك يثبت بالإيجاب والقبول والقبض.

واختلفوا هل تلزم الهبة بإيجاب وقبول خال من القبض؟ على ثلاثة أقوال:

القول الأول:

الهبة عقد جائز لا تلزم بالقبض، وإن كان القبض يحصل به الملك للموهوب له ملكًا غير لازم، ولا تلزم الهبة إلا بأمرين:

الأول: أن يُعوَّض الواهب عن هبته، فإذا عوض عنها سقط حقه بالرجوع فيها، وإذا لم يعوض عنها صاحبها فإن الواهب يملك حق الرجوع فيها، ولو بعد القبض، ولا بد من التصريح بأن ما يدفعه عوض عن الهبة، كأن يقول: هذا عوض، أو بدل هبتك، ونحو ذلك، ويكون العوض مع ذلك هبة يصح بما تصح به الهبة، ويبطل بما تبطل به، فأما إذا لم يضف العوض إلى الهبة

ص: 567

الأولى فإنها تكون هبة مبتدأة، ويثبت حق الرجوع في الهبتين جميعًا؛ وذلك لأن التمليك المطلق يحتمل الابتداء، ويحتمل المجازاة، فلا يبطل حق الرجوع بالشك.

الثاني: أن يوجد ما يمنع من الرجوع كاستهلاك الموهوب، وزيادته زيادة متصلة، وتصرف الموهوب فيه بإخراجه عن ملكه، أو موت أحدهما، ونحو ذلك فإذا وجد مثل ذلك لزمت الهبة، فلا يملك الواهب حق الرجوع فيها. وهذا مذهب الحنفية

(1)

.

قال الشلبي: «حكم الهبة وقوع الملك للموهوب له ملكًا غير لازم، وفائدته صحة الرجوع»

(2)

.

قال الزيلعي: «إذا وهب لشخص هبة، وقبضها، وليس فيه ما يمنع الرجوع من زيادة، وموت أحدهما، وعوض، وخروج عن الملك، وزوجية، وقرابة محرمة للنكاح، وهلاك الموهوب، جاز الرجوع في الهبة»

(3)

.

وقال السرخسي: «إذا وهب لأجنبي شيئًا، فله أن يرجع في الهبة عندنا - ما لم يعوض منها في الحكم - وإن كان لا يستحب له ذلك بطريق الديانة»

(4)

.

(1)

. العناية شرح الهداية (9/ 38)، المبسوط (12/ 82، 53، 56)، تحفة الفقهاء (3/ 166 - 167)، بدائع الصنائع (6/ 128)، تبيين الحقائق (5/ 97 - 99)، الهداية شرح البداية (3/ 225)، البحر الرائق (7/ 292)، حاشية ابن عابدين (5/ 701).

(2)

. حاشية الشلبي على تبيين الحقائق (5/ 97).

(3)

. تبيين الحقائق (5/ 97 - 98).

(4)

. المبسوط (12/ 53).

ص: 568

القول الثاني

أن الهبة عقد لازم، وهذا مذهب المالكية، والشافعية والحنابلة، على خلاف بينهم:

هل تلزم الهبة بمجرد العقد بحيث يطالب الموهوب له الواهب قضاء بالتسليم إذا تم الإيجاب والقبول؟

أو لا تلزم الهبة، ولا تملك إلا بالقبض، ويحق للواهب الرجوع عن الهبة قبل التقابض؟

أو يفرق بين هبة الدين وبين هبة العين.

أو تكون موقوفة؟ على خمسة أقوال بينهم، هذا تفصيلها:

القول الأول:

الهبة تلزم بمجرد العقد، ولا يحق له الرجوع بالهبة ويحكم عليه بها ولو لم يقبضها، ولا تتم إلا بالحيازة، وهذا مذهب المالكية

(1)

.

وذهب أبو ثور وابن أبي ليلى والإمام أحمد في رواية اختارها جماعة من أصحابه، إلى أن الهبة تملك بالعقد، ولا تفتقر إلى القبض مطلقًا

(2)

.

قال ابن عبد البر: «وقال أبو ثور وأحمد بن حنبل: تصح الهبة والصدقة غير مقبوضة»

(3)

.

(1)

. البيان والتحصيل (13/ 433)، المقدمات الممهدات (2/ 408، 413)، بداية المجتهد (2/ 247)، القوانين الفقهية (ص: 242)، شرح الخرشي (7/ 105)، الشرح الكبير للدردير (4/ 101).

(2)

. عمدة القارئ شرح صحيح البخاري (13/ 156)، الاستذكار (7/ 232).

(3)

. الاستذكار (7/ 232).

ص: 569

وقال ابن رشد: «الذي ذهب إليه مالك رحمه الله، وجميع أصحابه، أنها تلزم بالقول، وتجب به، وتفتقر إلى الحيازة، فيحكم على الواهب، أو المتصدق بدفعها ما لم يمرض أو يفلس»

(1)

.

وجاء في بداية المجتهد: «قال مالك: ينعقد بالقبول، ويجبر على القبض كالبيع سواء، فإن تأنى الموهوب له عن طلب القبض حتى أفلس الواهب، أو مرض، بطلت الهبة»

(2)

.

القول الثاني:

لا تلزم الهبة، ولا تملك إلا بالقبض، وله الرجوع فيها قبل التقابض، وهذا مذهب الشافعية وإحدى الروايتين عن الحنابلة

(3)

.

قال في الحاوي: «أما القبض فهو من تمام الهبة لا تملك إلا به، وهو قول أهل العراق»

(4)

.

وفي البيان في مذهب الإمام الشافعي: «ولا تلزم الهبة إلا بالقبض: فإذا وهب لغيره عينًا فالواهب بالخيار: إن شاء أقبض الموهوب له، وإن شاء لم يقبضه»

(5)

.

(1)

. المقدمات الممهدات (2/ 408).

(2)

. بداية المجتهد (2/ 247).

(3)

. الحاوي الكبير (7/ 535)، البيان للعمراني (8/ 114)، روضة الطالبين (5/ 378)، نهاية المحتاج (5/ 409)، حاشية البجيرمي على الخطيب (3/ 263)، المحرر (1/ 374)، الإنصاف (7/ 119) ..

(4)

. الحاوي الكبير (7/ 535).

(5)

. البيان للعمراني (8/ 114).

ص: 570

وجاء في إعانة الطالبين: «ظاهره أن الهبة تملك بالعقد، ولا تلزم إلا بالقبض، وليس كذلك، بل لا تملك، ولا تلزم إلا بالقبض»

(1)

.

وجاء في الإنصاف: «قوله: (وتلزم بالقبض) يعني: ولا تلزم قبله. وهذا إحدى الروايتين. وهو المذهب مطلقا. جزم به في الوجيز، وغيره

»

(2)

.

وجاء في المحرر: «ولا تلزم الهبة، ولا تملك إلا مقبوضة بإذن الواهب»

(3)

.

القول الثالث:

التفريق بين هبة ما يتعلق به حق استيفاء من كيل أو وزن، أو عد أو ذرع، وبين هبة المتميز، فالأولى لا تصح إلا بالقبض، كما لو أهداه كيلًا معلومًا من صبرة من طعام، وأما هبة المتميز ففيها قولان: أحدهما: تلزم بالعقد، والثاني: تلزم بالقبض.

وفسر ابن قدامة نفي الصحة باللزوم، وإلا فهي صحيحة قبل القبض.

جاء في الإنصاف: «ظاهر كلام الخرقي، وطائفة: أن ما يكال ويوزن لا يصح إلا مقبوضًا. قال الخرقي: ولا تصح الهبة والصدقة، فيما يكال ويوزن، إلا بقبضه. قال في الانتصار، في البيع بالصفة: القبض ركن في غير المتعين، لا يلزم العقد بدونه. نقله الزركشي. وصححه الحارثي»

(4)

.

(1)

. إعانة الطالبين (3/ 174).

(2)

. الإنصاف (7/ 119).

(3)

. المحرر (1/ 374).

(4)

. الإنصاف (7/ 120).

ص: 571

قال ابن قدامة: «وقول الخرقي (لا يصح). يحتمل أن يريد: لا يلزم. ويحتمل أن يريد: لا يثبت بها الملك قبل القبض، فإن حكم الملك حكم الهبة، والصحة اعتبار الشيء في حق حكمه. وأما الصحة بمعنى انعقاد اللفظ بحيث إذا انضم إليه القبض اعتبر وثبت حكمه، فلا يصح حمل لفظه على نفيه، لعدم الخلاف فيه»

(1)

.

وجاء في قواعد ابن رجب: «أما الرهن والهبة، فهل يعتبر القبض فيهما في جميع الأعيان، أو في المبهم غير المتميز، كقفيز من صبرة؟ على روايتين»

(2)

.

وفي الإنصاف «قال الزركشي: لا يفتقر المعين إلى القبض عند القاضي وعامة أصحابه، وقدمه في المغني، وابن رزين في شرحه، وأطلقهما في الكافي، والشرح، والتلخيص والهداية، والمستوعب»

(3)

.

وجاء فيه أيضًا: «وعنه ـ يعني عن الإمام أحمد ـ تلزم في متميز بالعقد»

(4)

.

القول الرابع:

أن الملك فيها يقع مراعى، فإن وجد القبض تبينا أنه كان للموهوب بقبوله وإلا فهو للواهب. وهذا أحد القولين في مذهب الشافعية، ووجه ثالث عند الحنابلة حكي عن ابن حامد

(5)

.

(1)

. المغني (5/ 380).

(2)

. القواعد (ص: 78).

(3)

. الإنصاف (7/ 120).

(4)

. المرجع السابق (7/ 121).

(5)

. روضة الطالبين (5/ 375)، الحاوي الكبير (3/ 371)، الإنصاف (7/ 121).

ص: 572

ويتفرع على هذا الخلاف:

الملك في الزيادة الحادثة بين العقد والقبض لمن تكون.

فعلى هذا القول يكون الملك فيها للموهوب له، وعلى القول بأن الهبة لا تلزم ولا تملك إلا بالقبض يكون الملك في الزيادة المنفصلة للواهب، ومثله في تحمل النفقات.

جاء في الحاوي الكبير: «لو وهب رجل لرجل عبدًا قبل شوال، ثم أقبضه العبد بعد شوال، في زكاة فطره قولان مبنيان على اختلاف قوليه في الهبة متى تملك؟

فأحد قوليه: تملك بالقبض، فعلى هذا زكاة فطره على الواهب، لأنه كان في ملكه حتى أهل شوال.

والقول الثاني: أنه يملك بالعقد ملكًا موقوفًا على القبض، فعلى هذا زكاة الفطر على الموهوب له؛ لأنه كان على ملكه حين أهل شوال»

(1)

.

القول الخامس:

التفريق بين الهبة والصدقة، فالصدقة تلزم بالقول بخلاف الهبة، فإنها لا تلزم إلا بالقبض، وهذا قول في مذهب الشافعية.

هذه هي الأقوال في المسألة، وملخصها كالتالي:

الأول: الهبة عقد جائز، لا تلزم بالقبض، وإنما تلزم بأمور منها: التعويض عنها، أو التصريف فيها. وهذا مذهب الحنفية.

(1)

. الحاوي الكبير (3/ 371).

ص: 573

الثاني: الهبة تلزم بالعقد، وهذا مذهب المالكية، وقول في مذهب الشافعية، وقول في مذهب الحنابلة.

الثالث: الهبة لا تملك، ولا تلزم إلا بالقبض، وهذا مذهب الشافعية، والمشهور من مذهب الحنابلة.

الرابع: الهبة تلزم بالعقد إلا إذا تعلق في الموهوب حق استيفاء من كيل، أو وزن، أو عد، أو ذرع.

وإذا عرفنا الأقوال نأتي على ذكر أدلة كل قول إن شاء الله تعالى:

أدلة الحنفية على أن الهبة عقد غير لازم وله الرجوع فيها:

مسألة حكم الرجوع في الهبة بعد القبض سيكون محل بحث في فصل مستقل، وهناك أستوفي إن شاء الله تعالى أدلة الحنفية على تلك المسألة.

دليل من قال: الهبة تلزم بالعقد:

الدليل الأول:

قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة:1].

وجه الاستدلال:

العقد في اللغة وفي الإصطلاح: هو الإيجاب والقبول، فإذا تم الإيجاب والقبول في الهبة فقد تم العقد، وأمر الله بالوفاء به، ولا يتوقف الأمر على قبض ونحوه، (والعقود) جمع يشمل كل عقد تم بين متعاقدين، لا فرق بين عقد وآخر.

ص: 574

ونوقش هذا:

أن المراد بالآية لازم العقود، حتى البيع قبل لزومه لا يجب الوفاء به كما لو كان فيه خيار شرط ونحوه، فكذلك عقد الهبة لا يجب الوفاء به قبل لزومه، وهو لا يلزم إلا إذا قبض، بدليل ما فهمه الصحابة رضي الله عنهم؛ لأنهم أقرب إلى فهم النصوص، لقربهم من التنزيل، وأخذهم عن الرسول صلى الله عليه وسلم.

ورد هذا:

القول بأن الهبة لا تلزم إلا بالقبض استدلال في محل النزاع، وفهم الصحابة دليل على أن عقد الهبة يفتقر إلى الحيازة، وهذا لا يعني أنه لم ينعقد، فالهبة كغيرها من العقود تنعقد بالإيجاب والقبول، واستثناء الهبة من سائر العقود يحتاج إلى دليل، وإذا كانت العقود الربوية تنعقد بالإيجاب والقبول، وإن كان القبض شرطًا في استمرارها على الصحة، فالهبة من باب أولى؛ لأن تأخر القبض في الهبة لا يمنع من استمرار انعقادها، وإنما كانت الحيازة من شرط تمام الهبة والصدقة؛ لأنهما لو أجيزا دون حيازة، لكان ذلك ذريعة إلى أن ينتفع الإنسان بماله طول حياته، ثم يخرجه عن ورثته بعد وفاته، وذلك ممنوع؛ لأن الله تعالى فرض الفرائض لأهلها، وتوعد على تعديها فقال:{تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [البقرة: 229]، وهذا هو ما فهمه الصحابة رضي الله عنهم.

(ث-276) فقد روى مالك من طريق ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، عن عبد الرحمن بن عبد القاري،

أن عمر بن الخطاب قال: ما بال رجال ينحلون أبناءهم نحلًا، ثم يمسكونها، فإن مات ابن أحدهم، قال: ما لي بيدي، لم

ص: 575

أعطه أحدًا، وإن مات هو، قال: هو لابني قد كنت أعطيته إياه. من نحل نحلة، فلم يحزها الذي نحلها، حتى يكون إن مات لورثته، فهي باطل

(1)

.

[صحيح].

الدليل الثاني:

(ح-1137) ما رواه البخاري من طريق ابن طاوس، عن أبيه،

عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: العائد في هبته كالكلب يقيء ثم يعود في قيئه

(2)

.

ووجه الدلالة منه

أن الحديث دال على تحريم الرجوع في الهبة، وهي تشمل المقبوضة وغيرها؛ لأن تسميتها هبة لا يتوقف على قبضها، فدل على أن القبض غير معتبر في لزوم الهبة.

ونوقش:

بأن الحديث وعيد على العائد في هبته، والعود لا يصدق إلا على ما خرج من يد الواهب ثم عاد إليه، فصار الحديث دالا على أن اللزوم لا يتم إلا بالقبض.

ورد هذا:

بأن العود في اللغة: هو الرجوع، كذا في القاموس المحيط

(3)

.

(1)

. الموطأ (2/ 753).

(2)

. صحيح البخاري (2589)، وصحيح مسلم (1622).

(3)

. القاموس المحيط (ص: 302).

ص: 576

وقال تعالى: {وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا} [الأنعام: 28]، ومن قال: إنه لا يسمى عائدًا في هبته حتى تخرج الهبة منه، ثم تعود عليه فقد ادعى شيئًا لا تدل عليه اللغة، فمن عاد عن البيع بعد انعقاده صح أن يقال: قد عاد عن بيعه، وإن كان المبيع في يده.

الدليل الثالث:

قياس الهبة على سائر العقود حيث لم يتوقف انعقادها على القبض.

ونوقش:

بأن الأدلة قد صحت في اعتبار القبض في الهبة كما سيأتي في أدلة القول الثاني، فلم يصح القياس.

ورد هذا:

بأن القبض في الهبة ليس من شروط الانعقاد، وإنما هو شرط لإتمامها، وبينهما فرق، ولن يكون اعتبار القبض في الهبة بأكثر من اعتباره في العقود الربوية، والتي جاءت النصوص الصحيحة الصريحة بوجوبه يدًا بيد قبل التفرق، ومع ذلك لا يتوقف الانعقاد فيها على القبض، فهي تنعقد بالإيجاب والقبول، والقبض شرط لاستمرار انعقادها على الصحة.

الدليل الرابع:

أن الهبة تمليك عين في حال الحياة، فوجب أن يلزم بمجرد الإيجاب والقبول كالبيع.

وأجيب:

لا يصح القياس على البيع من وجهين:

ص: 577

أحدها: أن القبض في البيع أثر من آثار العقد، وليس شرطًا للزوم البيع، ولا لإتمامه، فخالف الهبة.

الثاني: أن البيع من عقود المعاوضات، والهبة من عقود التبرع.

الدليل الخامس:

(ث-277) ما رواه مالك في الموطأ، عن داود بن الحصين، عن أبي غطفان بن طريف المري،

أن عمر بن الخطاب قال: من وهب هبة لصلة رحم، أو على وجه صدقة، فإنه لا يرجع فيها، ومن وهب هبة يرى أنه إنما أراد بها الثواب، فهو على هبته يرجع فيها إذا لم يرض منها

(1)

.

[صحيح، وسبق تخريجه]

(2)

.

الدليل السابع:

أن الهبة إزالة ملك بغير عوض فأشبه الوصية والوقف.

ونوقش هذا:

بأنه لا يصح القياس على الوقف والوصية؛ لأن الوقف إخراج ملك إلى الله تعالى، فخالف التمليكات، والوصية تلزم في حق الوارث، ولا تلزم الهبة الوارث إذا لم تقبض في حياة الواهب.

دليل من قال: لا تلزم الهبة، ولا تملك إلا بالقبض:

الدليل الأول:

(ث-278) ما رواه مالك في الموطأ، عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير،

(1)

. الموطأ (2/ 754).

(2)

. انظر تخريجه (ث 270).

ص: 578

عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، أنها قالت: إن أبا بكر الصديق كان نحلها جاد عشرين وسقاً من ماله، فلما حضرته الوفاة، قال: والله يا بنية ما من الناس أحد أحب إلى غنى بعدي منك، ولا أعز عليَّ فقراً بعدي منك، وإني كنت نحلتك جاد عشرين وسقاً، فلو كنت جددتيه واحتزتيه كان لك، وإنما هو اليوم مال وارث ....

(1)

.

وجه الاستدلال:

وهذا الأثر نص في اشتراط القبض للزوم الهبة، حيث وهبها في صحته، ولم تقبضها حتى مرض، والإقباض في مرض الموت كالعطية، والعطية للوارث لا تصح.

ويجاب من وجوه:

الوجه الأول:

أن أبا بكر رضي الله عنه قد سماها هبة، حيث يقول:(كنت نحلتك)، وهذا دليل على انعقادها بذلك، ولو كانت لا تنعقد حتى تقبض لما أطلق عليها هذا الاسم، والقبض شرط للزوم العقد، وليس لانعقاده.

الوجه الثاني:

يحتمل أن هبة أبي بكر لم تنفذ لأنها لم تكن معينة، فهي من هبة المكيل قبل كيله، وهذا لا يصح إلا مقبوضًا، ولهذا ردها أبو بكر رضي الله عنه، لا لأنها لم تقبض؛ لأن قوله: جاد عشرين وسقًا: أي وهبتك عشرين مجدودة من هذه الثمار، فهي

(1)

. الموطأ (2/ 752).

ص: 579

من قبيل هبة المكيل قبل كيله، وليس من هبة العين، كما لو وهبه قفيز بر من هذه الصبرة، فلابد فيه من القبض لصحته، ولا يصح التصرف فيه قبل قبضه.

الوجه الثالث:

أن الرد بسبب جهالة الهبة، لقوله: إني نحلتك جداد عشرين وسقًا؛ ولو باع رجل جداد عشرين وسقًا من نخل له لم يجز فيه البيع، لأن ذلك مجهول.

الوجه الرابع:

انظره في الجواب عن الدليل التالي.

الدليل الثاني:

(ث-279) روى مالك من طريق مالك، ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، عن عبد الرحمن بن عبد القاري،

أن عمر بن الخطاب قال: ما بال رجال ينحلون أبناءهم نحلًا، ثم يمسكونها، فإن مات ابن أحدهم، قال: ما لي بيدي، لم أعطه أحدًا، وإن مات هو، قال: هو لابني قد كنت أعطيته إياه. من نحل نحلة، فلم يحزها الذي نحلها، حتى يكون إن مات لورثته، فهي باطل

(1)

.

[صحيح].

ويجاب عن هذا وعن أثر أبي بكر السابق:

أن الحيازة إنما كانت شرطًا لإتمام الهبة والصدقة؛ لأنهما لو أجيزا دون حيازة، لكان ذلك ذريعة إلى أن ينتفع الإنسان بماله طول حياته، ثم يخرجه عن ورثته بعد وفاته، فلم يمنع عمر رضي الله عنه من انعقاد الهبة بالإيجاب والقبول،

(1)

. الموطأ (2/ 753).

ص: 580

ولكنه كان يمنع من الاحتفاظ بالهبة إلى الموت، والانتفاع بها، واعتبار ذلك حيلة لمنع الورثة؛ وذلك ممنوع؛ لأن الله تعالى فرض الفرائض لأهلها، وتوعد على تعديها فقال:{تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [البقرة: 229]، وهذا هو ما فهمه أبو بكر وعمر رضي الله عنهما وقد تقدم نقل ذلك.

الدليل الثالث:

(ح-1138) ما يروى عن النبي أنه قال: لا تجوز الهبة إلا مقبوضة

(1)

.

وجه الاستدلال:

أن معنى لا تجوز الهبة: أي لا يثبت الحكم وهو الملك؛ إذ الجواز ثابت قبل القبض باتفاق.

ويجاب عن الحديث:

بأن الحديث لا أصل له. قال ابن حجر في الدراية: لم أجده

(2)

.

وقال الزيلعي في نصب الراية: غريب

(3)

، وهذا يعني أنه لا أصل له، وهو مصطلح له في نصب الراية.

وقال العيني: «هذا حديث منكر لا أصل له

»

(4)

.

(1)

. المبسوط (12/ 48).

(2)

. الدراية في تخريج أحاديث الهداية (2/ 183).

(3)

. نصب الراية (4/ 121).

(4)

. البناية للعيني (10/ 161).

ص: 581

الدليل الرابع:

قال المروزي في اختلاف العلماء: «اتفق أبو بكر وعمر وعثمان على أن الهبة لا تجوز إلا مقبوضة»

(1)

.

ولم يعرف لهؤلاء مخالف فيكون إجماعًا.

ويناقش من وجهين:

الوجه الأول:

أما أثر أبي بكر وعمر فقد سبق الجواب عنهما، فلا يحتاج إلى إعادة ذلك.

(ث-280) وأما أثر عثمان فقد رواه ابن أبي شيبة من طريق الزهري، عن سعيد قال:

شكي ذلك إلى عثمان أن الولد إذا كان صغيرًا لا يحوز، فرأى أن أباه إذا وهب له وأشهد حاز

(2)

.

[صحيح].

ورد هذا:

بأن أثر أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه لا حجة فيه؛ لأن الأثر لا يتكلم على أن الهبة عقد جائز لا يلزم إلا بالقبض، والذي هو موضع النزاع، وإنما تناول أن الملك في الهبة لا يتم إلا بالحيازة، وبينهما فرق، وأن الواهب إذا كان وليًا لم يكن الملك متوقفًا على حيازة الصغير، فإذا أشهد على الهبة كانت يد الولي كيد الصغير في إتمام الملك، وليس في لزوم الهبة. فكون الملك يتم بالحيازة لا

(1)

. اختلاف العلماء للمروزي (ص: 574).

(2)

. المصنف (20496).

ص: 582

يجعل العقد ليس لازمًا قبله، والقول بأن الهبة الناجزة لا تختلف عن الوعد بالهبة إن شاء أمضاها، وإن شاء رجع فيها لا دليل عليه، بل غاية الأدلة تدل على أن الملك يتم بالحيازة، وهذا أمر مختلف.

الوجه الثاني:

على التسليم بأن رأي أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم يدل على أن الهبة لا تلزم إلا بالقبض، فإن الصحابة قد وقع بينهم خلاف في المسألة، وإذا قع خلاف لم يكن قول الصحابي حجة بمفرده، بل يطلب الترجيح من أدلة أخرى.

(ث-281) فقد روى ابن أبي شيبة، قال: حدثنا وكيع، قال: نا همام، عن قتادة، عن الحسن،

عن النضر بن أنس، قال: نحلني أبي نصف داره، فقال أبو بردة: إن سرك أن تحوز ذلك فاقبضه فإن عمر بن الخطاب «قضى في الأنحال أن ما قبض منه فهو جائز، وما لم يقبض منه فهو ميراث

(1)

.

[أثر أنس صحيح متصل، وأما أثر عمر فلا يضره الانقطاع بين أبي بردة وعمر؛ لأن أثر عمر قد ثبت عنه ذلك بسند صحيح في الموطأ، وسبق تخريجه].

وجه الاستدلال:

أن أنسًا رضي الله عنه ير أن الهبة نافذة، ولو لم تقبض، ولهذا قال ما قاله أبو بردة رضي الله عن رأي عمر، فإن حملنا رأي عمر على أنه يرى أن الهبة لا تلزم إلا بالقبض، فقد خالف قول أنس قولَ عمر رضي الله عنه مما يدل على أن المسألة ليست إجماعًا بين الصحابة، مع أن رأي عمر قد تم الجواب عنه في الأدلة السابقة، وأنه ليس صريحًا في الباب، والله أعلم.

(1)

. المصنف (20502).

ص: 583

الدليل الخامس:

أن عقد التبرع ضعيف في نفسه، ولهذا لا يتعلق به صفة اللزوم، والملك الثابت للواهب أقوى فلا يزول بالسبب الضعيف حتى ينضم إليه ما يتأيد به، وهو القبض في الهبة، والموت في الوصية

(1)

.

ويناقش:

لو عكس هذا لكان أصح، فإن عقد التبرع عقد إرفاق وإحسان، والتوسعة فيه أن لا يشتدد في عقده قبض أو لم يقبض؛ لأنه لا يقابله عوض، بخلاف عقود المعاوضات فإن البائع إنما بذل المبيع مقابل عوض، فكونه لا يلزم إلا إذا تقابضا، لو قيل هذا في عقود المعاوضات لكان أولى من عقود التبرع القائم على المسامحة والإحسان.

دليل من قال: هبة المكيل والموزون لا تلزم فيه إلا بالقبض:

الدليل الأول:

قياس الهبة على البيع، فالمبيع إذا لم يكن فيه حق توفية فإنه يكون من ضمان المشتري إذا هلك عند البائع بدون تعد أو تفريط، ويصح تصرف المشتري فيه بالبيع، ولو لم يقبضه، وإذا كان فيه حق توفية من كيل أو وزن، أو عد، أو ذرع فإن ضمانه من مال البائع، وليس للمشتري حق التصرف فيه قبل قبضه، والهبة قياس عليه، وقد ذكرنا أدلة كثيرة على هذه المسألة عند الكلام على التصرف في المبيع قبل قبضه، فارجع إلى أدلة المسألة هناك غير مأمور.

(1)

. انظر العناية شرح الهداية (9/ 21).

ص: 584

الدليل الثاني:

(ث-282) ما رواه مالك في الموطأ، عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير،

عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، أنها قالت: إن أبا بكر الصديق كان نحلها جاد عشرين وسقاً من ماله، فلما حضرته الوفاة، قال: والله يا بنية ما من الناس أحد أحب إلى غنى بعدي منك، ولا أعز عليَّ فقراً بعدي منك، وإني كنت نحلتك جاد عشرين وسقاً، فلو كنت جددتيه واحتزتيه كان لك، وإنما هو اليوم مال وارث .... »

(1)

.

وجه الاستدلال:

أن قوله: (نحلتك جاد عشرين وسقًا): أي وهبتك عشرين مجدودة من هذه الثمار، فهي من قبيل هبة ما يحتاج إلى كيل، وليس من هبة العين، كما لو وهبه قفيز بر من هذه الصبرة، فلابد فيه من القبض لصحته، ولا يصح التصرف فيه قبل قبضه.

دليل من فرق بين الهبة والصدقة:

(ث-283) ما رواه عبد الرزاق في المصنف عن الثوري، عن جابر،

عن القاسم بن عبد الرحمن، أن عليًا، وابن مسعود كانا يجيزان الصدقة وإن لم تقبض ....

(2)

[ضعيف]

(3)

.

(1)

. الموطأ (2/ 752).

(2)

. المصنف (16595).

(3)

. فيه علتان: أحدهما: في إسناده جابر الجعفي، وهو ضعيف.

العلة الثانية: الانقطاع، القاسم لم يسمع من جده ابن مسعود، ولا من علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

ورواه ابن أبي شيبة في المصنف (20505) حدثنا حفص، عن حجاج، عن القاسم، عن علي وعبد الله، قالا: إذا علمت الصدقة فهي جائزة، وإن لم تقبض.

وهذا فيه علتان أيضًا: أحدهما: الانقطاع كما سبق. والثاني: حجاج بن أرطأة، وهو ضعيف.

ورواه ابن أبي شيبة في المصنف (20507) حدثنا وكيع، قال: أخبرنا عيسى بن المسيب، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن ابن مسعود، قال: الصدقة إذا علمت قبضت أو لم تقبض.

وعيسى بن المسيب ضعيف.

ص: 585

دليل من قال: إن تم القبض تبين أن الملك من العقد، وإلا بطل:

لعل هذا القول يرى أن الملك يحصل بالإيجاب والقبول، والقبض شرط فيه، فإن تحقق الشرط كان الملك ثابتًا من حين صدور القبول مطابقًا للإيجاب، وإن لم يتم القبض يكون هذا إبطالًا لما تم انعقاده، وليس لأن الملك لا يتم إلا بالقبض.

الراجح:

أرى أن الخلاف في المسألة خلاف قوي، وأن مذهب المالكية ربما كان أقرب، والله أعلم.

* * *

ص: 586