الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كالمجهول، والمعدوم، وما لا يقدر على تسليمه، أو وهب منفعة غير مالية، كضراب الفحل، كانت الهبة صحيحة.
والخلاف في الهبة كالخلاف في الوصية بجامع أن كلًا منهما عقد تبرع، إلا أن الوصية تبرع مضاف إلى ما بعد الموت، والهبة تبرع ناجز.
ولهذا قال ابن قدامة: «تجوز هبة الكلب، وما يباح الانتفاع به من النجاسات؛ لأنه تبرع، فجاز في ذلك، كالوصية»
(1)
.
فقاس ابن قدامة الهبة على الوصية.
وقال الغزالي: «وفي هبة الكلب وجهان
أحدهما الجواز كالوصية»
(2)
.
إذا علم ذلك نأتي على خلاف العلماء في اشتراط المالية للموهوب، وهل تقاس الهبة على البيع فتشترط في الموهوب المالية، أو تقاس الهبة على الوصية فلا تشترط المالية، في ذلك خلاف بين العلماء:
القول الأول:
يشترط في الموهوب أن يكون مالًا، وهذا مذهب الحنفية، والأصح في مذهب الشافعية، ورجحه إمام الحرمين، وأحد القولين في مذهب الحنابلة
(3)
.
قال الكاساني في ذكر شروط الموهوب: «ومنها: أن يكون مالًا متقومًا، فلا تجوز هبة ما ليس بمال أصلًا، كالحر، والميتة، والدم، وصيد الحرم،
(1)
. الكافي لابن قدامة (2/ 466).
(2)
. الوسيط (4/ 417).
(3)
. بدائع الصنائع (6/ 119)، المبسوط (12/ 70)، روضة الطالبين (5/ 374)، الإنصاف (7/ 131).
والإحرام، والخنزير، وغير ذلك على ما ذكرنا في البيوع، ولا هبة ما ليس بمال مطلق، كأم الولد، والمدبر المطلق، والمكاتب؛ لكونهم أحرارًا من وجه، ولهذا لم يجز بيع هؤلاء، ولا هبة ما ليس بمتقوم، كالخمر ولهذا لم يجز بيعها»
(1)
.
قال النووي في روضة الطالبين: «يجري الوجهان في هبة الكلب، وجلد الميتة قبل الدباغ، والخمر المحترمة، والأصح من الوجهين في هذه الصور كلها البطلان، قياسًا على البيع.
والثاني: الصحة، لأنها أخف من البيع. قال الإمام: من صحح فيها، فحقه تصحيحها في المجهول والآبق كالوصية»
(2)
.
وفي أسنى المطالب: «قال الجرجاني: حكم الهبة في الاستتباع حكم البيع، فما تبع فيه تبع فيها»
(3)
.
وقال إمام الحرمين: «تردد الأصحاب في أمور نرسلها، ثم ننبه على حقيقتها:
فذكر بعضهم في صحة هبة الكلب خلافًا، وأورد الشيخ أبو علي هذا، ونحوا بالهبة في الكلب نحو الوصية به، وهذا بعيد جدًا، وحق هذا الإنسان أن يطرد هذا الخلاف في المجاهيل وغيرها، مما تصح الوصية به، ويمتنع بيعه، ولا شك أنهم يلزمون طرد هذا في الجلد قبل الدباغ، والخمر المحترمة، وكل ما
(1)
. بدائع الصنائع (6/ 119).
(2)
. روضة الطالبين (5/ 374).
(3)
. أسنى المطالب (2/ 481).