الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الأول
حكم القرض وبيان أركانه
الفصل الأول
في حكم القرض بالنسبة للمقرض
[م-1757] القرض في حق المقرض عمل مستحب، هذا هو الأصل فيه.
«قال أحمد لا إثم على من سئل القرض فلم يقرض؛ وذلك لأنه من المعروف، فأشبه صدقة التطوع»
(1)
.
وقد دل على استحباب القرض الكتاب، والسنة، والإجماع، والقياس.
أما الكتاب، فقال تعالى:{مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ} [الحديد: 11].
وجه الاستدلال:
سمى الله سبحانه وتعالى الأعمال الصالحة، والصدقات الحلال بالقرض؛ لأن معنى القرض: إعطاء الرجل غيره ماله مملكا له ليقضيه مثله إذا اقتضاه، فشبه الصدقات بالمال المقرض، وشبه الثواب، ببدل القرض، ومشروعية المشبه تدل على مشروعية المشبه به.
(1)
. المغني (4/ 208).
ومن السنة أحاديث كثيرة، منها:
(ح-1053) روى أبو داود الطيالسي، قال: حدثنا شعبة، قال: سألت طلحة بن مصرف عن هذا الحديث، أكثر من عشرين مرة ولو كان غيري قال: ثلاثين مرة قال: سمعت عبد الرحمن بن عوسجة،
يحدث عن البراء بن عازب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من منح منيحة ورق، أو قال: ورقًا، أو أهدى زقاقًا، أو سقى لبنًا، كان له كعدل نسمة، أو رقبة، ومن قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير عشر مرات كن له عدل نسمة، أو رقبة.
[صحيح]
(1)
.
(1)
. جميع رجاله ثقات، وعبد الرحمن بن عوسجة، وثقة النسائي، كما في تهذيب الكمال (17/ 322)، وقال ابن سعد: كان قليل الحديث، وقال العجلي: تابعي ثقة. وذكره ابن حبان في ثقاته.
وقال ابن حجر في التقريب: ثقة، وقال الذهبي: صدوق.
وجاء في ميزان الاعتدال: قال الأزدي: قال لنا محمد بن عبدة: حدثنا علي بن المديني، سمعت يحيى بن سعيد يقول: سألت عنه بالمدينة فلم أرهم يحمدونه.
قال في حاشية تهذيب الكمال: وقول ابن المديني، عن يحيى بن سعيد، من رواية الأزدي، والأزدي ضعيف.
تخريج الحديث:
الحديث مداره على طلحة بن مصرف، عن عبد الرحمن بن عوسجة، عن البراء.
ورواه عن طلحة رواة، منهم:
الأول: شعبة، عن طلحة.
أخرجه أبو داود الطيالسي في مسنده (740)، وأحمد في مسنده (4/ 304)، والروياني في مسنده (353)، والبيهقي في شعب الإيمان (3113)، والخرائطي في مكارم الأخلاق (ص: 18)، والبغوي في شرح السنة (1663). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وأخرج بعضه النسائي في سننه (1016) وابن ماجه (1342)، بلفظ:(زينوا القرآن بأصواتكم).
وأخرج بعضه ابن ماجه في سننه (997) وابن الجارود في المنتقى (316)، وابن خزيمة في صحيحه (1551) بلفظ:(إن الله وملائكته يصلون على الصف الأول)، زاد ابن الجارود وابن خزيمة: كان يأتينا إذا قمنا إلى الصلاة، فيمسح صدورنا، وعواتقنا، ويقول: لا تختلف صفوفكم، فتختلف قلوبكم، وفي صحيح ابن خزيمة، قال عبد الرحمن بن عوسجة: كنت نسيت زينوا القرآن بأصواتكم حتى ذكرنيه الضحاك بن مزاحم.
الثاني: الأعمش، عن طلحة.
أخرجه أحمد في المسند (4/ 300)، وابن أبي شيبة في المصنف (22671).
وأخرج بعضه ابن أبي شيبة في المصنف (3824، 8829، 30556)، أبو داود في سننه (1468) والنسائي في المجتبى (1015)، بلفظ (زينوا القرآن بأصواتكم).
الثالث: محمد بن طلحة، عن طلحة.
أخرجه أحمد (4/ 285)، ويعقوب بن سفيان في المعرفة (3/ 178)، والعقيلي في الضعفاء (4/ 86)، والطبراني في الأوسط ()، وفي مسند الشاميين (767)،
الرابع: أبو إسحاق الهمداني، عن طلحة. كما في سنن الترمذي (1957).
الخامس: منصور، عن طلحة.
أخرجه أحمد في مسنده (4/ 296)، والروياني في مسنده (358)، وتمام في فوائده (789) بتمامه.
وأخرج بعضه عبد الرزاق في المصنف (2431، 2449، 4175، 4176)، وأبو داود في سننه (664)، والنسائي في المجتبى (811)، والسنن الكبرى (885)، وابن حبان في صحيحه (2161).
السادس: زبيد اليامي، عن طلحة بن مصرف.
رواه الطبراني في المعجم الأوسط (2590)، وابن خزيمة في صحيحه (1557)، وابن حبان (2157).
السابع: عبد الغفار بن القاسم، عن طلحة، كما في المعجم الكبير للطبراني (767). =
قال الترمذي: معنى قوله: (من منح منيحة ورق) إنما يعني به: قرض الدراهم، وقوله:(أو هدى زقاقًا): يعني به هداية الطريق، وهو إرشاد السبيل
الدليل الثاني:
(ح-1054) روى ابن ماجه من طريق سليمان بن يسير، عن قيس بن رومي، قال: كان سليمان بن أذنان يقرض علقمة ألف درهم إلى عطائه، فلما خرج عطاؤه تقاضاها منه، واشتد عليه، فقضاه، فكأن علقمة غضب، فمكث أشهرًا، ثم أتاه، فقال: أقرضني ألف درهم إلى عطائي، قال: نعم، وكرامة، يا أم عتبة هلمي تلك الخريطة المختومة التي عندك، فجاءت بها، فقال: أما والله إنها لدراهمك التي قضيتني، ما حركت منها درهمًا واحدًا، قال: فلله أبوك، ما حملك على ما فعلت بي؟
قال: ما سمعت منك. قال: ما سمعت مني؟
قال: سمعتك تذكر عن ابن مسعود، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ما من مسلم يقرض مسلما قرضا مرتين إلا كان كصدقتها مرة»، قال: كذلك أنبأني ابن مسعود
[رفعه منكر]
(1)
.
= الثامن: مالك بن مغول، عن طلحة، كما في مستدرك الحاكم (1/ 766)، وفوائد تمام (1707).
التاسع: عن ليث، عن طلحة، أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (30068).
العاشر: الحكم بن عتيبة، عن طلحة، أخرجه الطبراني في الأوسط (739).
(1)
. هذا الإسناد له أكثر من علة.
العلة الأولى: الاختلاف في إسناده.
فرواه ابن ماجه في سننه (2430) من طريق يعلى بن عبيد. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وأبو يعلى (5030)، ووالبيهقي في شعب الإيمان (3283) من طريق المقدمي، كلاهما عن سليمان بن يسير، عن قيس بن رومي، عن علقمة، عن عبد الله مرفوعًا.
بدون ذكر سليان بن أذنان، وجاء ذكره في سنن ابن ماجه ضمن سياق القصة، وليس من رواة الإسناد، قال قيس بن الرومي: كان سليمان بن أذنان يقرض علقمة ألف درهم
…
وأخرجه الخرائطي في مكارم الأخلاق (ص: 19) من طريق محمد بن عبيد الطنافسي.
والبيهقي في السنن (5/ 353)، وفي شعب الإيمان (3282) من طريق عيسى بن يونس، عن سليمان بن يسير، عن قيس الرومي، عن سليم أذنان، عن علقمة، عن عبد الله مرفوعًا.
وهنا صار ابن أذنان من رجال الإسناد مخالفين بذلك رواية يعلى بن عبيد، والمقدمي، عن سليمان بن يسير.
هذا الاختلاف على سليمان بن يسير.
العلة الثانية في هذا الإسناد:
في إسناده قيس بن رومي، مجهول، قال عنه الدارقطني: كوفي لا يعرف إلا في هذا. يعني حديثه عن علقمة، عن عبد الله بن مسعود في الإقراض. انظر العلل (1575، 158).
وقال الذهبي في الميزان: لا يكاد يعرف، ما حدث عنه سوى سليمان بن يسير.
قلت: وسليمان بن يسير متفق على ضعفه، قال فيه الإمام أحمد: ليس يسوى شيئًا في الحديث. انظر العلل (4849)، وقال النسائي: متروك. وإذا كان هذا حال سليمان بن يسير، فلا يمكن الاعتبار بهذا الاسناد، ويكون النظر في هذا الحديث من غير هذا الطريق.
فقد أخرجه أحمد في المسند (1/ 412) وأبو يعلى في المسند (5366) عن عفان، عن حماد، أخبرنا عطاء بن السائب، عن ابن أذنان، عن علقمة، عن عبد الله مرفوعًا.
ورواه البزار في مسنده (1607) عن عفان به، إلا أنه قال: عبد الرحمن بن أذنان
وحماد سمع من عطاء قبل الاختلاط.
قلت: هذا الطريق له علتان:
الأولى: الاختلاف على ابن أذنان:
فرواه عطاء بن السائب، عن ابن أذنان، عن علقمة، عن عبد الله مرفوعًا كما تقدم. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ورواه الحكم وأبو إسحاق وإسرائيل، عن ابن أذنان، عن علقمة، عن عبد الله بن مسعود من قوله، فاجتماع هؤلاء على مخالفة عطاء بن السائب يدل على حفظهم، وعدم ضبطه ..
قال البخاري في التاريخ الكبير (4/ 121) حدثنا سليمان بن حرب، حدثنا شعبة، عن الحكم، وأبي إسحاق، أن سليم بن أذنان كان له على علقمة ألف درهم، فقال علقمة: قال عبد الله: لأن أقرض مرتين أحب إلي من أن أتصدق مرة.
وقال وكيع: عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن سليم بن أذنان، سمعت علقمة، عن عبد الله؛ قرض مرتين كإعطاء مرة.
وقال وكيع: حدثنا مالك بن مغول، عن أكيل مؤذن إبراهيم، عن سليم، عن علقمة.
وقال لنا أبو نعيم: عن سفيان، عن منصور، عن إبراهيم، عن علقمة؛ كان يقال ذلك.
وقال وكيع: عن دلهم بن صالح، عن حميد بن عبد الله الكندي، عن علقمة، عن عبد الله.
وقال خلاد: حدثنا دلهم، عن حميد، أن علقمة استقرض مني.
وقال محمد بن كثير: عن سفيان، عن عبد الرحمن بن عابس، حدثني سليم؛ استقرض مني علقمة، قوله. اهـ كلام البخاري.
قلت: طريق دلهم بن صالح، ومنصور في مصنف ابن أبي شيبة.
فقد ورواه ابن أبي شيبة في المصنف (22672) من طريق دلهم بن صالح الكندي، عن حميد بن عبد الله الكندي، عن علقمة بن قيس، قال: قال عبد الله: لأن أقرض مالًا مرتين أحب إلى من أن أتصدق مرة. اهـ وهذا موقوف على ابن مسعود.
ورواه ابن أبي شيبة في المصنف (22674) من طريق منصور، عن إبراهيم، عن علقمة، قال: قرض مرتين كإعطاء مرة. اهـ وهذا موقوف على علقمة.
قال البيهقي في السنن (5/ 578): «ورواه الحكم، وأبو إسحاق، وإسرائيل، وغيرهم، عن سليمان بن أذنان، عن علقمة، عن عبد الله بن مسعود من قوله
ورواه دلهم بن صالح، عن حميد بن عبد الله الكندي، عن علقمة، عن عبد الله.
ورواه منصور، عن إبراهيم، عن علقمة كان يقول ذلك.
وروي ذلك من وجه آخر، عن ابن مسعود مرفوعا، ورفعه ضعيف». اهـ كلام البيهقي. =
الدليل الثالث:
(ح-1055) روى أبو داود الطيالسي، قال: حدثنا أبو داود قال: حدثنا جعفر بن الزبير الحنفي، عن القاسم،
عن أبي أمامة، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: انطلق برجل إلى باب الجنة، فرفع رأسه، فإذا على باب الجنة مكتوب الصدقة
= العلة الثانية:
ابن أذنان، وقد تقدم الاختلاف في اسمه، فقيل: سليم بن أذنان، وقيل: عبد الرحمن بن أذنان. وذكره ابن حبان في ثقاته، ولم يوثقه أحد غيره، فلا يمكن توثيقه مع أنه ليس له شيء يذكر يمكن يعرف به، فليس له إلا هذا الحديث، ومع ذلك اختلف عليه مثل هذا الاختلاف.
وجاء الحديث من طريق آخر:
أخرجه الشاشي (439)، وابن حبان (5040)، والطبراني في الكبير (10200)، والبيهقي في السنن (5/ 353) من طريق أبي حريز، عن إبراهيم، عن الأسود بن يزيد، عن ابن مسعود مرفوعًا: من أقرض الله مرتين كان له مثل أجر أحدهما لو تصدق به. وهذا لفظ ابن حبان.
وعلته: تفرد به أبو حريز، وقد قال فيه أحمد: منكر الحديث، وقال النسائي: ضعيف، وقال أبو داود: ليس حديثه بشيء.
قلت: هذا الطريق أيضًا لا يمكن الاعتبار به؛ لأن أبا حريز مع ضعفه، وتفرده بهذا الإسناد، فقد خالف من هو أوثق منه، فقد رواه منصور، عن إبراهيم، عن علقمة من قوله، وإذا خالف الضعيف من هو أوثق منه كان حديثه منكرًا، ولا يصلح للاعتبار، لهذا لا أرى أن الحديث ينهض للتحسين، والله أعلم.
لهذا قال البيهقي في الشعب (5/ 185): كذا روي بهذا الإسناد مرفوعا، ورواه الحكم، وأبو إسحاق، أن سليمان بن أذنان النخعي كان له على علقمة ألف درهم، فقال علقمة: قال عبد الله: «لأن أقرض مرتين أحب إلي من أن أتصدق به مرة «، وقيل غير ذلك، والموقوف أصح. اهـ
بعشر أمثالها، والقرض الواحد بثمانية عشر؛ لأن صاحب القرض لا يأتيك إلا وهو محتاج وإن الصدقة ربما وضعت في غني.
[ضعيف]
(1)
.
(1)
. مسند أبي داود الطيالسي (1141)، ومن طريق جعفر بن الزبير أخرجه البيهقي في الشعب (3287).
وهذا إسناد ضعيف جدًا، علته جعفر بن الزبير الحنفي، وهو متروك الحديث.
وله طريق أخرى أمثل من هذا الطريق:
رواه الطبراني في المعجم الكبير (7976)، قال: حدثنا الحسن بن علي بن خلف الدمشقي، ثنا سليمان بن عبد الرحمن، ثنا إسماعيل بن عياش، عن عتبة بن حميد، عن القاسم،
عن أبي أمامة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: دخل رجل الجنة، فرأى على بابها مكتوبا الصدقة بعشر أمثالها، والقرض بيمينه عشر.
ومن طريق سليمان بن عبد الرحمن أخرجه البيهقي في الشعب (5/ 188).
وهذا إسناد ضعيف، فيه إسماعيل بن عياش، روايته عن أهل بلده من الشاميين مستقيمة، ومخلط إذا روى عن غيرهم من الحجازيين، أو العراقيين، وشيخه هنا بصري، وليس شاميًا، هذا من جهة، فلا يحتمل تفرده في هذا الإسناد، ولا ينفعه الطريق السابق؛ لأنه شديد الضعف، والله أعلم.
وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (4/ 126) رواه الطبراني في الكبير، وفيه عتبة بن حميد، وثقه ابن حبان وغيره، وفيه ضعف.
قلت: إعلاله بإسماعيل بن عياش ربما يكون أقوى، والله أعلم.
وقد أشار الخطيب البغدادي في الفصل للوصل المدرج في النقل (1/ 377) أن قوله: لأن صاحب القرض لا يأتيك إلا وهو محتاج
…
الخ مدرج من كلام الفقهاء.
ودلل على ذلك بأن رواه بإسناده من طريق مكي بن إبراهيم، حدثنا جعفر بن الزبير عن القاسم مولى يزيد بن معاوية،
عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مكتوب على باب الجنة القرض بثمانية عشر، والصدقة بعشر أمثالها. =
والدليل من الإجماع:
أجمع أهل العلم على جواز إقراض المال المثلي، من مكيل، أو موزون، ومثلها الدراهم والدنانير؛ لأنها أموال مثلية. واختلفوا في المال غير المثلي وسيأتي تحريره إن شاء الله تعالى.
قال ابن قدامة: «أجمع المسلمون على جواز القرض»
(1)
.
(2)
.
وقال ابن حزم: «اتفقوا ان استقراض ما عدا الحيوان جائز .... واتفقوا ان القرض فعل خير»
(3)
.
= قال جعفر: قال بعض الفقهاء: لأن صاحب القرض لا يأتيك إلا وهو محتاج والصدقة ربما وضعت في غنى.
وله شاهد من حديث أنس إلا أنه ضعيف جدًا.
رواه ابن ماجه (2431) من طريق هشام بن خالد، عن خالد بن يزيد بن أبي مالك، عن أبيه، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: رأيت ليلة أسري بي على باب الجنة مكتوبًا: الصدقة بعشر أمثالها، والقرض بثمانية عشر، فقلت: يا جبريل ما بال القرض أفضل من الصدقة؟ قال: لأن السائل يسأل وعنده، والمستقرض لا يستقرض إلا من حاجة.
ومن طريق هشام بن خالد أخرجه الطبراني في الأوسط (6719) وفي مسند الشاميين (2/ 419)، وأبو نعيم في الحلية (8/ 332)، والبيهقي في شعب الإيمان (3288).
وعلته خالد بن يزيد، اتهمه ابن معين، وقال النسائي: ليس بثقة.
وأبوه ضعيف من قبل حفظه. والله أعلم.
(1)
. المغني (4/ 207).
(2)
. الإقناع في مسائل الإجماع (ص: 197).
(3)
. مراتب الإجماع (ص: 94).
قال ابن تيمية في نقده للكتاب: «الاتفاق إنما هو في قرض المثليات: المكيل والموزون، وأما ما سوى ذلك، فأبو حنيفة لا يُجَوِّزُ قرضَه؛ لأن موجب القرض المثل، ولا مثل له عنده، فالنزاع فيه كالنزاع في الحيوان»
(1)
.
وكلام ابن تيمية لا ينقض استدلالنا على ورود الإجماع على جواز قرض المال المثلي، وإنما يورد والنزاع في إقراض المال القيمي، وهو ليس ردًا للقرض من حيث كونه قرضًا، وإنما لأن القرض يوجب رد البدل، وما لا مثل له لا يتمكن المقترض من رد بدله على القول بأن الواجب رد المثل، والله أعلم.
وأما الدليل من القياس:
القرض يشبه شراء الشيء بدين في الذمة؛ بجامع أن كلًا منهما يأخذه ليرد عوضه.
كما يشبه القرض العارية، بجامع أن كلًا من المعير والمقرض يدفع ماله لمن ينتفع به، إلا أنه في العارية يقوم المستعير برد عينه، وأما في القرض فقد يرده وقد يرد بدله، والله أعلم.
وقد قال بعض الفقهاء: إن القرض عارية ابتداء، معاوضة انتهاء
(2)
.
وقولنا: مندوب هذا من حيث الجملة، وقد يعرض للقرض ما يجعله واجبًا كالإقراض لمن اضطر إليه لحفظ النفس.
وقد يكون مكروهًا كالاستعانة به على فعل مكروه.
(1)
. نقد مراتب الإجماع (ص: 296).
(2)
. حاشية ابن عابدين (5/ 161).
وقد يكون محرمًا كالاستعانة به على فعل محرم، أو كان القرض يجر نفعًا مشروطًا للمقرض، وكذا لو شرط معه عقد من عقود المعاوضة، كالبيع، أو الإجارة، كأن يقول: أقرضك بشرط أن تبيعني
(1)
.
(1)
. انظر حاشية العدوي على الخرشي (5/ 229)، حاشية الصاوي (3/ 292).