الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الرابع
في التصرف في الهبة والصدقة قبل قبضها
[م-1868] إذا تصرف الموهوب له في الهبة من بيع، أو هبة، أو غيرهما قبل قبضها، فما حكم هذا التصرف؟
اختلف العلماء في ذلك على قولين:
القول الأول:
لا يصح تصرفه إلا إذا قبضها؛ لأن الموهوب لا يملك الهبة إلا إذا قبضها، ولأن الواهب قبل القبض بالخيار إن شاء أمضاها، وإن شاء رجع عنها، وهذا مذهب الحنفية، والشافعية، وقول في مذهب الحنابلة
(1)
.
القول الثاني:
ذهب المالكية إلى أن الموهوب له إذا باع الهبة قبل القبض، أو أعتق، أو وهب فإن تصرفه ماض، وفعله ذلك حوز له، بشرط أن يشهد على ذلك ويعلن بما فعله.
وكذلك لو تبرع بصدقة ودفعه لمن يفرقه على الفقراء والمساكين، فإن أشهد على ذلك حين دفع المال فإن الصدقة لا تبطل بموت الواهب، وترجع للفقراء
(1)
. المبسوط (12/ 48)، تبيين الحقائق (5/ 91)، البحر الرائق (7/ 285)، حاشية ابن عابدين (8/ 424)، بدائع الصنائع (6/ 115)، الحاوي الكبير (7/ 535)، البيان للعمراني (8/ 114)، نهاية المحتاج (5/ 409)، حاشية البجيرمي على الخطيب (3/ 263).
والمساكين، وإن لم يشهد على ذلك، واستمر المال عنده حتى مات الواهب، فإن الصدقة تبطل، وترجع إلى ورثة الواهب
(1)
.
(2)
.
القول الثالث:
إن كانت الهبة تحتاج إلى كيل، أو وزن لم يصح للموهوب أن يتصرف فيها قبل قبضها، لأن مثل هذه لا تصح هبتها إلا بالقبض، وإن كانت متميزة صح تصرف الموهوب له قبل قبضها؛ لأن مثل هذه تلزم بالعقد، ولا تفتقر إلى قبض. وهو رواية عن الإمام أحمد
(3)
.
الراجح:
أن الخلاف في هذه المسألة راجع إلى مسألة أخرى سبق بحثها، هل تلزم الهبة بالعقد، أو تملك بالقبض، وقد سبق تحرير هذا الخلاف، وقد ذكرنا أدلة كل قول فيما سبق بحثه تحت عنوان: توصيف الهبة فارجع إليه إن شئت.
(1)
. حاشية الدسوقي (4/ 103)، الخرشي (7/ 106، 108)، منح الجليل (8/ 185، 189)، التاج والإكليل (6/ 56).
(2)
. شرح الخرشي (7/ 108).
(3)
. الإنصاف (7/ 120).