الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القول الأول:
لا يجوز الاقتراض من الوديعة بدون إذن صاحبها، فإن فعل ضمن، وهذا مذهب الجمهور
(1)
.
القول الثاني:
يصح مع الكراهة، وهذا قول في مذهب المالكية.
قال الباجي: «اختلف قول مالك في جواز السلف من الوديعة بغير إذن المودع: فحكى القاضي أبو محمد في معونته أن ذلك مكروه .... »
(2)
.
وجه القول بالكراهة:
أن صاحبها إنما دفعها إليه ليحفظها، لا لينتفع بها، ولا ليصرفها، فليس له أن يخرجها عما قبضها عليه.
القول الثالث:
التصرف في الوديعة دون إذن صاحبها يجوز بلا كراهة، إذا تحقق شرطان:
أحدهما: أن يكون المال مثلياً.
(1)
. الاختيار لتعليل المختار (3/ 26)، المبسوط (11/ 111)، حاشية ابن عابدين (5/ 669)، جاء في درر الحكام شرح مجلة الأحكام، المادة (793)«إذا أقرض المستودع دراهم الأمانة بلا إذن إلى آخر، وسلمها، ولم يجز صاحبها يضمن المستودع تلك الدراهم» .
وقال العمراني في البيان (6/ 494): «ولا يجوز للمودع أن يقترض الوديعة» . وانظر الحاوي الكبير (8/ 364)، المهذب (1/ 361)، الوسيط (4/ 507)، روضة الطالبين (6/ 342)، الكافي في فقه الإمام أحمد (2/ 379)، المغني (6/ 310).
(2)
. المنتقى للباجي (5/ 279).
الثاني: أن يكون المتصرف مليئاً.
فإن كان المودع فقيرًا حرم عليه أن يستلف من الوديعة، سواء أكان المال مثليًا أم قيميًا، وذلك لتضرر مالكها بعدم الوفاء نظراً لإعدامه. اختاره بعض المالكية
(1)
.
وعلل بعض المالكية الجواز بتعليلات منها:
أحدها: أن المودِع قد ترك الانتفاع بها مع القدرة عليه، فجاز للمودَع الانتفاع بها، ويجري ذلك مجرى الانتفاع بظل حائطه، وضوء سراجه.
الثاني: أن المودَع لم يبطل على المودِع غرضه؛ لأنه إنما أمر بحفظها، وهذا حاصل، بل ربما كان القرض أحفظ للمال؛ لأن الوديعة غير مضمونة، والقرض مضمون.
الثالث: أن الدراهم لا تتعين بالتعيين، ولذلك كان للمودَع أن يرد مثلها، ويتمسك بها مع بقاء عينها
(2)
.
(1)
. الاستذكار ـ ط دار ا لكتب العلمية ـ (7/ 149)،
(2)
. قال الباجي في المنتقى (5/ 279): «اختلف قول مالك في جواز السلف من الوديعة بغير إذن المودع: فحكى القاضي أبو محمد في معونته أن ذلك مكروه.
وقد روى أشهب عن مالك في العتبية أنه قال: ترك ذلك أحب إلي، وقد أجازه بعض الناس، فروجع في ذلك فقال: إن كان له مال فيه وفاء، وأشهد، فأرجو أن لا بأس به.
ووجه الكراهية: ما احتج به القاضي أبو محمد; لأن صاحبها إنما دفعها إليه; ليحفظها لا لينتفع بها، ولا ليصرفها فليس له أن يخرجها عما قبضها عليه.
وفي المدونة من رواية محمد بن يحيى، عن مالك من استودع مالاً أو بعث به معه، فلا أرى أن يتجر به، ولا أن يسلفه أحداً، ولا يحركه عن حاله ; لأني أخاف أن يفلس أو يموت فيتلف المال ويضيع أمانته.
ووجه الرواية الثانية أنا إذا قلنا: إن الدنانير والدراهم لا تتعين ; فإنه لا مضرة في انتفاع المودع بها إذا رد مثلها وقد كان له أن يرد مثلها ويتمسك بها مع بقاء أعيانها». وانظر منح الجليل (7/ 10).