الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثاني
في الرقبى
المبحث الأول
في تعريف الرقبى
تعريف الرقبى:
الرقبى: على وزن (حبلى) من المراقبة؛ لأن كل واحد منهما يرقب موت صاحبه
(1)
.
وفي مختار الصحاح: «أرقبه دارًا، أو أرضًا: أعطاه إياها وقال: هي للباقي منا والاسم منه: الرقبى، وهي من المراقبة؛ لأن كل واحد منهما يرقب موت صاحبه»
(2)
.
(ث-291) روى عبد الرزاق، عن معمر، عن ابن طاوس،
عن أبيه قال: الرقبى، أن يقول: هي للآخر مني ومنك موتًا
(3)
.
(ث-292) وروى أبو داود، قال: حدثنا عبد الله بن الجراح، عن عبيد الله بن موسى، عن عثمان بن الأسود،
عن مجاهد، قال: العمرى أن يقول الرجل: للرجل هو لك ما عشت، فإذا قال ذلك فهو له ولورثته، والرقبى هو أن يقول الإنسان هو للآخر مني ومنك.
[حسن]
(4)
.
(1)
. انظر النهاية في غريب الحديث (2/ 249).
(2)
. مختار الصحاح (ص: 126).
(3)
. المصنف (16909).
(4)
. سنن أبي داود (3560).
صور الرقبى:
ذكر الفقهاء للرقبى ثلاث صور:
الصورة الأولى:
قال ابن جزي: وأما الرقبى: فهو أن يقول الرجل للآخر: إن مت قبلك فداري لك، وإن مت قبلي فدارك لي»
(1)
.
ومثلها لو كانت دارًا أو دارين لرجلين، فاتفقا على أن من مات أولًا فنصيبه حبس على الآخر
(2)
.
جاء في المدونة: «قلت: أرأيت الرقبى هل يعرفها مالك؟
قال: سأله بعض أصحابنا، ولم أسمعه أنا منه عن الرقبى، فقال: لا أعرفها. ففسرت له فقال: لا خير فيها.
قلت: وكيف سألوه عن الوقت؟
قال: قالوا له: الرجلان تكون بينهما الدار، فيحبسانها على أيهما مات، فنصيبه للحي حبسًا عليه قال: فقال لهم مالك: لا خير فيه»
(3)
.
فهذه هي صورة الرقبى عند المالكية، ولا يذكرون صورة غيرها.
وهي إحدى صورتي الرقبى عند الشافعية، ويتفق الشافعية والمالكية على منع هذه الصورة؛ وعلل الشافعية البطلان بأن هذا الشرط مناف للملك
(4)
.
(1)
. القوانين الفقهية (ص: 245).
(2)
. منح الجليل (8/ 203)، التاج والإكليل (6/ 61).
(3)
. المدونة (6/ 168).
(4)
. الحاوي الكبير (7/ 543).
وتعليل البطلان عند المالكية: أن قول الرجل: إن مت قبلك فدارى لك، وإن مت قبلي فدارك لي، كأن كل واحد منهما قصد إلى عوض لا يدرى، هل يحصل له، ويتمنى كل واحد منهما موت صاحبه، وليس كذلك العمرى؛ لأن المعمر لا يقصد عوضًا عن الذي أخرج عن يده.
والحقيقة أن هذه الصورة ليست من عقود التبرع، وإنما هي من عقود المعاوضات، وتعليقها على أمر مجهول، لهذا لا ينبغي أن يخالف أحد في منع هذه الصورة.
الصورة الثانية:
أن يقول الواهب: داري لك رقبى فقط، ومعناه: إن مت رجعت الرقبة لي، وإن مت أنا فهي لك، كأن كل واحد منهما يرقب موت الآخر
(1)
.
فهذه الصورة من عقود التبرع؛ لأنها خالية من العوض، وهذه الصورة هي الصورة المشهورة للرقبى عند أئمة اللغة
(2)
، وعند أكثر الفقهاء، وهي التي جرى فيها خلاف بين الحنفية من جهة، وبين الشافعية والحنابلة من جهة أخرى.
والفرق بين العمرى والرقبى:
قال أبو هلال العسكري: العمرى: هي أن يقول الرجل للرجل: هذه الدار لك عمرك أو عمري.
(1)
. الفتاوى الهندية (4/ 374)، الحاوي الكبير (2/ 77)، التعريفات للجرجاني (ص: 111).
(2)
. غريب الحديث للقاسم بن سلام (2/ 77)، جمهرة اللغة (1/ 323)، الزاهر في غريب الألفاظ (ص: 174)، تهذيب اللغة (2/ 234)، معجم اللغة العربية المعاصرة (2/ 922).
والرقبى: أن يقول: إن مت قبلي رجعت إلي، وإن مت قبلك فهي لك، وذلك أن كل واحد منهما يرقب موت صاحبه
(1)
.
الصورة الثالثة:
ذكر بعضهم صورة ثالثة للرقبى، وهي أن تجعل المنزل لفلان يسكنه، فإن مات سكنه فلان، فكل واحد منهما يرقب موت صاحبه
(2)
.
الصورة الرابعة:
قال اللحياني: أرقبه الدار: جعلها له رقبى، ولعقبه بعده، بمنزلة الوقف
(3)
.
والصورة الثانية هي المشهورة، وسوف نبحثها في المبحث التالي.
(1)
. الفروق اللغوية للعسكري (ص: 172).
(2)
. المحكم والمحيط الأعظم لابن سيده (6/ 393).
(3)
. المرجع السابق.