الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الراجح:
أميل إلى القول بالتحريم، والقياس على المنفعة الحاصلة بالقرض إذا لم تكن مشروطة قياس مع الفارق، فإن المنفعة التي أجازها جمهور الفقهاء إنما أجازوها عند السداد،، ومنعوها وقت القرض، أو بعده وقبل السداد، بينما مسألتنا هذه يجتمع البيع والقرض وقت العقد، وكان يمكنه أن يجعل كل واحد في عقد مستقل، ويكون القرض قبل البيع، وفي مجلس آخر أبعد للتهمة. والله أعلم.
المبحث الثاني
إذا شرط عليه إقراضه مقابل إقراضه
[م-1800] اشتراط عقد القرض في عقد القرض، وهو ما يسمى (أسلفني أسلفك)،
فإن جرى هذا بدون اشتراط، فلا خلاف في جوازه، وهو من المعاملة بالمثل، وهو من رد الجميل، والمكافأة على المعروف، والإحسان لمن أحسن إليك.
وإن كان ذلك عن طريق الاشتراط، كأن يقول: أقرضك بشرط أن تقرضني.
فقد اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين:
القول الأول:
لا يجوز الإقراض بشرط الاقتراض، وهذا مذهب المالكية، والشافعية، والحنابلة
(1)
.
قال في مواهب الجليل: «لا خلاف في المنع من أن يسلف الإنسان شخصاً ليسلفه بعد ذلك»
(2)
.
وقال عليش: «ولا خلاف في منع أسلفني وأسلفك، وبحث ابن عبد السلام بأن العادة المكافأة بالسلف على السلف، فقصده لا بعد فيه.
(1)
. مواهب الجليل (4/ 391)، منح الجليل (5/ 79)، حواشي الشرواني (5/ 47)، تحفة المحتاج (5/ 47)، حاشية البجيرمي (2/ 356)، المغني (4/ 211).
(2)
. مواهب الجليل (4/ 391).
وأجيب: بأن العادة قصد السلف عند الاضطرار إليه، وأما الدخول على أن يسلفه الآن ليسلفه بعد شهر مثلا فليس معتادًا فقصده بعيد»
(1)
.
وأصل ذلك القاعدة الفقهية المتفق عليها بين الفقهاء كل قرض جر نفعاً فهو ربا.
كما نص على ذلك الشافعية، فمنع الشافعية أن يقرض المقترض المقرض، وعللوا ذلك بأنه قرض جر نفعاً
(2)
.
وكذلك منع منها الحنابلة، جاء في المغني:«وإن شرط في القرض .... أن يقرضه المقترض مرة أخرى لم يجز»
(3)
.
القول الثاني:
أن ذلك جائز، وقد رجحه الدكتور نزيه حماد من المعاصرين، وبه قال عبد الستار أبو غدة ونجاة صديقي
(4)
.
وحجتهم:
(1)
ـ أن المنفعة متماثلة لا تخص المقرض وحده، وليست من ذات القرض وإنما من الإقدام على التعامل مع من يعاملك، وهذا شأن التجارة.
(1)
. منح الجليل (5/ 79).
(2)
. حواشي الشرواني (5/ 47)، تحفة المحتاج (5/ 47)، حاشية البجيرمي (2/ 356).
(3)
. المغني (4/ 211).
(4)
. انظر قضايا فقهية معاصرة ـ د نزيه حماد (ص: 229)، وانظر الفتاوى الاقتصادية (ص: 164)، النظام المصرفي اللاربوي (ص: 43)، نظرية القرض في الفقه الإسلامي (ص: 221).
(2)
ـ القياس على السفتجة من حيث كونها لا تخص المقرض وحده، بل تعم الطرفين.
(3)
ـ أن الربا إنما حرم شرعاً؛ لأنه ظلم من المقرض للمقترض، أما الاتفاق على الإقراض المتبادل بين المقرض والمستقرض بمبالغ متساوية ولمدة متماثلة فليس فيه شيء من الظلم لأحد الطرفين.
(4)
ـ أن فيها بديلاً عن القرض الربوي القائم على الفائدة.
الراجح:
كنت قد تعرضت لهذه المسألة في البحث فيما سبق، ورأيت أن الإجماع المحكي في المسألة إن صح كان حجة، وإن لم يصح فالقول بالجواز متجه؛ ولكن بعد تقليب النظر رأيت أن القول بالمنع أقوى، لأني لم أجد قولًا فقهيًا يقول بالجواز من المتقدمين، ولأن المنفعة للمقرض لا يقابلها عوض سوى القرض، وهذا لا يجوز، لهذا يجب الانتباه عن رأيي المتقدم في المسألة، والله أعلم.
* * *