الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني
في الاستدانة على بيت المال
كل من ولي ولاية الخلافة فما دونها لا يحل له أن يتصرف إلا بجلب مصلحة أو دفع مفسدة.
المصالح العامة مقدمة على المصالح الخاصة.
من عمل لمصلحة الناس يرزق من بيت المال.
يجوز لولي الأمر عند الضرورة الاقتراض على بيت المال فيما يصرفه في الديون دون الإرفاق.
[م-1787] يجوز للإمام العادل أن يستدين على بيت المال للمصالح العامة، كتجهيز الجيش، وللنفقات الواجبة، ودليله من والسنة، والإجماع، والقياس.
الدليل من السنة:
(ح-1070) ما رواه مسلم من طريق زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار.
عن أبي رافع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استسلف من رجل بكراً، فقدمت عليه إبل من إبل الصدقة، فأمر أبا رافع أن يقضي الرجل بكره، فرجع إليه أبو رافع، فقال: لم أجد فيها إلا خياراً رباعياً، فقال: أعطه إياه، إن خيار الناس أحسنهم قضاء.
قال الإمام الشافعي: «العلم يحيط أنه لا يقضي من إبل الصدقة، والصدقة لا تحل له، إلا وقد تسلف لأهلها ما يقضيه من مالهم»
(1)
.
(1)
. مختصر المزني (ص: 44).
(1)
.
(2)
.
(1)
. عمدة القارئ (12/ 135).
(2)
. الاستذكار (6/ 511)، ويثور إشكال فقهي في توجيه هذا الحديث، كيف قضى النبي من إبل الصدقة أجود من الذي يستحقه الغريم مع، أن الناظر في الصدقات لا يجوز تبرعه منها؟
فقيل: إن المقرض من أهل الصدقة، فيكون فضل الشيء صدقة عليه.
ورجح الباجي والنووي، أن النبي اقترضه لنفسه، فلما جاءت إبل الصدقة، اشترى منها بعيرًا، فملكه النبي، وأوفاه متبرعًا بالزيادة؛ ويدل له ما رواه مسلم من حديث أبي هريرة، قال: كان لرجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم حق، فأغلظ له، فهم به أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن لصاحب الحق مقالًا، فقال لهم: اشتروا له سنًا، فأعطوه إياه، فقالوا: إنا لا نجد إلا سنًا هو خير من سنه، قال: فاشتروه، فأعطوه إياه، فإن من خيركم، أو خيركم أحسنكم قضاء. انظر شرح النووي على مسلم (11/ 38)، شرح المنتقى للباجي (5/ 96).
ويكدر على هذا التوجيه ما جاء في صحيح ابن خزيمة، استلف من رجل بكرًا فقال: إذا جاءت إبل الصدقة قضيناك، فلما جاءت إبل الصدقة أمر أبا رافع أن يقضي الرجل، بكره فرجع إليه أبو رافع، فقال: لم أجد فيها إلا خيارًا رباعيا فقال أعطه إياه.
وقال سند كما في الذخيرة للقرافي (5/ 286): المراد بالصدقة مال الجزية كانت تسمى صدقة من الله تعالى على هذه الأمة وهي حلال له صلى الله عليه وسلم. وهذا أبعدها.
وقال ابن حجر: «للإمام أن يقترض على بيت المال لحاجة بعض المحتاجين ليوفي ذلك من مال الصدقات» .
(ح-1071) وروى الإمام أحمد من طريق جرير - يعني ابن حازم - عن محمد - يعني ابن إسحاق- عن أبي سفيان، عن مسلم بن جبير، عن عمرو بن حريش، قال:
سألت عبد الله بن عمرو بن العاص، فقلت: إنا بأرض ليس بها دينار، ولا درهم، وإنما نبايع بالإبل والغنم إلى أجل، فما ترى في ذلك؟ قال: على الخبير سقطت، جهز رسول الله صلى الله عليه وسلم جيشاً على إبل من إبل الصدقة، فنفدت، وبقي ناس، فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: اشتر لنا إبلاً بقلائص من إبل الصدقة إذا جاءت حتى نؤديها إليهم، فاشتريت البعير بالاثنين، والثلاث من قلائص، حتى فرغت، فأدى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم من إبل الصدقة
(1)
.
وفي لفظ أبي داود: فكان يأخذ البعير بالبعيرين إلى إبل الصدقة.
(2)
[حسن]
(3)
.
وهذا الحديث وإن كان في الدين، فإذا جاز الاستدانة على مال المسلمين، جاز الاقتراض على مالهم، لأن القرض نوع من الدين.
(1)
. المسند (2/ 171).
(2)
. سنن أبي داود (2913).
(3)
. سبق تخريجه، انظر (ح 367) من هذا الكتاب.