الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دليل من قال: يجب توثيق الدين بالكتابة
.
الدليل الأول:
قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} [البقرة: 282].
وجه الاستدلال:
قوله تعالى: {فَاكْتُبُوهُ} وهذا أمر بكتابة الدين بيعًا كان أو قرضًا، والأصل في الأمر الوجوب، ومما يؤيد دلالة هذا الأمر على الوجوب اهتمام الآية ببيان من له حق الإملاء، وصفة الكاتب، وأمر الكاتب بالاستجابة إذا طلب منه ذلك، ونهى عن الملل من الكتابة على أي حال كان من القلة والكثرة، ثم نفى الجناح بترك الكتابة إذا كان البيع حاضرًا يدًا بيد، والتعبير بنفي الجناح بقوله:{فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا} [البقرة: 282] يشعر بلوم من ترك الكتابة عند تعامله بالدين
(1)
.
وأجيب عن الآية بجوابين:
الجواب الأول:
بأن الأمر في الآية للإرشاد، وليس للإيجاب، والقرينة الصارفة عن الوجوب، قوله تعالى:{وَإِن كُنتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَّقْبُوضَةٌ} [البقرة:283] والرهن لا يجب إجماعًا، وهو بدل من الكتابة عند تعذرها في الآية، فلو كانت الكتابة واجبة لكان بدلها واجبًا، وصرح بعدم الوجوب بقوله:
(1)
. انظر المحلى، مسألة (1415، 1199)، تفسير الطبري ط هجر (5/ 78)، تفسير القرطبي (3/ 383).
{فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُم بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ} [البقرة:283]، فالتحقيق أن الأمر في قوله: فاكتبوه للندب والإرشاد؛ لأن لرب الدين أن يهبه، ويتركه إجماعًا، فالندب إلى الكتابة فيه، إنما هو على جهة الحيطة للناس
(1)
.
وأما الجواب عن التعبير بنفي الجناح في البيع الناجز مما يعني وجود الجناح في ترك الكتابة بالبيع المؤجل فيقال: إن نفي الجناح ليس على بابه في هذه الآية نظير هذا قوله تعالى: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [النساء: 101] فعبر بنفي الجناح لمن أراد قصر الصلاة بشرط الخوف، مع أن الإتمام أولى من القصر، فهو مندوب للمسافر مطلقًا، وليس الخوف شرطًا في جوازه، والله أعلم.
الجواب الثاني:
قال بعضهم: كانت كتابة الدين والإشهاد والرهن فرضًا ثم نسخ الكل بقوله تعالى: {فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُم بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ} [البقرة: 283]. وهو قول الشعبي، والربيع بن أنس، والحسن وابن جريج والحكم بن عتيبة، وغيرهم
(2)
.
والجواب الأول أصح؛ لأن الأصل عدم النسخ.
قال الطبري: «لا وجه لاعتلال من اعتل بأن الأمر بذلك منسوخ بقوله: {فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُم بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ} [البقرة: 283]؛ لأن ذلك إنما أذن الله
(1)
. انظر أضواء البيان (1/ 184).
(2)
. تفسير البغوي (1/ 349)، تفسير ابن كثير ـ تحقيق سامي سلامة (1/ 723)، تفسير الرازي (7/ 92)، تفسير القرطبي (3/ 383)، البحر المحيط في التفسير (2/ 723)، اللباب في علوم الكتاب (4/ 480).