الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثالث
في مكان استرداد القرض
ما وجب رده لزم رده في موضع التعاقد إلا أن يكون المكان لا يصلح لذلك.
التراضي على القضاء في غير بلد القرض بدون شرط يجوز، ويأخذ حكم الزيادة عند الوفاء من غير شرط.
إذا بذل المقترض مثل ما اقترض في غير مكان الاقتراض لزم المقرض قبوله إذا لم يكن لحمله مئونة، وكان البلد والطريق آمنين.
[م-1769] لا يجب على المقرض ولا على المقترض ذكر مكان وفاء الدين، لحديث ابن عباس المتفق عليه من أسلف في شيء فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم، إلى أجل معلوم
(1)
.
فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يذكر مكان إيفاء المسلم فيه، مع أن الحديث وارد لبيان شروط السلم، فدل ذلك على عدم اشتراطه، وإذا لم يجب ذكر مكان الوفاء في دين السلم، وهو من عقود المعاوضات، لم يجب ذكره في دين القرض من باب أولى؛ لأن عقود المعاوضات قائم على أن كل التزام يقابله عوض، فيتشدد في ذكر مكان الوفاء بخلاف عقد الإرفاق القائم على التسامح.
[م-1770] وإذا أطلق عقد القرض، ولم يذكر مكان الوفاء، فإن هذا يعني أن الوفاء يجب أن يكون في الموضع الذي تم فيه العقد، ولا يتحمل المقرض أي نفقات لرد قرضه
(2)
.
(1)
. صحيح البخاري (2240)، صحيح مسلم (1604).
(2)
. الكافي لابن عبد البر (ص: 358)، الاختيارات الفقهية (ص: 132)،
وجه ذلك:
أن المقرض محسن، وما على المحسنين من سبيل، فلو كان عليه أن يتجشم مشقة لرد قرضه، لكان ذلك منافيا لإحسانه.
إلا أن يكون موضع العقد لا يصلح مكانًا للوفاء، كما لو أقرضه في طيارة، أو في لجة البحر.
وإذا اشترط المقرض مكانًا للوفاء عند القرض ففي ذلك خلاف في صحة هذا الاشتراط، وسوف يأتينا بحث هذه المسألة إن شاء الله تعالى في الشروط الجعلية في عقد القرض.
[م-1771] لكن لو بذله المقترض في مكان آخر غير بلد الإقراض، فهل يلزم المقرض قبوله، وكذا لو طالب المقرض المقترض الوفاء في غير بلد القرض، فهل يلزم المقترض دفعه؟
وللجواب على ذلك نقول:
إذا كان بدل القرض مما لا حمل له، ولا مؤنة، كالدراهم والدنانير فذهب الحنفية والمالكية والشافعية، والحنابلة إلى أنه يلزم المقرض قبوله إذا بذله المقترض في غير بلد القرض، زاد الحنابلة شرطًا، وهو أن يكون البلد والطريق آمنين؛ لعدم الضرر عليه في ذلك، واعتبر الشافعية والمالكية هذا الشرط في الجملة
(1)
.
(1)
. النتف في الفتاوى للسغدي (1/ 493)، المبسوط (14/ 38)، الشرح الصغير مع حاشية الصاوي (3/ 296)، حاشية الدسوقي (3/ 227)، التاج والإكليل (4/ 547)، الخرشي (5/ 232 - 233)، الشرح الكبير (3/ 227)، المهذب (1/ 304)، تحفة المحتاج (5/ 46)، نهاية المحتاج (4/ 229)، حاشية الجمل (3/ 261)، حاشيتا قليبوبي وعميرة (2/ 322 - 323)، أسنى المطالب (2/ 143)، مطالب أولي النهى (3/ 247)، شرح منتهى الإرادات (2/ 103)، المغني (4/ 214)، الإنصاف (5/ 134 - 135).