الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جاء في حاشية الشرواني: «وإيجاب وقبول لفظا من الناطق مع التواصل المعتاد كالبيع»
(1)
.
القول الثالث:
أن هبة المحقرات تصح فيها المعاطاة دون غيرها، اختاره ابن سريج من الشافعية
(2)
.
القول الرابع:
يشترط الإيجاب والقبول لفظًا في الهبة، ولا يشترطان في الهدية على الصحيح من مذهب الشافعية، بل يكفي البعث من هذا، والقبض من ذاك
(3)
.
قال النووي: «أما الهبة فلا بد فيها من الإيجاب، والقبول باللفظ، كالبيع وسائر التمليكات. وأما الهدية، ففيها وجهان:
أحدهما: يشترط فيها الإيجاب والقبول كالبيع والوصية، وهذا ظاهر كلام الشيخ أبي حامد، والمتلقين عنه.
والثاني: لا حاجة فيها إلى إيجاب وقبول باللفظ، بل يكفي القبض ويملك به، وهذا هو الصحيح الذي عليه قرار المذهب، ونقله الأثبات من متأخري الأصحاب، وبه قطع المتولي والبغوي، واعتمده الروياني وغيرهم، واحتجوا بأن الهدايا كانت تحمل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقبلها، ولا لفظ هناك، وعلى ذلك
(1)
. حاشية الشرواني (6/ 298).
(2)
. نهاية المطلب (8/ 407).
(3)
. حاشيتا قليوبي وعميرة (3/ 112).
جرى الناس في الأعصار، ولذلك كانوا يبعثون بها على أيدي الصبيان الذين لا عبارة لهم.
فإن قيل: هذا كان إباحة لا هدية وتمليكًا.
فجوابه: أنه لو كان إباحة لما تصرفوا فيه تصرف الملاك، ومعلوم أن ما قبله النبي صلى الله عليه وسلم كان يتصرف فيه ويملكه غيره، ويمكن أن يحمل كلام من اعتبر الإيجاب، والقبول على الأمر المشعر بالرضا دون اللفظ، ويقال: الإشعار بالرضا قد يكون لفظًا، وقد يكون فعلًا»
(1)
.
وقد تكلمت على أدلة هذه المسألة في عقد البيع، عند الكلام على البيع بالمعاطاة، وأدلة المسألتين واحدة، فأغنى ذلك عن إعادتها هنا، والراجح أن الهبة والهدية لا يشترط لها لفظ معين، فتصح بالقول كما تصح بالفعل الدال عليه.
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يهدى إليه، فيقبضه، ويتصرف فيه، ولم ينقل أن من أهدى قدم إيجابًا لفظيًا، ولا من قبل قدم قبولًا لفظيًا.
(ح-1107) وقد روى البخاري من طريق محمد بن زياد،
عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتي بطعام سأل عنه: أهدية أم صدقة؟، فإن قيل صدقة، قال لأصحابه: كلوا، ولم يأكل، وإن قيل هدية، ضرب بيده صلى الله عليه وسلم فأكل معهم
(2)
.
(ح-1108) وقد روى البخاري من طريق هشام، عن أبيه،
عن عائشة رضي الله عنها:
(1)
. روضة الطالبين (5/ 365).
(2)
. البخاري (2576).
«أن الناس كانوا يتحرون بهداياهم يوم عائشة، يبتغون بها أو يبتغون بذلك مرضاة صلى الله عليه وسلم
(1)
.
ولو كان الإيجاب والقبول شرطا لنقل ذلك نقلًا مشتهرًا فلما لم ينقل دل على أنه إجماع منهم. والله أعلم.
* * *
(1)
. صحيح البخاري (2574)، ورواه مسلم (2441).