الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهذا هو القول الراجح الذي لا ينبغي خلافه.
المسألة الثانية:
[م-1807] أن يكون شرط الوفاء في غير بلد القرض اشترطه المقترض، كما لو اقترض رجل وهو مسافر، واشترط أن يكون الوفاء في بلده إذا رجع من السفر؛ لكونه أرفق به، وأيسر له، ففي هذه الحالة يجوز الوفاء في غير بلد القرض؛ لأن التحريم إنما كان خوفًا من أن يحمل القرض نفعًا خاصًا للمقرض، فإذا جاء الاشتراط من قبل المقترض وكان أرفق به، لم يكن هناك منفعة للمقرض، وإن كان هناك منفعة فإنها لم تتمحض له، وإنما هي مشتركة بينه وبين المقترض.
قال ابن عبد البر: ولا بأس أن يشترط المستسلف ما ينتفع به من القضاء في موضع آخر، ونحو ذلك، قال مالك: فإن كان المقرض هو المشترط لما ينتفع به لم يجز ذلك، ولا خير فيه»
(1)
.
المسألة الثالثة:
[م-1808] أن يشترط المقرض الوفاء في غير بلد القرض، ولم يكن للمقترض أي منفعة من هذا الشرط، ويكون الباعث على الشرط أن يأمن المقرض خطر الطريق ومؤنة الحمل.
فهذا الشرط لا يجوز، وينبغي أن يكون التحريم بالإجماع.
جاء في الكافي لابن عبد البر: «فإن كان المقرض هو المشترط لما ينتفع به لم يجز ذلك»
(2)
.
(1)
. الكافي لابن عبد البر (ص: 359)، وانظر المعونة (2/ 999 - 1000).
(2)
. الكافي لابن عبد البر (ص: 359).
وقال ابن قدامة: «وإن شرط أن يعطيه إياه في بلد آخر، وكان لحمله مؤنة لم يجز»
(1)
.
وقال العمراني في البيان: «ولا يجوز أن يقرضه دراهم على أن يعطيه بدلها في بلد أخرى، ولا أن يكتب له بها سفتجة، فيأمن خطر الطريق ومؤنة الحمل»
(2)
.
لأن أي زيادة مشروطة تتمحض للمقرض من قرضه لا يجوز سواء كانت هذه الزيادة عينًا أو منفعة، فكأن المقرض رجع إليه قرضه وزيادة، وكانت الزيادة مشروطة، وهي تحمل نفقات الحمل، وهي عوض على الإقراض، لا يقابلها شيء فتكون ربا.
قال ابن عبد البر: كل زيادة من عين أو منفعة يشترطها المسلف على المستسلف فهي ربا، لا خلاف في ذلك»
(3)
.
فقوله رحمه الله (كل زيادة) من ألفاظ العموم تشمل كل زيادة، وقوله (من عين أو منفعة) بيان لهذه الزيادة، وأن الزيادة ليست محصورة في أعيان معينة كربا البيوع، بل ولا في جنس الأعيان حتى لو اشترط زيادة منفعة، كانت المنفعة محرمة.
والزيادة هنا جمعت زيادة العين والمنفعة، فأجرة الحمل زيادة عينية، وخطر الطريق زيادة منفعة.
(1)
. المغني (4/ 211).
(2)
. البيان للعمراني (5/ 462)، وانظر نهاية المطلب (5/ 452).
(3)
. الاستذكار (21/ 54).