الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفرع الرابع
في هبة الأب والوصي من مال الصغير
كل متصرف عن الغير فعليه أن يتصرف بالمصلحة.
[م-1836] إذا كان يشترط في الواهب أن يكون أهلًا للتبرع، فهل يتمتع الأب والوصي بهذه الأهلية في مال الصغير، أو أن تصرفهما يكون مقيدًا بالمصلحة، ولا مصلحة بالتبرع؛ إذ هو ضرر محض؟
وللجواب نقول: إن كانت الهبة بلا عوض فلا يملكانها قولًا واحدًا
(1)
.
جاء في غمز عيون البصائر: «التبرع غير داخل تحت ولاية الأب»
(2)
.
وجاء في بدائع الصنائع: «الأب لا يملك هبة مال الصغير من غير شرط العوض بلا خلاف .... لأنه لا يقابله نفع دنيوي وقد قال الله عز شأنه {وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [الأنعام: 152].
ولأنه إذا لم يقابله عوض دنيوي كان التبرع ضررا محضا .... فلا يدخل تحت ولاية الولي»
(3)
.
وفي الذخيرة نقلًا من الكتاب: «تمنع هبة الأب من مال ابنه الصغير؛ لأن الله
(1)
. المبسوط (12/ 78 - 79)، تحفة الفقهاء (3/ 169)، بدائع الصنائع (6/ 118)، الجوهرة النيرة (1/ 331)، حاشية ابن عابدين (5/ 696)، الذخيرة للقرافي (6/ 224)، الإنصاف (5/ 325)، كشاف القناع (3/ 447)، المبدع (4/ 337)،
(2)
. غمز عيون البصائر (3/ 323).
(3)
. بدائع الصنائع (6/ 118).
تعالى منع التصرف إلا بالتي هي أحسن»
(1)
.
وجاء في الشرح الكبير على المقنع: «وليس لوليهما ـ يعني الصبي والمجنون ـ التصرف في مالهما إلا على وجه الحظ لهما، وما لاحظ فيه ليس له التصرف به كالعتق، والهبة، والتبرعات، والمحاباة، لقول الله سبحانه وتعالى:{وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [الأنعام: 152].
وقوله عليه الصلاة والسلام: لا ضرر ولا ضرار. رواه الإمام أحمد، وهذا فيه إضرار فإن فعل شيئاً من ذلك، أو زاد على النفقة عليهما، أو على من تلزمهما مؤنته بالمعروف ضمن؛ لأنه مفرط، فضمن كتصرفه في مال غيرهما»
(2)
.
وإذا منع الأب والوصي من إقراض مال الصغير، مع أنه مضمون برد مثله، فهو ممنوع من الهبة التي لا يقابلها عوض من باب أولى.
قال في بدائع الصنائع وهو يتكلم عن شروط القرض: «وأما الذي يرجع إلى المقرض فهو أهليته للتبرع، فلا يملكه من لا يملك التبرع من الأب، والوصي، والصبي، والعبد المأذون، والمكاتب؛ لأن القرض للمال تبرع، ألا ترى أنه لا يقابله عوض للحال، فكان تبرعًا للحال، فلا يجوز إلا ممن يجوز منه التبرع، وهؤلاء ليسوا من أهل التبرع، فلا يملكون القرض»
(3)
.
(1)
. الذخيرة للقرافي (6/ 224).
(2)
. الشرح الكبير (4/ 519).
(3)
. بدائع الصنائع (7/ 394)، وانظر فتح القدير (6/ 523)، البحر الرائق (6/ 132).