الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ونوقش:
بأن دلالة المفهوم دلالة ضعفية، وإنما نص على السفر؛ لأنه جرى مجرى الغالب؛ إذ الغالب أن الكاتب والشاهد والورق توجد في الحضر، ولا توجد غالبًا في السفر، لهذا نص على الرهن في السفر، وإن كان جائزًا في الحضر.
القول الثالث:
الرهن يجوز في السفر مطلقًا، وأما في الحضر فإن تبرع به الراهن جاز، وإن اشترطه المرتهن لم يكن له ذلك، وبه قال ابن حزم
(1)
.
وهذا القول من ابن حزم حاول فيه أن يجمع بين الآية الكريمة التي ذكرت السفر كشرط في جواز الرهن، وبين ثبوت الرهن في الحضر حيث رهن النبي صلى الله عليه وسلم درعه في المدينة.
ولكن هذا القول لا يصح لابن حزم إلا إذا أثبت أن الرهن قد تبرع به النبي صلى الله عليه وسلم، وقد خالف ابن حزم في قوله هذا أصلين:
أحدهما: أن الأصل في العقود عدم التبرع، ولا تثبت دعوى التبرع إلا بدليل.
والثاني: أن الأصل في الرهن أن يطلبه المرتهن توثقة لدينه؛ لأن المصلحة له وحده، ودعوى أن الراهن هو الذي تقدم به دون طلب من المرتهن لا تثبت إلا بدليل؛ لأنه خلاف الظاهر.
الراجح:
جواز الرهن في الحضر والسفر، والله أعلم.
* * *
(1)
. المحلى، مسألة (1209).
المبحث الثالث
توثيق القرض بالضمان
[م-1817] اشتراط المقرض كفيلًا ويقال له: (الضمين، والحميل، والقبيل، والزعيم)، من الشروط الصحيحة، وليس هو من القرض الذي يجر منفعة؛ فإن الضمان لا منفعة فيه إلا التوثيق، وليس في استيثاق المقرض بالضمان جلب منفعة زائدة؛ فإنه كان بماله وهو في يده أوثق منه بالضمان الآن.
وقد دل على صحة اشتراط الضمان الكتاب والسنة، والإجماع
(1)
.
أما الكتاب، فقوله تعالى:{وَلِمَن جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} [يوسف:72].
(ح-1094) وأما السنة، فمنها ما رواه البخاري من طريق أبي عبيد.
عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بجنازة، ليصلي عليها، فقال: هل عليه دين؟ قالوا: لا. فصلى عليه، ثم أتي بجنازة أخرى، فقال: هل عليه من دين؟ قالوا: نعم. قال: صلوا على صاحبكم، فقال أبو قتادة: علي دينه يا رسول الله، فصلى عليه
(2)
.
وأما الإجماع فقد قال في رد المحتار: «ودليلها - يعني الكفالة - الإجماع»
(3)
.
(1)
. انظر حاشيتي قليوبي وعميرة (2/ 404)، مواهب الجليل (5/ 96)، وجاء في الموسوعة الكويتية (6/ 170):«الضمان والكفالة قد يستعملان بمعنى واحد، وقد يستعمل الضمان للدين، والكفالة للنفس» .
(2)
. صحيح البخاري (2295).
(3)
. حاشية ابن عابدين (5/ 285).
وجاء في درر الحكام: «مشروعية الكفالة بالكتاب، والسنة، وإجماع الأمة»
(1)
.
وقال ابن قدامة: «أجمع المسلمون على جواز الضمان في الجملة»
(2)
.
وقال البهوتي: «الضمان جائز إجماعاً في الجملة»
(3)
.
كما أن الحاجة داعية إليه، فقد لا يطمئن المقرض إلى المقترض، أو يخشى عليه من الإفلاس فيحتاج إلى من يكفله
(4)
.
* * *
(1)
. درر الحكام شرح مجلة الأحكام (1/ 718 - 721).
(2)
. المغني (4/ 344).
(3)
. شرح منتهى الإرادات (2/ 122).
(4)
. انظر تبيين الحقائق (4/ 145 - 146)، العناية شرح الهداية (7/ 163 - 164)، مواهب الجليل (5/ 96)، حاشيتي قليوبي وعميرة (5/ 96)، تحفة المحتاج (5/ 240).