الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال القاضي: ومعنى الحظ أن يكون لليتيم مال في بلده، فيريد نقله إلى بلد آخر، فيقرضه من رجل في ذلك البلد، ليقضيه بدله في بلده، يقصد بذلك حفظه من الغرر في نقله، أو يخاف عليه الهلاك من نهب، أو غرق، أو نحوهما، أو يكون مما يتلف بتطاول مدته، أو حديثه خير من قديمه، كالحنطة ونحوها، فيقرضه خوفًا أن يسوس، أو تنقص قيمته، وأشباه هذا، فيجوز القرض؛ لأنه مما لليتيم فيه حظ فجاز، كالتجارة به.
وإن لم يكن فيه حظ، وإنما قصد إرفاق المقترض، وقضاء حاجته، فهذا غير جائز؛ لأنه تبرع بمال اليتيم، فلم يحز كهبته»
(1)
.
الدليل الخامس:
(ح-1081) ما رواه أحمد، قال: حدثنا يحيى بن سعيد القطان، قال: حدثنا محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو سلمة،
عن أبي هريرة، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيعتين في بيعة، وعن لبستين: أن يشتمل أحدكم الصماء في ثوب واحد، أو يحتبي بثوب واحد، ليس بينه وبين السماء شيء
(2)
.
[تفرد محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة بزيادة (في بيعة) وقد رواه أصحاب أبي هريرة بلفظ: نهى عن بيعتين وعن لبستين، وهو المحفوظ]
(3)
.
(1)
. المغني (4/ 167).
(2)
. المسند (2/ 432).
(3)
. كنت قد خرجت الحديث فيما سبق وأشرت إلى أن الحديث رواه أحمد (2/ 475)، وأبو داود (3461)، والترمذي في السنن (1231)، والنسائي في المجتبى (4632)، وابن الجارود في المنتقى (600)، وأبو يعلى في المسند (6124)، وابن حبان في صحيحه (4973)، والحاكم في المستدرك (2292)، والبيهقي في السنن (4/ 381) من طرق كثيرة، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة.
وكنت قد حسنت الحديث فيما سبق، ثم ظهر لي أن محمد بن عمرو قد خالف غيره، ولو كان الأمر هو تفرده لاحتمل مع أنه خفيف الضبط، أما وقد خالف أخص أصحاب أبي هريرة كالأعرج وابن سيرين وغيرهما فإنها لا تحتمل مخالفته. وقد انتقد ابن معين روايته عن أبي سلمة، فقال حين سئل عنه: ما زال الناس يتقون حديثه. قيل له؟ وما علة ذلك؟ قال: كان يحدث مرة عن أبي سلمة بالشيء من روايته، ثم يحدث به مرة أخرى، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة.
فإذا كان الحديث قد رواه جماعة عن أبي هريرة في الصحيحين وغيرهما بلفظ: نهى عن بيعتين ولبستين بدون زيادة لفظ (في بيعة) فلا يشك الباحث في شذوذ هذه اللفظة، وممن خالف محمد بن عمرو:
الأول: حفص بن عاصم كما في صحيح البخاري (584، 588) وأكتفي بالبخاري عن غيره.
الثاني: محمد بن سيرين كما في صحيح البخاري (2145)، وأكتفي بالبخاري.
الثالث: الأعرج، كما في صحيح البخاري (2146)، وصحيح مسلم (1511) وأكتفي بهما عن غيرهما.
الرابع: عطاء بن ميناء، كما في صحيح مسلم (1511).
الخامس: ذكوان أبو صالح السمان، كما في مسند أحمد (2/ 380)، وسنن أبي داود (4080)، وسنن الترمذي (1758)، ومشكل الآثار للطحاوي (5476، 5475).
السادس: محمد بن عمير، كما في سنن النسائي الكبرى (9667)، وشرح معاني الآثار (4/ 363)، ومعجم ابن المقرئ (665)، وتاريخ دمشق (7/ 134).
فلو كانت زيادة (في بيعة) محفوظة لذكرها أصحاب أبي هريرة، فلما تفرد بها محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، وكل من رواه عن أبي هريرة رواه بلفظ: نهى عن بيعتين وعن لبستين تبين لي شذوذ ما رواه محمد بن عمرو.