الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
173
- قال المصنف رحمه الله[1/ 678 - 679]: وَأَغَرَبُ مِنْ هَذَا، مَا فِي «أُسْدِ الغَابَةِ» تَبَعَاً لِأَبِي مُوْسَى، بِإسْنَادِهِمَا عَنْ مَالِكِ بنِ دِيْنَارِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَالَ:«كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَارِجَاً مِنْ جِبَالِ مَكَّةَ، إِذْ أَقْبَلَ شَيْخٌ يَتَوَكَأُ عَلَى عُكَّازِةٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «مِشْيَةُ جِنِّيٍّ ونَغْمَتُه» ؟ قَالَ: أَجَلْ؛ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: مِنْ أَيِّ الجِنِّ؟ قَالَ: أَنَا هَامَةُ بنُ الهِيْمِ أَوْ ابْنُ هِيْمِ بْنِ لَاقِيْسِ بْنِ إِبْلِيْس. فَقَالَ: «لَا أَرَى بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ إِلَّا أَبَوَيْن» قَالَ: أَجَلْ. قَالَ: «كَمْ أَتَى عَلَيْكَ» ؟ قَالَ: أَكَلْتُ عُمْرَ الدُّنْيَا إِلَّا أَقَلَّهَا، كُنْتُ لَيَاليَ قَتَلَ قَابِيْلُ هَابِيْلَ غُلَامَاً ابنُ أَعْوَامٍ، فَكُنْتُ أَتَشَوَّفُ عَلَى الآكَامِ وَأُؤَرِّشُ بَيْنَ الأَنَامِ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«بِئْسَ العَمَلُ» ؟ فَقَالَ: يَا رَسُوْلَ اللهِ، دَعْنِي مِنَ العَتَبِ، فَإِنِّي مِمَّنْ آمَنَ بِنُوْحٍ، وَتُبْتُ عَلَى يَدَيْهِ، وَإِنِّي عَاتَبْتُهُ فِي دَعْوَتِهِ، فَبَكَى وَأَبْكَانِي، وَقَالَ: إِنِّي وَاللهِ لَمِنَ النَّادِمِيْنَ، وَأَعُوْذُ بِاللهِ أَنْ أَكُوْنَ مِنَ الجَاهِلِيْنَ؛ وَلَقِيْتُ هُوْدَاً، وَآمَنْتُ بِهِ؛ وَلَقِيْتُ إِبْرَاهِيْمَ وَكُنْتُ مَعَهُ فِي النَّارِ إِذْ أُلْقِيَ فِيْهَا؛ وَكُنْتُ مَعَ يُوْسُفَ إذْ أُلْقِيَ فِي الجُبِّ، فَسَبَقْتُهُ إِلَى قَعْرِهِ؛ وَلَقِيْتُ شُعَيْبَاً وَمُوْسَى، وَلَقِيْتُ عَيْسَى بْنَ مَرْيَمْ، فَقَالَ لِي: إِنْ لَقِيْتَ مُحَمَّدَاً فَاقْرَأهُ مِنِّيْ السَّلَامَ، وَقَدْ بَلَّغْتُ رِسَالَتَهُ؛ وَآمَنْتُ بِكَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«عَلَى عِيْسَى، وَعَلَيْكَ السَلامُ، مَا حَاجَتُكَ يَا هَامَةُ» ؟ قَالَ: إِنَّ مُوْسَى عَلَّمَنِي التَّوْرَاةَ، وَعِيَسى عَلَّمَنِي الإِنْجِيْلَ، فَعَلِّمْنِيْ القُرْآنَ. فَعَلَّمَهُ. وَفِي رِوَايَةٍ: أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم عَلَّمَهُ عَشْرَ سُوَرٍ مِنَ القُرْآنِ، وَقُبِضَ رَسُوْلُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَلَمْ يَنْعَهُ إِلَيْنَا، فَلَا نَرَاهُ - وَاللهُ أَعْلَمُ - إِلَّا حَيَّاً.
إسناد الحديث ومتنه:
قال ابن أبي الدنيا رحمه الله: حدثني محمد بن صالح القرشي، قال: حدثني
أبو سلمة محمد بن عبد الله الأنصاري - وكان قد رأى الحسن - قال: حدثنا مالك بن دينار، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم خارجاً من جبال مكة، إذ أقبل شيخٌ متوكئاً على عكازة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«مشية جني، ونغمته» . قال: أجل. قال: «مِن أيِّ الجن أنت» ؟ قال: أنا هامة بن أهيم بن لاقيص بن أبليس. قال: «لا أرى بينك وبينه إلا أبوين» . قال: أجل.
قال: «كم أتى عليك» ؟
قال: أكلتُ عمر الدنيا إلا أقلها، لبثت ليالي قبل قابيل وهابيل، غلاماً ابن أعوام أمشي بين الأكام، وأصطاد الهام، وآمر بفساد الطعام، وأورش بين الناس، وأغري بينهم.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بئس عمل الشيخ المتوسم، والفتى المتلوم» .
فقال: دعني من اللوم والعذل، فقد جرت توبتي على يد نوح، فكنت معه فيمن آمن معه من المسلمين، فعاتبته في دعائه على قومه، فبكى وأبكاني، فقال: لا جرم أني من النادمين، وأعوذ بالله أن أكون من الجاهلين، ولقيتُ هودا فعاتبته في دعائه على قومه، فبكى وأبكاني، وقال: لا جرم أني من النادمين، وأعوذ بالله أن أكون من الجاهلين، ولقيت صالحاً، فعاتبته في دعائه على قومه فبكى وأبكاني، وقال: إني من النادمين،
وأعوذ بالله أن أكون من الجاهلين، ولقيتُ شعيباً، فعاتبته في دعائه على قومه، فبكى وأبكاني، وقال: إني من النادمين، وأعوذ بالله أن أكون من الجاهلين، وكنت مع إبراهيم خليل الرحمن إذ ألقي في النار، فكنت بينه وبين المنجنيق، حتى أخرجه الله عز وجل منها، وجعلها عليه برداً وسلاماً، وكنت مع يوسف الصديق في الجب، فسبقته على قعره، وكنت معه في محبسه حتى أخرجه الله عز وجل منه، ولقيت موسى بالمكان