الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
179
- قال المصنف رحمه الله[1/ 687]: ورَوَى البَيْهَقِيُّ فِي «شَرْحِ الأَسْمَاءِ الحُسْنَى» (1) فِي آخِرِ بَابِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ (2) مِنْ طَرِيْقِ عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِأَبِي بَكْرٍ: «يَا أَبَا بَكْرٍ، لَوْ أَرَادَ اللهُ أَنْ لَا يُعْصَى، مَا خَلَقَ إِبْلِيْسُ» .
إسناد الحديث ومتنه:
قال البيهقي رحمه الله: حدثنا أبو محمد عبد الله بن يوسف الأصبهاني إملاء، قال: أخبرنا أبو عمرو بن مطر (3)، قال: حَدَّثَنَا أبو خليفة، قال: أَخْبَرَنَا أبو الربيع الزهراني، قال: حَدَّثَنَا عباد بن عباد، عن عمر بن ذر قال: سمعت عمر بن عبد العزيز، يقول: لو أراد الله أن لا يُعصى ما خلق إبليس. وَحَدَّثَنِي مُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لأَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه: «يَا أَبَا بَكْرٍ، لَوْ أَرَادَ اللهُ أَنْ لايُعْصَى، مَا خَلَقَ إِبْلِيسَ» .
[«الأسماء والصفات» للبيهقي (1/ 402) (329)]
دراسة الإسناد:
- عبد الله بن يوسف بن أحمد، أبو محمد الأصبهاني.
ثِقَةٌ.
…
سبقت ترجمته في الحديث رقم (36)
(1) لم أجد في كتب التراجم، والفهارس، كتاباً للبيهقي بهذا الاسم، ولعله أراد «الأسماء والصفات» ، فإن فيه (1/ 368) باب قول الله تعالى: {مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وليس فيه هذا الحديث، وإنما هو في الباب الذي يليه:(باب قول الله تعالى: يريد الله ليبين لكم). في آخر الباب (1/ 402).
(2)
سورة الأنعام، الآية (111)
(3)
تصحفت في المطبوع إلى «مطهر» .
- محمد بن جعفر بن محمد بن مطر، أبو عمرو النيسابوري المزكي، شيخ العدالة.
ثِقَةٌ.
روى عن: أبي خليفة الفضل بن الحباب، وأبي أحمد المستملي، ومحمد بن يحيى المروزي، وغيرهم.
روى عنه: أبو عبد الله الحاكم - وخرج له في «المستدرك» -، وأبو العباس بن عقدة، وأبو محمد عبد الله بن يوسف الأصبهاني، وغيرهم.
قال الحاكم في «تاريخه» : شيخ العدالة، ومعدن الورع، والمعروف بالسماع، والرحلة، والطلب، على الصدق والضبط والإتقان.
وقال السمعاني: كان شيخاً عالماً، فاضلاً، زاهداً، ورعاً، سمع الحديث الكثير، وأفاد الناس، وانتقى أجزاء على أبي العباس الأصم، اشتهرت به.
قال الذهبي: وكان ذا حفظ وإتقان.
ت 360 هـ.
[«الأنساب» للسمعاني (12/ 314)، «سير أعلام النبلاء» (16/ 162)، «تاريخ الإسلام» (26/ 213)]
- الفَضْلُ بن الحُبَاب، واسم الحباب: عمرو بن محمد بن شعيب، الجُمَحِي البصري.
ثِقَةٌ.
روى عن: أبي الربيع الزهراني، ومحمد بن سلاّم الجمحي، وعلي بن المديني، وغيرهم.
وروى عنه: أبو عوانة في «صحيحه» ، وابن حبان، والطبراني، والإسماعيلي، وغيرهم.
وثَّقَه: مسلمة بن القاسم، وذكره ابن حبان في «الثقات» .
وقال الخليلي: احترقت كتبه، منهم من وثقه، ومنهم من تكلم فيه، وهو إلى التوثيق أقرب.
قال الذهبي في «السير» : الإمام، العلامة، المحدث، الأديب، الإخباري
…
عني بهذا الشأن وهو مراهق
…
ولقي الأعلام، وكتب علماً جماً.
وقال في «الميزان» : مسند عصره بالبصرة
…
وكان ثقة عالماً، ما علمتُ فيه ليناً، إلا ما قال السليماني: إنه من الرافضة، فهذا لم يصح عن أبي خليفة.
وذكر ابن حجر ما يدل على أن السليماني لعله أراد أن يقول ناصبي، فقال: رافضي.
قلت: وهو مائل إلى التشيع، وليس برافضي، كما في «الإرشاد» للخليلي.
قال ابن عبد الهادي: الإمام، الثبت، محدث البصرة.
ت 305 هـ.
[«الثقات» لابن حبان (9/ 8)، «الإرشاد» للخليلي (2/ 515، 526)، «سير أعلام النبلاء» (14/ 7)، «ميزان الاعتدال» (4/ 270)، «طبقات علماء الحديث» (2/ 386)، «لسان الميزان» (5/ 455)]
- سليمان بن داود العَتَكي، أبو الربيع الزهراني البصري، سكن بغداد.
ثِقَةٌ.
وثَّقَهُ: ابن معين وزاد: صدوق، وأبو حاتم، وأبو زرعة، والنسائي، وابن قانع، ومسلمة بن القاسم، وذكره ابن حبان في «الثقات» .
قال ابن خراش: تكلم الناس فيه، وهو صدوق.
قال ابن حجر في «تقريب التهذيب» : ثِقَةٌ، لم يتكلم فيه أحدٌ بحُجَّةٍ.
وهذا هو الراجح، ولا يلتفت إلى كلام ابن خراش؛ لأنه ضعيف.
ت 234 هـ.
[«الجرح والتعديل» (4/ 113)، «الثقات» لابن حبان (8/ 278)، «تاريخ بغداد» (10/ 52)، «تهذيب الكمال» (11/ 423)، «سير أعلام النبلاء» (10/ 676)، «تهذيب التهذيب» (4/ 190)، «تقريب التهذيب (ص 407)]
- عَبَّاد بن عبَّاد بن حبيب بن المهلَّب بن أبي صفرة، أبو معاوية البصري.
ثِقَةٌ.
وثَّقَهُ: ابن سعد وزاد: وربما غلط، وابن معين، والعجلي، ويعقوب بن شيبة، وأبو داود، والنسائي، وابن جرير، وزاد: غير أنه يغلط أحياناً. وأبو أحمد المروزي، والعقيلي، وذكره ابن حبان في «الثقات» .
قال ابن سعد في موضع: كان معروفاً بالطلب، حسن الهيئة، لم يكن بالقوي في الحديث.
قال أحمد بن حنبل: ليس به بأس، وكان رجلاً عاقلاً أديباً.
وقال أبو حاتم: صدوق، لا بأس به، قيل له: يحتج بحديثه؟ قالا: لا.
قال الذهبي في «السير» : تعنت أبو حاتم كعادته، وقال: لا يحتج به.
قال الذهبي في «من تكم فيه وهو موثق أو صالح الحديث» : ثقة، حجة.
وفي «الميزان» : صدوق. وفي «المغني» : ثقة، مشهور، وفي «السير»: الحافظ الثقة.
قال في «تقريب التهذيب» : ثِقَةٌ، ربَّما وَهِمَ، أخرج حديثه الجماعة.
والراجح أنه ثقة؛ لتوثيق الأكثرين، ولاحتجاج مُسْلِمٍ به في «صحيحه» وقد أخرج له البخاري حديثين مُتَابَعةً.
وجرح ابن سعد، وأبي حاتم غير مفسَّر، مع ما عرف به أبو حاتم من تشدده في الرجال (1)، وجرحهم لا يرد به توثيق الأكثرين.
ت 179 هـ، وقيل: 180 هـ.
[«الطبقات» لابن سعد (7/ 290، 327)، «تاريخ ابن معين» رواية الدارمي (497)، «سؤالات الآجري لأبي داود» (2/ 78)(1184)، «الجرح والتعديل» (6/ 82)، «الثقات» لابن حبان (7/ 161)، «تاريخ بغداد» (12/ 396)، «تهذيب
(1) ينظر (ص108) من هذه الرسالة.
الكمال» (14/ 128)، «سير أعلام النبلاء» (8/ 294)، «من تكلم فيه وهو ثقة أو صالح الحديث» (ص 285)(177)، «المغني» (1/ 514)، «ميزان الاعتدال» (3/ 81)، «تهذيب التهذيب» (5/ 95)، «تقريب التهذيب» (ص 481)، «هدي الساري» (ص 412)]
- عمر بن ذر بن عبد الله بن زرارة الهمْداني المُرْهِبي، أبو ذر الكوفي.
ثِقَةٌ، مُرْجِيءٌ.
وثَّقَهُ: ابن سعد وزاد: كثير الحديث، وكان مرجئاً، ويحيى القطان، وقال: ليس ينبغي أن يُترك لرأيٍ أخطأ فيه، ووثقه أيضاً: ابن معين، والعجلي، وزاد: مرجيء، وكان ليَّن القول فيه. والنسائي، والبسوي، والدارقطني، وذكره ابن شاهين، وابن حبان في «الثقات» .
قال أبو حاتم: كان صدوقاً، وكان مرجئاً، لا يحتج بحديثه، هو مثل يونس بن أبي إسحاق.
وقال في موضع: كان رجلاً صالحاً، محله الصدق.
قال الذهبي في «الكاشف» : ثقة، بليغ، واعظ، صالح، لكنه مرجيء.
وقال في «من تكم فيه وهو موثق
…
»: مرجيء، صدوق.
وفي «الميزان» : صدوق، ثقة، لكنه رأس في الإرجاء، وقيل: بل كان ليِّن القول فيه، وكان واعظاً بليغاً.
وفي «المغني» : ثقة، لكنه رأس في الإرجاء.
وقال ابن حجر في «تقريب التهذيب» : ثِقَةٌ، رُمِيَ بالإرجاء.
احتج به البخاري في «صحيحه» .
ت 156 هـ.
[«الطبقات» لابن سعد (6/ 362)، «تاريخ ابن معين» رواية الدارمي (673)، «الثقات» للعجلي (2/ 165)، «المعرفة والتاريخ» للبسوي (3/ 133)، «الجرح والتعديل» (6/ 107)، «الثقات» لابن حبان (7/ 168)، «الثقات» لابن شاهين (708)، «تهذيب الكمال» (21/ 334)، «سير أعلام النبلاء» (6/ 385)، «الكاشف» (2/ 310)، «المغني» (2/
114)، «من تكلم فيه وهو موثق أو صالح الحديث» (ص 399)(262)، «ميزان الاعتدال» (4/ 113)، «تهذيب التهذيب» (7/ 444)، «تقريب التهذيب» (ص 718)]
- مقاتل بن حيّان النبطي، أبو بسطام البلخي الخرّاز.
ثِقَةٌ.
…
سبقت ترجمته في الحديث رقم (26)
- عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص، عن أبيه، عن جده.
صَدُوقٌ، ورِوَايتُه عَن أَبِيِهِ، عَنْ جَدِّهِ عَبْدِاللهِ بنِ عَمْرو، مِنْ قَبِيلِ الحدِيثِ الحَسَنِ.
في حال عمرو بن شعيب، وفي النسخة «عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده» خلافٌ كثيرٌ، مُتَعدِّدُ الأطراف، بَلْ ومختلفُ القولِ عن إمامٍ واحدٍ، فضلاً عن مجموع الأئمة، حتَّى أُلِّفَت فيها رسائل (1)، ثم استقرّ الأمر على مذهب القبول، والتحسين، وأن الجدَّ هو الصحابي: عبد الله بن
عمرو رضي الله عنه.
وإثبات سماع شعيب من جده عبد الله بن عمرو رضي الله عنه، وما لم يسمَعْهُ، فَوِجَادَةٌ صحيحةٌ، ونُسب هذا القول المختار إلى الجمهور.
(1) منها: «جزء فيه ما استنكر أهل العلم من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده» للإمام مسلم، ذكره ابن حجر في مسموعاته، كما في «المعجم المفهرس» (ص159)، و «من روى من التابعين عن عمرو بن شعيب» لعبد الغني بن سعيد، ذكره السخاوي في «الإعلان بالتوبيخ» (604)، وألَّف العلائي جزءاً مفرداً في صحة الاحتجاج بهذه النسخة، والجواب عما طعن به عليها، كما في «تدريب الراوي» (2/ 257)، و «بذل الناقد بعض جهده في الاحتجاج بعمرو بن شعيب عن أبيه عن جده» للبلقيني، ذكره في «محاسن الاصطلاح» (542)، و «رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده في الكتب التسعة» ، رسالة ماجستير لأحمد عبد الله -.
أفاد ما سبق الشيخ: مشهور بن حسن سلمان في تحقيقه لـ «الكافي في علوم الحديث» للتبريزي (ص433).
ويُضاف: «صحيفتا عمرو بن شعيب وبهز بن حكيم عند المحدثين والفقهاء» لمحمد بن علي بن الصديق، مطبوعة في المغرب.
والحديث هنا فيه ثلاث مسائل:
الأولى: بيان حال عمرو بن شعيب.
الثانية: بيان حال شعيب بن محمد.
الثالثة: بيان القول في صحة الترجمة، واتصالها من انقطاعها.
الأولى: حال عمرو بن شعيب.
عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص القرشي السهمي، أبوإبراهيم، ويقال: أبوعبد الله، المدني، وعدَّه بعضهم في أهل الطائف.
صَدُوقٌ.
وثَّقَهُ مطلقاً: جمهورُ أهل الحديث: قال علي بن المديني: عمرو بن شعيب عندنا ثقة، وكتابه صحيح.
وقال يعقوب بن شيبه: (ما رأيت أحداً من أصحابنا فيمن ينظر في الحديث وينتقي الرجال يقول في عمرو بن شعيب شيئاً، وحديثه عندهم صحيح، وهو ثقة ثبت. الأحاديث التي
أنكروها من حديثه إنما هي لقوم ضعفاء، رووها عنه، وما روى عنه الثقاتُ فصحيح).
وقال البخاري: (رأيت أحمد بن حنبل، وعلي بن المديني، وإسحاق بن راهويه، وأباعُبيد، وعامة أصحابنا، يحتجون بحديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، ما تركه أحدٌ من المسلمين، قال البخاري: مَنْ الناس بعدهم
…
؟!).
ووَثَّقَهُ أيضاً: يحيى القطان، وابن معين، - في رواية عنهما -، وأبو زرعة، وصالح جزرة، والنسائي، وفي موضع قال: لابأس به. وابن عدي، وغيرهم. وقال ابن حبان في «المجروحين»: يُحوَّل إلى تاريخ الثقات، لأن عدالته قد تقدمت.
وضَعَّفَهُ مُطْلَقَاً: يحيى القطان، وابن معين، وأحمد - في رواية عنهم - وأبو داود،
وقال: أبو حاتم: ليس بقوي، يكتب حديثه، وما روى عنه الثقات، فيُذاكر به.
وفصَّلَ فيهِ آخَرُون، فضعفوا مارواه عن أبيه، عن جده، وصححوا ما عداه:
قال ابن عيينة: (إنما يحدث عن أبيه عن جده، وكان حديثه عند الناس فيه شيء). وقال ابن معين: (هو ثقة في نفسه، وما روى عن أبيه عن جده لا حجة فيه، وليس بمتصل، وهو ضعيف
…
). وقال أيضاً: (إذا حدث عن ابن المسيب أو سليمان بن يسار أو عروة فهو ثقة عنهم). وقال ابن المديني: (ما روى عنه أيوب، وابن جريج، فذاك له صحيح، وما روى عن أبيه عن جده فهو كتاب، هو عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص، وهو يقول: أبي عن جده، فمن هاهنا جاء ضعفه
…
، وإذا حدث عن سعيد بن المسيب، أو سليمان بن يسار، أو عروة، فهو ثقة عن هؤلاء أو قريب من هذا). وقال أبوزرعة: (روى عنه الثقات، وإنما أنكروا عليه كثرة روايته عن أبيه، عن جده، وقالوا: إنما سمع أحاديث يسيرة، وأخذ صحيفة كانت عنده فرواها، وما أقل ما نصيب عنه مما روى عن غير أبيه من المنكر، وعامة هذه المناكير التي تروى
عنه إنما هي عن المثنى بن الصباح، وابن لهيعة والضعفاء، وهو ثقة في نفسه، إنما تكلم فيه بسبب كتاب عنده).
وقال ابن حبان: (إذا روى عمرو بن شعيب عن طاووس، وابن المسيب، وغيرهما من الثقات - غير أبيه - فهو ثقة، يجوز الاحتجاج بما يروي عن هؤلاء، وإذا روى عن أبيه، عن جده، ففيه مناكير كثيرة، لا يجوز عندي الاحتجاج بشيء روى عن أبيه، عن جده؛ لأن هذا الإسناد لا يخلو من أن يكون مرسلاً أو منقطعاً، لأنه عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو، فإذا روى عن أبيه فأبوه شعيب، وإذا روى عن جده وأراد عبد الله بن عمرو جدَّ شعيب، فإن شعيباً لم يلق عبد الله بن عمرو، والخبر بنقله هذا يكون منقطعاً، وإن أراد بقوله:«عن جده» جدَّه الأدنى جد عمرو، فهو محمد بن عبد الله بن عمرو، ومحمد بن عبد الله لا صحبة له؛ فالخبر بهذا النقل
يكون مرسلاً.
فلا تخلو رواية عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، من أن يكون مرسلاً أو منقطعاً، والمرسل والمنقطع من الأخبار لا تقوم بهما الحجة .... وأما من قال: إذا قال عمرو بن شعيب: عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو، ويسميه فهو صحيح. وقد اعتبرت ما قاله، فلم أجد من رواية الثقات المتقنين عن عمرو فيه ذكر سماع عن جده عبد الله بن عمرو، وإنما ذلك شيء يقوله محمد بن إسحاق، وبعض الرواة، ليعلم أن جده اسمه عبد الله بن عمرو، فأدرج في الإسناد.
فليس الحكم عندي في عمرو بن شعيب إلا مجانبة ما روى عن أبيه عن جده. والاحتجاج بما روى عن الثقات غير أبيه، ولولا كراهية التطويل، لذكرت مناكير أخباره التي رواها عن أبيه، عن جده، أشياء يستدل بها على وهن هذا الإسناد .. ) ا. هـ كلام ابن حبان في «المجروحين» .
وقال ابن عدي: (وقد روى عن عمرو بن شعيب أئمةُ الناس، وثقاتُهم، وجماعةٌ من
الضعفاء، إلا أن أحاديثه عن أبيه، عن جده، عن النبي صلى الله عليه وسلم اجتنبه الناس، مع احتمالهم إياه، ولم يدخلوه في صحاح ما خرَّجوه، وقالوا: هي صحيفة).
وقد ذكر ابن حجر أن من ضعفه مطلقاً، محمول على روايته عن أبيه، عن جده. فيبقى قولان في حال عمرو بن شعيب.
ومن ضعفه في روايته عن أبيه، عن جده، فلِعِلَلٍ، سيأتي ذكرها في الأمر الثالث.
قال الذهبي في «المغني» : (عمرو بن شعيب، مختلف فيه، وحديثه حسن، وفوق الحسن).
قال ابن حجر في «تقريب التهذيب» : صدوق.
وأورده في «طبقات المدلسين» وذكره في المرتبة الثانية، وهم: من احتمل الأئمة تدليسه، وأخرجوا له في الصحيح، لإمامته، وقلة تدليسه، أو كان لا يدلس إلا عن ثقة.
قال ابن تيمية: (أئمة الإسلام، وجمهور العلماء، يحتجون بحديث عمرو بن شعيب عن
أبيه عن جده».
ت 118هـ.
الثانية: بيان حال شعيب بن محمد.
- شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص القرشي السهمي الحجازي، وقد يُنْسَب إلى جده.
تَابِعِيٌّ، صَدُوقٌ.
ذكره ابن حبان في «الثقات» وأنكر سماعه من جده. وتعقبه ابن حجر «التهذيب» .
قال الذهبي في «السير» ما علمت به بأساً.
قال الذهبي في «الكاشف» ، وابن حجر في «التقريب»: صدوق، زاد ابن حجر: ثَبتَ سماعُه من جده.
[«الجرح والتعديل» (4/ 351)، «الثقات» لابن حبان (4/ 357)، «تهذيب الكمال» (12/ 534)، «سير أعلام النبلاء» (5/ 181)، «الكاشف» (2/ 13)، «تهذيب التهذيب» (4/ 356)، «تقريب التهذيب» (ص 438)
الثالثة: القول في نسخة (عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده)، وبيان اتصالها من انقطاعها.
القول بالاحتجاج بها هو قول الجمهور، منهم: أحمد بن حنبل، وابن معين، وابن المديني، وإسحاق بن راهويه، والحميدي، وأبو عبيد، والبخاري، والترمذي، وأحمد بن سعيد الدارمي، ويعقوب بن شيبة، والحاكم، والبيهقي، وابن عبد البر، والمزي، وابن تيمية، والعلائي - وقد ألَّف فيها رسالة -، والعراقي، وغيرهم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية كما في «مجموع الفتاوى» : (وأما أئمةُ الأسلام، وجمهور العلماء، فيحتجون بحديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، إذا صح النقل إليه، مثل: مالك بن أنس، وسفيان بن عيينة، ونحوهما، ومثل: الشافعى، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وغيرهم، قالوا: الجدُّ هُوَ: عبد الله، فإنه يجيء مُسمَّى، ومحمدٌ أدركَه، قالوا: وإذا كانت نسخةً
مكتوبةً من عهد النبي كان هذا أوكدَ لها، وأدلَّ على صحتها، ولهذا كان في نسخة عمرو بن شعيب، من الأحاديث الفقهية التي فيها مقدراتُ ما احتاج إليه عامة علماء الاسلام).
- ومَنْ ضعَّف عمرو بنَ شعيب، عن أبيه، عن جده، احتج بأمرين:
1) أن روايته تلك، كتابٌ وجَدَهُ.
2) أن روايته عن أبيه، عن جَدِّهِ، مرسلةٌ أو منقطعةٌ، كما سبق النقل عن ابن حبان في بيان وجه الإرسال والإنقطاع.
وهو عودُ الضمير في «جدِّه» ، هل يعودُ على عَمْرو، فيكون الجد «محمد بن عبد الله» وهو تابعي، فيكون مرسلاً، أم أنَّ الضمير يعود على شعيب، فيكون الجد «عبد الله بن عمرو» وشعيب لم يلق جده عبد الله، فيكون منقطعاً.
والجواب عن الأول: أنه وِجَادَةٌ صحيحةٌ معروفةٌ، أصلُها ما كان يكتبه عبد الله بن عمرو رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم. وقد شهد بصحتها ابن معين، قال ابن حجر:(فإذا شهد له ابن معين أن أحاديثه صحاح، غير أنه لم يسمعها، وصح سماعه لبعضها، فغاية الباقي أن يكون وجادةً صحيحةً، وهو أحد وجوهِ التحمُّل).
والجواب عن الثاني: بأن الضمير يعود على شعيب، والجد هو «عبد الله بن عمرو بن العاص» حيث جاء في بعض الروايات التصريح بذكر الجد، هكذا «عن جده عبد الله» وفي بعضها:«عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو» وجاءت روايات أخرى مصرحة بسماع الجد من النبي صلى الله عليه وسلم، فيكون المراد قطعاً «عبد الله بن عمرو بن العاص» لأن ابنه محمداً تابعيٌّ.
قال الذهبي في «السير» بعد أن ساق الأدلة على أن الجدَّ هُو الصحابي عبد الله بن عمرو، قال:(وعندي عدة أحاديث سوى ما مرَّ، يقول: عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو، فالمطلق محمول على المقيَّد المفسَّرِ بعبد الله).
وتبقى الآن مسألة سماع شعيب بن محمد من جده عبد الله.
والصواب أنه سمع منه؛ لأن محمداً مات في حياة أبيه عبد الله، فتربَّى شعيب في حِجْر جدِّهِ عبد الله، فلازمه، وسمع منه، حتى إنه نسب إليه فقيل: شعيب بن عبد الله.
وقد أثبت جَمعٌ من الأئمة سماعه منه، منهم: ابن المديني، وأحمد بن حنبل، والبخاري، والترمذي، وأبو بكر عبد الله بن محمد بن زياد النيسابوري، والحاكم، وغيرهم.
الخلاصة: صحة الاحتجاج برواية عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده. وأنها من مراتب الحسن.
وقال البخاري - كما سبق -: (رأيت أحمد بن حنبل، وعلي بن المديني، وإسحاق بن راهويه، وأباعُبيد، وعامة أصحابنا، يحتجون بحديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، ما تركه أحد من المسلمين، قال البخاري: مَنْ الناس بعدهم
…
؟!).
وقال الترمذي في «جامعه» - تحقيق شاكر - (3/ 33)(2/ 140): (وشعيبٌ قد سمع من جدِّه عبدِ الله بن عمرو، ومَنْ ضعَّفه فإنما ضعَّفَهُ مِن قِبَل أنه يحدث من صحيفة جده عبد الله بن عمرو، كأنهم رأوا أنه لم يسمع هذه الأحاديث مِن جدِّه، وأما أكثر أهل الحديث فيحتجُّون بحديث عمرو بن شعيب، فيثبتونه، منهم: أحمد، وإسحاق، وغيرهما).
قال ابن القيم في «الفروسية» عن تصحيح الترمذي حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده:(وأحسنَ كلَّ الإِحسانِ في ذلك).
وقال ابن عبد البر في «التقصي لحديث الموطأ» : (وحديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، مقبولٌ عند أكثرِ أهل العلم بالنقل).
وقال إسحاق بن راهويه: (إذا كان الراوي عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، ثقة، فهو كأيوب، عن نافع، عن ابن عمر). قال النووي في «المجموع» : (هذا التشبيه نهاية الجلالة من
مثل إسحاق رحمه الله).
قال ابن الصلاح: وقد احتج أكثر أهل الحديث بحديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، حملاً لمطلق الجَدِّ فيه على الصحابي عبد الله بن عمرو بن العاص، دون ابنه محمد والد شعيب، لما ظَهرَ لهم مِن إطلاقه ذلك).
قال المزي في «تهذيب الكمال» : (وهكذا قال غير واحد: أن شعيباً يروي عن جده عبد الله، ولم يذكر أحدٌ منهم أنه يروي عن أبيه محمد، ولم يذكر أحدٌ لمحمد بن عبد الله والدِ شعيب هذا،
ترجمةً إلا القليل، فدلَّ ذلك على أن حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، صحيحٌ متصلٌ، إذا صَحَّ الإسناد إليه، وأنَّ مَن ادَّعى فيه خلاف ذلك، فدعواه مردودة، حتى يأتي بدليل صحيح يعارض ما ذكرناه).
قال النووي في «تهذيب الأسماء واللغات» : (الصحيح المختار صحة الاحتجاج به عن أبيه، عن جده، كما قال الأكثرون).
قال ابن القيم في «زاد المعاد» : (فإن حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، لا يُعرف مِن أئمةِ الإسلامِ إلا مَن احتجَّ به، وبنى عليه، وإن خالفَهُ في بعض المواضع).
وقال في «إعلام الموقعين» : (وقد احتج الأئمة الأربعة، والفقهاء قاطبة، بصحيفة «عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده»، ولا يُعرف في أئمة الفتوى إلا مَن احتاج إليها، واحتَجَّ بها؛ وإنما طَعَن فيها مَنْ لم يتحَمَّلَ أعباءَ الفقه والفتوى، كأبي حاتم البستي، وابن حزم، وغيرهما).
قال الذهبي في «السير» : (ولسنا ممن يَعُدُّ نسخةَ عَمرو، عن أبيه، عن جده، من أقسام الصحيح الذي لا نزاع فيه؛ من أجل الوجادة، ومِنْ أن فيها مناكير، فينبغي أن يتُأمل حديثُه، ويتحايد ما جاء منه منكراً، ويُروَى ما عدا ذلك في السنن والأحكام، محسنين لإسناده، فقد احتجَّ به أئمةٌ كبار، ووثَّقُوه في الجملة، وتوقَّفَ فيه آخرون قليلاً، وما علمتُ أنَّ أحداً تركه).