الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واستدل ابن حزم على الجواز بالطريقة الظاهرية، وهو أن البيع غير الإجارة، وإنما نهي عن بيع الكلب، ولم ينه عن إجارته، وقياس الإجارة على البيع قياس باطل لو كان القياس حقًا، فكيف وهو كله باطل! لأنهم موافقون على إجارة الحر نفسه، وتحريمهم لبيعه
(1)
.
الراجح:
القول بالمنع، وذلك أن منفعته لا يجوز تملكها بالبيع، فلم يجز تملكها بالإجارة، غاية ما فيه أن التملك مؤبد في عقد البيع، ومؤقت في عقد الإجارة، وهذا ليس فرقًا جوهريًا يبيح بذل العوض في عقد الإجارة، والله أعلم.
* * *
(1)
انظر المحلى، مسألة (1300).
المبحث الثاني
في إجارة الدور والمحلات لغرض محرم
الأصل في كل عقد أن يكون الباعث عليه مباحًا ما لم يقم الدليل على غير ذلك، فإن قام الدليل على أن الباعث على العقد غير مشروع كان العقد محرمًا.
[م-847] إذا كان عقد الإجارة على عمل مباح، كأن تؤجر الدار لغرض السكنى، ثم يقوم المستأجر باتخاذ البيت للمعصية، فيشرب فيه الخمرة، أو يزني فيه، فالإجارة صحيحة؛ لأن الغرض من الإجارة مباح، وهو السكنى أو التجارة المباحة، فيملك المستأجر منفعة الدار، ولا تنفسخ بمعصية المستأجر؛ لأن العقد وارد على منفعة مباحة. وهذا بالاتفاق.
(1)
.
(2)
.
(1)
حاشية ابن عابدين (6/ 81).
(2)
المبسوط (16/ 39).
وجاء في التاج والإكليل: «إذا ظهرت من مكتري الدار خلاعة، وفسق، وشرب خمر لم ينتقض الكراء، ولكن الإمام يمنعه من ذلك، ويكف أذاه عن الجيران
…
»
(1)
.
ويقول الخرشي: «الإجارة لا تنفسخ بظهور المستأجر فاسقًا يشرب فيها الخمر، أو يزني، أو نحو ذلك .. »
(2)
.
وجاء في تصحيح الفروع: «قال ابن أبي موسى: كره أحمد أن يبيع داره من ذمي، يكفر فيها، ويستبيح المحظورات، فإن فعل لم يبطل البيع، وكذا قال الآمدي .... »
(3)
.
ولا فرق بين البيع والإجارة.
ملحوظة: هناك تنبيهان:
الأول: أن القول بعدم الفسخ لا يعني أن المؤجر ليس له أن يمنعه من فعل المعاصي، فإن هذا يطالب به المؤجر كما يطالب به غيره، وهو من قبيل إنكار المنكر الواجب، ولكن الكلام على استحقاق الفسخ بهذا الفعل.
ولذلك جاء في شرح منتهى الإرادات: «وإن استأجر ذمي من مسلم دارًا، وأراد بيع الخمر بها فله منعه؛ لأنه محرم»
(4)
.
وفي كشاف القناع: «ولو اكترى ذمي من مسلم دارًا ليسكنها، فأراد بيع الخمر فيها فلصاحب الدار منعه من ذلك؛ لأنه معصية»
(5)
.
(1)
التاج والإكليل (5/ 435).
(2)
الخرشي (7/ 33).
(3)
تصحيح الفروع (2/ 447).
(4)
شرح منتهى الإرادات (2/ 249).
(5)
كشاف القناع (3/ 559).