الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفرع الثاني
إذا تلفت العين المستأجرة بفعل المستأجر
الجواز الشرعي ينافي الضمان
(1)
.
قال السعدي: «التلف في يد الأمين غير مضمون إذا لم يتعد أو يفرط، وفي يد الظالم مضمون مطلقًا»
(2)
.
(1)
انظر مجلة الأحكام العدلية، مادة (91)، قال في درر الحكام في شرح هذه المادة (1/ 92): «هذه القاعدة مأخوذة من المجامع، ويفهم منها أنه لو فعل شخص ما أجيز له فعله شرعًا، ونشأ عن فعله هذا ضرر ما فلا يكون ضامنًا للخسارة الناشئة عن ذلك.
(2)
القواعد والأصول الجامعة، القاعدة الرابعة عشرة (ص:50).
وقال في تلقيح الأفهام العلية بشرح القواعد الفقهية (ص: 95): «اعلم رحمك الله تعالى أن المراد بالأمين هنا: هو من كان المال بيده برضى ربه، أو ولايته عليه، فإذا قبض الأمين المال من صاحبه، ثم تلف المال فلا يخلو من حالتين: إما أن يكون سبب التلف هو تعدي الأمين أو تفريطه في حفظ المال، وإما أن يكون بسبب خارج عن ذلك، أي ليس للأمين فيه دخل، فإن كان الأول: أي إذا كان سبب التلف هو تعدي الأمين أو تفريطه، فإنه يكون ضامنًا لما تلف في يده من مال أو عين؛ لأنه تعدى وفرط، فيخرج عن حد الإحسان المنافي للضمان في قوله تعالى:{ما على المحسنين من سبيل} [التوبة:91] ...... وعلى ذلك فروع كثيرة نذكر بعضها ليستدل به على الباقي:
وقد ذكر منها الشيخ: الوديعة والرهن والمال في يد الوكيل، والعين المستأجرة في يد الأجير الخاص واللقطة في يد اللقيط والمال في يد المضارب، والعين المعارة في يد المستعير، فإذا تلف المال في يد هؤلاء فإنهم لا يضمنون إلا بالتعدي والتفريط؛ لأن كل واحد منهم يعتبر أمينًا، والأمين لا يضمن إلا بالتعدي والتفريط.
وأما غير الأمين كالظالم فإنه يضمن تلف العين مطلقًا، والظالم من كانت العين بيده بلا رضى مالكها، وقولنا: مطلقًا أي أنه يضمن العين، سواء تلفت بتعد أو تفريط أو بدونهما؛ وذلك مثل الغاصب والخائن في أمانته، وكذلك من عنده لقطة فسكت عليها ولم يعرفها بغير عذر .... الخ
وقال الطحاوي: من كان له أن يفعل شيئًا ففعله معقولًا أن لا ضمان عليه فيه
(1)
.
[م-936] إذا تلفت العين المستأجرة بفعل المستأجر فلا يخلو الأمر:
إما أن يكون المستأجر قد تعدى بأن فعل ما ليس له فعله، أو فرط بأن ترك ما يجب عليه فعله، فإنه في هذه الحالة يجب عليه الضمان بلا خلاف.
لأن العين المستأجرة أمانة في يده، والأمين يضمن بالتعدي والتفريط.
جاء في القواعد والأصول الجامعة: «التلف في يد الأمين غير مضمون إذا لم يتعد أو يفرط، وفي يد الظالم مضمون مطلقًا»
(2)
.
[م-937] وإن كان فعل المستأجر معتادًا أو مأذونًا له فيه بمقتضى عقد الإجارة فلا ضمان على المستأجر بلا خلاف؛ لأن من كان له أن يفعل شيئًا ففعله فلا ضمان عليه فيه.
(3)
.
وقال الشافعي: «وإذا اكترى الرجل من الرجل الدابة فضربها أو نخسها بلجام أو ركضها فماتت، سئل أهل العلم بالركوب، فإن كان فَعَلَ من ذلك ما
(1)
شرح مشكل الآثار (2/ 395).
(2)
القواعد والأصول الجامعة، القاعدة الرابعة عشرة (ص:50).
(3)
المبسوط (15/ 154 - 155).
تفعل العامة، فلا يكون فيه عندهم خوف تلف، أو فعل بالكبح والضرب مثل ما يفعله بمثلها عندما فعله فلا أعد ذلك خرقة لا شيء عليه وإن كان فعل ذلك عند الحاجة إليه بموضع قد يكون بمثله تلف أو فعله في الموضع الذي لا يفعل في مثله ثُمِّن في كل حال من قبل أن هذا تعد»
(1)
.
(2)
.
(3)
.
* * *
(1)
الأم (4/ 38).
(2)
المهذب (1/ 408).
(3)
المغني (5/ 316).
الفرع الثالث
في ضمان العين المستأجرة إذا تلفت بعد انتهاء الإجارة
[م-938] إذا انتهت مدة الإجارة وجب على المستأجر أمران:
الأول: أن يرفع يده عن العين المستأجرة بحيث يقوم بتخلية العين لمالكها فلا يستعملها.
الثاني: أن يسلمها إلى المؤجر بمجرد طلبه ذلك، ولا يجوز له أن يحبسها عن المؤجر.
جاء في درر الحكام شرح مجلة الأحكام: «يلزم المستأجر رفع يده عن المأجور عند انقضاء الإجارة ...... لأنَّ تسلم المستأجر المأجور إنما هو بقصد استيفاء منافع معلومة، ومتى استوفيت تلك المنافع فلا يبقى حكم لذلك العقد. فوضع اليد على المأجور بعد ذلك خارج عن رضاء المؤجر ولا يجوز التصرف في ملك الغير بدون إذنه. ولذلك يلزم رفع يد المستأجر»
(1)
.
وجاء في مغني المحتاج: «يد المكتري على المستأجر من الدابة والثوب وغيرهما يد أمانة مدة الإجارة ..... وكذا بعدها إذا لم يستعملها
…
فلا يلزمه ردها، بل التخلية بينها وبين المالك كالوديعة»
(2)
.
وجاء في نهاية الزين: «لا يلزمه غير التخلية فلا يلزمه الرد ولا مئونته»
(3)
.
(1)
درر الحكام شرح مجلة الأحكام (1/ 579): المادة (591).
(2)
مغني المحتاج (2/ 351)، وانظر منهاج الطالبين (ص: 77)، نهاية الزين (ص: 259).
(3)
نهاية الزين (ص: 259).
وجاء في المبدع: «فإذا انقضت المدة رفع يده عنها، ولم يلزمه الرد»
(1)
.
واعتبر المالكية حبس العين مدة كثيرة بعد انتهاء مدة الإجارة كالشهر مثلًا فأكثر أنه من التعدي المضمون، وهذا يدل على أنهم يرون وجوب رفع اليد عن العين المستأجرة، بخلاف ما لو حبسها يسيرًا كاليوم واليومين، والله أعلم
(2)
.
وجاء في الفواكه الدواني: «لا يجوز للمستأجر العدول عن المسافة المأذون فيها وإن سارت إلا بإذن المكري .... »
(3)
.
* * *
(1)
المبدع (5/ 113)، وانظر المغني (5/ 311)، الإنصاف (6/ 83)، شرح منتهى الإرادات (2/ 276)، مطالب أولي النهى (4/ 169).
(2)
المدونة (4/ 479)، الشرح الكبير (4/ 42)، ومعه حاشية الدسوقي (4/ 42)، الخرشي (6/ 142) و (7/ 42)، التاج والإكليل (5/ 282)، منح الجليل (7/ 120).
(3)
الفواكه الدواني (2/ 169).