الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القول الثالث:
يصح الشرط والعقد في قول بعض المعاصرين، وهو مخرج على قول قتادة وداود الظاهري وأبي حفص العكبري وابن تيمية والسعدي في صحة اشتراط ضمان العارية.
ومخرج على قول عبيد الله بن الحسن العنبري والشيخ ابن عثيمين في صحة اشتراط ضمان الوديعة.
أو مأخوذ من كلام عام في صحة التزام ضمان الأمانات على وجه العموم، وهو قول في مذهب المالكية، ورواية عن الإمام أحمد
(1)
.
جاء في شرح ميارة، تحت عنوان: فصل في العارية والوديعة والأمناء نقلًا عن ابن الحاجب: «وإذا اشترط إسقاط الضمان فيما يضمن، أو إثباته فيما لا يضمن، ففي إفادته قولان»
(2)
.
وجاء في الإنصاف عند الكلام على ضمان العارية، قال: «وكل ما كان أمانة لا يصير مضمونًا بشرطه، هذا المذهب، وعليه الأصحاب
…
وعنه المسلمون على شروطهم كما تقدم»
(3)
.
(1)
انظر قول داود الظاهري في مسألة مشابهة حيث قال بصحة اشتراط ضمان العارية الحاوي (7/ 118).
وانظر قول أبي حفص العكبري في كتاب الإنصاف (6/ 113).
وانظر قول ابن تيمية في كتاب المبدع (5/ 145)، الإنصاف (6/ 113).
وانظر قول الشيخ عبد الرحمن السعدي في المختارات الجلية ضمن المجموعة الكاملة (4/ 2/195).
(2)
شرح ميارة (2/ 186).
(3)
الإنصاف (6/ 113).
والذي تقدم قول الإمام أحمد في اشتراط نفي الضمان عن العارية، والمذهب أن العارية مضمونة مطلقًا، وعن الإمام أحمد في رواية أنه حين ذكر ذلك له، قال: المسلمون على شروطهم
(1)
.
فما ورد عن الإمام أحمد ليس نصًا في ضمان العين المستأجرة، والله أعلم.
والنقاش: هل يصح تخريجه على الوديعة والعارية بجامع أن كلًا منهما من باب اشتراط ضمان الأمانات.
هل يقال: إذا صح التزام الضمان في الوديعة، وهي مقبوضة لحظ صاحبها، والمودَع محسن، فالتزام الضمان في الإجارة من باب أولى؛ لأنه قد قبضها لمصلحتهما (المؤجر والمستأجر)؟
أو يقال: يختلف الضمان في الوديعة والعارية عن الضمان في الإجارة، فالعقدان الأولان ليسا من عقود المعاوضة، فالغرر فيهما مغتفر، وأما الإجارة فإنها من عقود المعاوضة، والتزامه يجعل الضمان جزءًا من الإجارة، والإجارة يجب أن تكون معلومة، والجهالة فيها يفسد العقد، فلا يصح التخريج.
الذي أميل إليه هو الثاني، وأن التخريج على الوديعة والعارية لا يصح.
وأما ما ورد عامًا عن بعض المالكية والحنابلة في صحة اشتراط الضمان في الأمانات، فيقال: إن الأمانات ليست معاملة واحدة، منها ما هو على سبيل المعاوضة، والتزامه يكون غررًا، فيؤثر في صحة العقد، ومن الأمانات ما ليس من عقود المعاوضات، والتزام الضمان لا يوجب غررًا، أو يوجبه، وهو مغتفر في باب التبرعات، فلا يؤثر في صحة العقد، فيحمل كلام الأئمة على الثاني
(1)
المرجع السابق.