الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
و
أجيب:
بأن الحديث على فرض صحته ليس صريحًا في الباب، ويحتمل التأويل، إذ يمكن حمل النهي فيه على أخذ الأجرة على قراءة القرآن، وهي غير التعليم، وحمل ما ثبت في الصحيحين: إن أحق ما أخذتم عليه أجرًا كتاب الله على التعليم، وإذا أمكن الجمع تعين الأخذ به.
الدليل الخامس:
أن أخذ الأجرة من الناس على الطاعات كالإمامة والأذان ينفرهم عن فعل الطاعة، قال تعالى:{أَمْ تَسْئَلُهُمْ أَجْرًا فَهُم مِّن مَّغْرَمٍ مُّثْقَلُون} [الطور: 40].
فكان أخذ الأجرة سببًا في تنفير الناس عن الطاعات.
ويناقش:
بأن أخذ الأجرة إذا كان عن طريق العقد فإن من شرط صحته أن يكون عن تراض، ودون إكراه، وعن رغبة وقبول من الطرفين، وأن يبذله الموسرون والراغبون في الأجر، وهذا يدفع هذه المفسدة.
القول الثاني:
أن كل ما لا يتعين على الأجير أداؤه يجوز الاستئجار عليه إذا كانت تجري فيه النيابة. وهذا مذهب المالكية، والشافعية، وقول في مذهب الحنابلة
(1)
.
قال النووي: «يجوز الاستئجار حيث تجوز النيابة»
(2)
.
وقال الشافعي في الأم: «ولا بأس بالإجارة على الحج، وعلى العمرة،
(1)
الإنصاف (1/ 409).
(2)
المجموع (7/ 106).
وعلى الخير كله، وهي على عمل الخير أجوز منها على ما ليس بخير ولا بر من المباح»
(1)
.
جاء في الوسيط للغزالي: «لا يجوز استئجاره على العبادات التي لا تجري النيابة فيها، فإنها تحصل له بخلاف الحج، وغسل الميت، وحفر القبور، ودفن الموتى، وحمل الجنائز، فإن الاستئجار على جميع ذلك يجوز؛ لدخول النيابة»
(2)
.
(3)
.
(1)
الأم (2/ 140)، وقال النووي في المجموع (7/ 106):«وإنما يجوز الاستئجار - يعني على الحج- حيث تجوز النيابة، وإنما تجوز في صورتين: في حق الميت، وفي المعضوب» .
وقال الماوردي في الحاوي (2/ 60): «أعمال القرب تنقسم ثلاثة أقسام: قسم لا يجوز أن يفعل عن الغير، ولا يعود عليه نفعه، كالصلاة والصيام، فلا يجوز أن يؤخذ عليها أجرة.
وقسم يجوز أن يفعل عن الغير كالحج، فيجوز أخذ الأجرة بعقد الإجارة.
وقسم لا يجوز أن يفعل عن الغير، لكن قد يعود نفعه على الغير كالأذان والإقامة، والقضاء، فلا يجوز أخذ الأجرة عليه، ويجوز أخذ الرزق عليه كالجهاد، والله أعلم».
(2)
الوسيط (4/ 164).
(3)
الخرشي (7/ 23)، وفي المنتقى للباجي (2/ 271): «جوز مالك الاستئجار على الحج، وجوزه الشافعي، ومنع منه أبو حنيفة
…
».
وجاء في الفروق للقرافي (3/ 2): «الإجارة على الصلاة فيها ثلاثة أقوال: الجواز، والمنع، والثالث التفرقة بين أن يضم إليها الأذان فتصح، أو لا يضم إليها فلا تصح.
وجه المنع: أن ثواب صلاته له فلو حصلت له الأجرة أيضا لحصل العوض والمعوض وهو غير جائز.
وحجة الجواز: أن الأجرة بإزاء الملازمة في المكان المعين وهو غير الصلاة.
ووجه التفرقة: أن الأذان لا يلزمه فيصح أخذ الأجرة عليه فإذا ضم إلى الصلاة قرب العقد من الصحة وهو المشهور».