الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفرع الأول
في الأجرة تكون حصة معينة من الإنتاج
[م-874] إذا كانت الأجرة حصة معينة من الإنتاج، كأن يدفع الحنطة لمن يطحنها بقفيز من دقيقها
(1)
، أو يعصر الزيتون بجزء معين معلوم منه، أو يدفع الغزل إلى حائك لينسجه بجزء معين منه، أو يسلخ الشاة في مقابل جلدها، أو ينقي تراب المعادن أو الصاغة بمقدار معين منه كأوقية منه مثلًا، فهل تصح الأجرة؟
اختلف العلماء في ذلك على ثلاثة أقوال:
القول الأول:
لا يصح مطلقًا، وهذا مذهب الجمهور
(2)
.
واستدل هذا القول:
الدليل الأول:
(ح-580) ما رواه الدارقطني، قال: حدثنا محمد بن الفضل بن الزيات،
(1)
القفيز: مكيال معلوم يتواضع عليه الناس.
(2)
انظر في مذهب الحنفية: تبيين الحقائق (5/ 129 - 130)، العناية (9/ 107)، المبسوط (14/ 48 - 49) و (15/ 89)، بدائع الصنائع (4/ 192)، الفتاوى الهندية (4/ 444).
وفي مذهب الشافعية: أسنى المطالب (2/ 405)، الإقناع للشربيني (2/ 349)، روضة الطالبين (5/ 176)، منهاج الطالبين (ص: 76)، حاشية الشبراملسي على نهاية المحتاج (5/ 268)، الوسيط (4/ 155).
وفي مذهب الحنابلة: شرح منتهى الإرادات (2/ 246)، كشاف القناع (3/ 525)، مطالب أولي النهى (3/ 595).
أخبرنا يوسف بن موسى، أخبرنا وكيع وعبيد الله بن موسى، قالا: أخبرنا سفيان، عن هشام أبي كليب، عن ابن أبي نعيم البجلي،
عن أبي سعيد الخدري، قال: نهى عن عسيب الفحل. زاد عبيد الله: وعن قفيز الطحان
(1)
.
[اختلف في متنه وفي إسناده، قال الذهبي في الميزان: هذا منكر، وراويه لا يعرف، وقال ابن تيمية: باطل لا أصل له]
(2)
.
(1)
سنن الدارقطني (3/ 47).
(2)
الميزان (4/ 306) قاله في ترجمة هشام بن كليب.
وقال الحافظ ابن حجر في الدراية في تخريج أحاديث الهداية (2/ 190): في إسناده ضعف.
وقال ابن تيمية في مجموع الفتاوى (28/ 88): «وما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن قفيز الطحان فحديث ضعيف، بل باطل، فإن المدينة لم يكن فيها طحان ولا خباز لعدم حاجتهم إلى ذلك، كما أن المسلمين لما فتحوا البلاد كان الفلاحون كلهم كفارًا؛ لأن المسلمين كانوا مشتغلين بالجهاد» .
وقال أيضًا (30/ 113): «هذا الحديث باطل لا أصل له، وليس هو في شيء من كتب الحديث المعتمدة، ولا رواه إمام من الأئمة، والمدينة المنورة لم يكن بها طحان يطحن بالأجرة، ولا خباز يخبز بالأجرة» .
وقول ابن تيمية رحمه الله: ليس هو في شيء من كتب الحديث المعتمدة فيه نظر، بل هو في سنن النسائي، وشرح مشكل الآثار، وسنن البيهقي، ومسند أبي يعلى وغيرها، وهذه دواوين في السنة معتمدة في الجملة عند أهل الإسلام.
وقال ابن القيم في أعلام الموقعين (2/ 247): «لا يثبت بوجه أنه نهى عن قفيز الطحان» .
وضعفه ابن القطان الفاسي في بيان الوهم والإيهام (2/ 271) و (5/ 771).
قلت: الحديث مختلف فيه في متنه وإسناده: أما الاختلاف في المتن:
فرواه وكيع كما في مصنف ابن أبي شيبة (22641)، وسنن الدارقطني (3/ 47)، وسنن البيهقي (5/ 339).
ومحمد بن يوسف الفريابي، كما في المجتبى للنسائي (4674)، والسنن الكبرى للنسائي (4694) عن سفيان، عن هشام به، ولم يذكر في الحديث قفيز الطحان، بل اقتصر في الحديث على النهي عن عسب الفحل، ولم يختلف عليهم في لفظه.
ورواه ابن المبارك، واختلف عليه فيه:
فرواه النسائي في السنن الكبرى (4694) من طريق حبان بن موسى، عن عبد الله ابن المبارك، عن سفيان به، بلفظ وكيع، ومحمد بن يوسف الفريابي حيث لم يذكر قفيز الطحان.
وحبان بن موسى قد وثقه الحافظ في التقريب، والذهبي في الكاشف.
وقال يحيى بن معين: ليس صاحب حديث، ولا بأس به. تهذيب الكمال (5/ 346).
ورواه أبو يعلى الموصلي في مسنده (1024) والطحاوي في مشكل الآثار (2/ 186 - 187) عن الحسن بن عيسى،
والطحاوي في مشكل الآثار (2/ 186 - 187) من طريق نعيم بن حماد، كلاهما عن ابن المبارك به، بذكر زيادة قفيز الطحان.
والحسن بن عيسى ثقة، ونعيم بن حماد قال فيه الذهبي في الكاشف: الحافظ، مختلف فيه، امتحن، فمات مسجونًا بسامراء.
ورواه عبيد الله بن موسى كما في سنن الدارقطني (3/ 47) والبيهقي في السنن الكبرى (5/ 339) وفي معرفة السنن (4/ 376)، عن سفيان به، بذكر قفيز الطحان.
هذا فيما يتعلق بالاختلاف في المتن. وأما الاختلاف في الإسناد:
فرواه موصولا هشام بن كليب، عن عبد الرحمن بن أبي أنعم، عن أبي سعيد الخدري.
وخالف عطاء بن السائب هشامًا، فرواه عن عبد الرحمن بن أبي نعم مرسلًا بذكر قفيز الطحان، جاء في المطالب العالية (1407) قال مسدد: حدثنا خالد، عن عطاء بن السائب، عن عبد الرحمن ابن أبي أنعم، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قفيز الطحان.