الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الأول
في إكراه العاقد على الإجارة
الفرع الأول
في الإكراه على الإجارة بحق
قال ابن عابدين: «الإكراه بحق لا يعدم الاختيار شرعًا»
(1)
.
[م-834] إن كان الإكراه على الإجارة بحق انعقدت الإجارة.
والإكراه بحق لا يؤثر في صحة العقد، ولا يفسد الرضا، لإقامة رضا الشرع مقام رضا المالك، ويصح العقد عند أهل العلم، وحكي فيه الإجماع
(2)
.
ومثل له بعض الحنفية فيما لو انتهت مدة إجارة الظئر، والصغير لا يأخذ ثدي غيرها، ولم يستغن بالطعام، فإنها تجبر على إرضاعه بأجر المثل توقيًا من تضرر الصغير
(3)
.
وقال ابن تيمية: «ومن ذلك أن يحتاج الناس إلى صناعة ناس، مثل حاجة الناس إلى الفلاحة، والنساجة، والبناية، فإن الناس لابد لهم من طعام يأكلونه، وثياب يلبسونها، ومساكن يسكنونها، فإذا لم يجلب لهم من الثياب ما يكفيهم، كما كان يجلب إلى الحجاز على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم .... احتاجوا إلى من ينسج لهم الثياب .......
(1)
حاشية ابن عابدين (6/ 128).
(2)
الفتاوى الكبرى لابن تيمية (5/ 397).
(3)
انظر حاشية ابن عابدين (3/ 618)، وانظر شرح القواعد الفقهية (ص: 168) لأحمد الزرقاء.
والمقصود هنا: أن ولي الأمر إن أجبر أهل الصناعات على ما تحتاج إليه الناس من صناعتهم، كالفلاحة، والحياكة، والبناية، فإنه يقدر أجرة المثل، فلا يمكن المستعمل من نقص أجرة الصانع عن ذلك، ولا يُمَكَّن الصانع من المطالبة بأكثر من ذلك، حيث تعين عليه العمل، وهذا من التسعير الواجب، وكذلك إذا احتاج الناس إلى من يصنع لهم آلات الجهاد، من سلاح، وجسر للحرب، وغير ذلك، فيستعمل بأجرة المثل، لا يمكن المستعملون من ظلمهم، ولا العمال من مطالبتهم بزيادة على حقهم، مع الحاجة إليهم، فهذا تسعير في الأعمال، وأما في الأموال: فإذا احتاج الناس إلى سلاح الجهاد، فعلى أهل السلاح أن يبيعوه بعوض المثل، ولا يمكنون من أن يحبسوا السلاح حتى يتسلط العدو، أو يبذل لهم من الأموال ما يختارون .. »
(1)
.
* * *
(1)
مجموع الفتاوى (28/ 79 - 87).