الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الأول
في الأدلة على مشروعية الضمان
[م-934] المسلم معصوم الدم والمال، والاعتداء عليهما محرم، وتحريمه معلوم من الدين بالضرورة.
(ح-602) روى البخاري في صحيحه من حديث أبي بكرة، وفيه:
فإن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا إلى يوم تلقون ربكم، ألا هل بلغت؟ قالوا: نعم. قال: اللهم اشهد، فليبلغ الشاهد الغائب فرب مبلغ أوعى من سامع، فلا ترجعوا بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض
(1)
.
وقد شرع الضمان حفظًا للأموال والأنفس، وجبرًا للضرر، وردعًا للعدوان، وقد دل على هذا الكتاب والسنة، والإجماع، والنظر الصحيح.
فمن الكتاب قوله تعالى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة:194].
وقال تعالى: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا} [الشورى:40].
وقال سبحانه: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ} [النحل:126].
وقال تعالى: {فَجَزَاءٌ مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} [المائدة: 95].
فنص الله سبحانه وتعالى ضمان الصيد بمثله من النعم
…
(2)
.
(1)
صحيح البخاري (1741)، صحيح مسلم (1679).
(2)
إعلام الموقعين (1/ 323).
وقوله تعالى: {وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ (78) فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ} [الأنبياء: 87، 79].
فقد ذكر المفسرون أن داود حكم بقيمة المتلف، فاعتبر الغنم فوجدها بقدر القيمة، فدفعها إلى أصحاب الحرث، وأما سليمان فقضى بالضمان على أصحاب الغنم، وأن يضمنوا ذلك بالمثل، بأن يعمروا البستان حتى يعود كما كان، ولم يضيع عليهم ثماره من الإتلاف إلى حين العود، بل أعطى أصحاب البستان ماشية أولئك ليأخذوا من نمائها بقدر نماء البستان، فيستوفوا من نماء غنمهم نظير ما فاتهم من نماء حرثهم، وهذا هو العلم الذي خصه الله به، وأثنى عليه
(1)
.
(2)
.
(1)
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - لابن عطية - ط دار ابن حزم في مجلد واحد ضخم (ص: 1287)، تفسير ابن كثير (3/ 187)، تفسير الصنعاني (3/ 27)، تفسير الثوري (ص:202، 203)، الدر المنثور (5/ 645)، تاريخ دمشق (22/ 234)، الاستذكار (7/ 205)، إعلام الموقعين (1/ 324)، مصنف عبد الرزاق (10/ 80)،
(2)
إعلام الموقعين (1/ 326).