الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ورد هذا النقاش:
بأن الأجر يطلق على معنيين:
الأول: الأجر عن طريق الإجارات المعقودة قبل وجوبها، مما يأخذه المستأجر، كقوله تعالى:{فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [الطلاق:6] ثم قال: {وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُم بِمَعْرُوفٍ} [الطلاق: 6]، والائتمار لا يكون إلا عند الاختلاف فيما تعقد الإجارات عليه.
الثاني: الأجر المراد به المثوبة والمكافأة على الفعل بعد وقوعه، قال تعالى:{قُلْ مَا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ} [ص: 86].
وهذا يأتي بعد الفعل، وليس على سبيل التعاقد.
وحديث عثمان بن أبي العاص: (اتخذ مؤذنًا لا يأخذ على أذانه أجرًا) المقصود بالأجر: المثوبة والمكافأة على الفعل بلا استئجار، فيكون من يأبى قبول المثوبة والمكافأة أفضل ممن يقبل ذلك منهم، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم عثمان بن أبي العاص أن يتخذ أفضل المؤذنين، وأعلاهم رتبة على الثواب على الأذان
(1)
.
ويجاب:
بأن الأجرة إذا أطلقت فالمراد بها الثمن، ولا يصار إلى غيرها إلا بقرينة، ولا قرينة هنا.
الدليل الثاني:
(ح-567) ما رواه أحمد، قال: حدثنا وكيع، حدثنا مغيرة بن زياد، عن عبادة بن نسي، عن الأسود بن ثعلبة.
عن عبادة بن الصامت، قال: علمت ناسًا
(1)
انظر شرح مشكل الآثار (15/ 265).
من أهل الصفة الكتابة والقرآن، فأهدى إلي رجل منهم قوسًا. فقلت: ليست لي بمال، وأرمي عنها في سبيل الله، فسألت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن سرك أن تطوق بها طوقًا من نار فاقبلها
(1)
.
[ضعيف، قال ابن عبد البر: ليس في هذا الباب حديث يجب به حجة من جهة النقل]
(2)
.
(1)
المسند (5/ 315).
(2)
التمهيد (21/ 114)، وضعفه ابن الجوزي كما في التحقيق، وابن بطال كما في شرحه للبخاري (6/ 405)، وأومأ إلى تضعيفه ابن المديني كما أسند ذلك البيهقي عنه في السنن (6/ 125).
والحديث رواه وكيع كما في إسناد الباب عند أحمد، ومصنف ابن أبي شيبة (4/ 341) وسنن أبي داود (3416) وسنن ابن ماجه (2157)، ومسند الشاشي (1266)، والمستدرك للحاكم (2277)، والسنن للبيهقي (6/ 125)، والأحاديث المختارة للمقدسي (305).
وحميد بن عبد الرحمن كما في مصنف ابن أبي شيبة (4/ 341)، وسنن أبي داود (3416)، وسنن البيهقي (6/ 125).
وأبو عاصم (الضحاك بن مخلد) كما في مسند عبد بن حميد في مسنده (183) و شرح معاني الآثار (3/ 17) ومشكل الآثار (4333)، ومسند الشاشي (1267) ومسند الشاميين للطبراني (2253).
والمعافى بن عمران، كما في التاريخ الكبير (1/ 444) كلهم عن مغيرة بن زياد، عن عبادة ابن نسي، عن الأسود بن ثعلبة، عن عبادة بن الصامت.
والحديث ضعيف، وله أكثر من علة:
الأولى: الاختلاف في إسناده:
فقد رواه وكيع، عن مغيرة بن زياد، عن عبادة بن نسي، عن الأسود بن ثعلبة، عن عبادة بن الصامت، كما تقدم تخريجه.
وخالف في ذلك إسماعيل بن يزيد، فرواه أبو نعيم الأصبهاني في أخبار أصبهان (2/ 43)، و (6/ 309) من طريق إسماعيل هذا، حدثنا وكيع والحسين بن حفص، قالا: حدثنا سفيان، ثنا مغيرة بن زياد. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= فأدخل إسماعيل بين وكيع وبين المغيرة بن زياد سفيان بن عيينة. وهو وهم. وقد قال أبو نعيم في تاريخ أصبهان: اختلط عليه بعض حديثه في آخر أيامه. انظر اللسان (1/ 443).
كما رواه بقية بن الوليد، وخالف فيه أيضًا، فرواه أبو داود (3417) من طريقين، عن بقية بن الوليد، قال: حدثني بشر بن عبد الله، حدثني عبادة بن نسي، عن جنادة بن أبي أمية، عن عبادة ابن الصامت، بنحوه.
فجعل بدلًا من الأسود بن ثعلبة جنادة بن أبي أمية.
فهذا الاختلاف في إسناده علة توجب رده.
العلة الثانية: في إسناده الأسود بن ثعلبة.
قال ابن المديني: لا يعرف. تهذيب التهذيب (1/ 295).
وقال أيضًا: إسناده كله معروف إلا الأسود بن ثعلبة فإنا لا نحفظ عنه إلا هذا الحديث. سنن البيهقي (6/ 125)، تنقيح التحقيق (3/ 65)
وذكره ابن حبان في الثقات (1708).
وذكره ابن أبي حاتم، ولم يذكر فيه شيئًا. الجرح والتعديل (2/ 293).
وفي التقريب: مجهول.
وأما المغيرة بن زياد:
قال فيه أبو زرعة: في حديثه اضطراب.
وقال أحمد: منكر الحديث. الكاشف (5586).
وقال فيه الحاكم أبو عبد الله: لم يختلفوا في تركه، ويقال: إنه حدث عن عبادة بن نسي بحديث
موضوع، ويقال: إنه حدث عن عطاء بن أبي رباح وأبي الزبير بجملة من المناكير. اهـ
قلت: قد صحح الحاكم حديثه هذا في المستدرك، وقول الحاكم: لم يختلفوا في تركه، قد قال فيه
يعقوب بن سفيان ووكيع والعجلي وابن عمار الموصلي: ثقة.
وقال أبو داود: صالح.
وقال فيه ابن عدي: عامة ما يرويه مستقيم إلا أنه يقع في حديثه كما يقع في حديث من ليس به بأس من الغلط، وهو لا بأس به عندي.
وقال المزي تعقيبًا على كلام أبي عبد الله الحاكم: وفي هذا القول نظر، فإن جماعة من أهل العلم قد وثقوه كما تقدم، ولا نعلم أحدًا منهم قال: إنه متروك =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= الحديث، ولعله اشتبه عليه بغيره، فإن أصرم ابن حوشب يكنى أبا هشام أيضًا، وهو من الضعفاء المتروكين، فلعله اشتبه عليه به.
وقال الحافظ في التقريب: صدوق له أوهام.
وحديث عبادة هذا له شواهد إلا أنها ضعيفة، من ذلك:
الشاهد الأول: حديث أبي بن كعب.
رواه ابن ماجه (2158) من طريق ثور بن يزيد، قال: حدثنا خالد بن معدان، قال: حدثني عبد الرحمن بن سلم، عن عطية الكلاعي، عن أبي بن كعب، قال: علمت رجلًا القرآن فأهدى إلي قوسًا، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إن أخذتها أخذت قوسًا من نار، فرددتها.
ورواه البيهقي في السنن (6/ 125) والمقدسي في الأحاديث المختارة (1253) من طريق ثور ابن يزيد به.
وهذا الحديث ضعيف، وله أكثر من علة، منها:
الانقطاع بين عطية الكلاعي، وأبي بن كعب، قال الذهبي في الكاشف (3824): أرسل عن أبي. وانظر جامع التحصيل (527).
وأعله المزي بعلة أخرى، قال المزي في ترجمته (17/ 148):«في إسناد حديثه ـ يعني: عبد الرحمن ابن سلم - اختلاف كثير، روى له ابن ماجه هذا الحديث الواحد» .
وقال الذهبي في الكاشف: إسناده مضطرب.
وقال الحافظ في التقريب عن عبد الرحمن بن سلم الشامي: مجهول، وهذه علة ثالثة.
وقد قال البوصيري في مصباح الزجاجة (3/ 12): «هذا إسناد مضطرب، قاله الذهبي في ترجمة عبد الرحمن بن سلم، وقال العلائي في المراسيل: عطية بن قيس، عن أبي بن كعب مرسل
…
».
الشاهد الثاني: حديث أبي الدرداء.
أخرجه الطبراني في فضائل الرمي وتعليمه (ص:78) وفي مسند الشاميين (1/ 167) وابن عساكر في تاريخ دمشق (64/ 317) عن الحسن بن جرير الصوري.
وأخرجه البيهقي في السنن (6/ 126) وابن عساكر في تاريخ دمشق (36/ 38 - 39) من طريق عثمان بن سعيد الدارمي.
وابن عساكر في تاريخ دمشق (7/ 271) من طريق أحمد بن سعد الزهري. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وأخرجه أيضًا (8/ 437) من طريق أحمد بن منصور الرمادي.
وأخرجه أيضًا (8/ 438) من طريق يزيد بن عبد الصمد الدمشقي.
وأخرجه أيضًا (36/ 38) من طريق أحمد بن إبراهيم بن بسر القرشي، كلهم عن عبد الرحمن ابن يحيى بن إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر، ثنا الوليد بن مسلم، ثنا سعيد بن عبد العزيز، عن إسماعيل بن عبيد الله، قال: قال لي عبد الملك بن مروان: يا إسماعيل علم ولدي، فإني معطيك أو مثيبك، قال إسماعيل: يا أمير المؤمنين وكيف بذلك وقد حدثتني أم الدرداء، عن أبي الدرداء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من يأخذ على تعليم القرآن قوسًا قلده الله قوسًا من نار.
ورواه الطبراني في مسند الشاميين، وفي فضائل الرمي عن الحسن بن جرير الصوري، عن عبد الرحمن بن يحيى بن عبد العزيز بن إسماعيل بن عبيد الله كما هي رواية الجماعة.
ورواه الطبراني كما في تاريخ دمشق لابن عساكر (64/ 317) وفي المعجم الكبير كما ذكر ذلك الهيثمي في مجمع الزوائد (4/ 95) ولم أقف عليه في المطبوع، فقال: عن الحسن بن جرير، عن يحيى ابن عبد العزيز بن إسماعيل بن عبيد الله.
لذلك قال الهيثمي في مجمع الزوائد (4/ 95): «رواه الطبراني في الكبير من طريق يحيى ابن عبد العزيز ولم أجد من ذكره، وليس هو في الضعفاء، وبقية رجاله رجال الصحيح» .
قلت: قوله يحيى بن عبد العزيز الصواب عبد الرحمن بن يحيى كما صوب ذلك ابن عساكر في تاريخ دمشق (64/ 317).
فالحديث مداره على عبد الرحمن بن يحيى بن إسماعيل، وقد ترجم له ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (5/ 302)، ونقل عن أبيه أنه قال: ما بحديثه بأس صدوق.
وقال الذهبي في تاريخ الإسلام (16/ 259): «كان من علماء دمشق الكبار» .
وقد روى البيهقي عن عثمان بن سعيد الدارمي، عن دحيم أنه قال: حديث أبي الدرداء هذا ليس له أصل».
وتعقبه ابن التركماني، فقال في الجوهر النقي (6/ 126):«أخرجه البيهقي هنا بسند جيد، فلا أدري ما وجه ضعفه، وكونه لا أصل له» .
قلت: دحيم أعلم بحديث أهل الشام من غيره، والوليد بن مسلم دمشقي، ومن شيوخه، فعندما يقول بأن الحديث لا أصل له، فهو يعلم ما يقول. =