الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تعريف الاستصناع
الاستصناع هو عقد يشترى به شيء مما يصنع صنعا يلتزم البائع بتقديمه مصنوعا بمواد من عنده بأوصاف معينة ، وبثمن محدد يدفع عند التعاقد ، أو بعد التسليم أو عند أجل معين.
تعريف الاستصناع
الاستصناع في اللغة طلب الصنعة ، كما أن الاستغفار طلب المغفرة ، والاستمهال طلب المهلة.
فكل من طلب من آخر أن يصنع له شيئا فذلك استصناع لغوي ، فمن طلب من النجار أن يصنع له خزانة مثلا فذلك استصناع لغة ، سواء أتى الطالب للصنعة بالخشب والمواد من عنده ، أو كانت من عند النجار ، وسواء كان ذلك بمقابل مادي ، أو على سبيل التبرع.
والاستصناع اصطلاحا أن يقول إنسان لصانع: اصنع لي الشيء الفلاني ويذكر جنسه وصفاته ، والمواد من عند الصانع ، مقابل كذا وكذا من المال أعطيك إياه الآن ، أو بعد التسليم ، أو عند أجل معين. فيقبل الصانع ذلك.
ويتضح من التعريف أن:
- المبيع هو الشيء المطلوب صنعه في الذمة وتكون أوصافه محددة مميزة عن غيره. فهو يشبه السلم لأن المبيع ملتزم عند العقد في ذمة البائع.
- الاستصناع فيه طلب الصنع وهو العمل وما لم يشترط فيه العمل لا يكون استصناعا ، فكان مأخذ الاسم دليلا عليه كما يقول الكاساني ولأن العقد على مبيع في الذمة يسمى سلما ، وهذا العقد يسمى استصناعا. لذلك فإن المنتوجات الطبيعية (كالثمار والبقول والحبوب) إذا أريد بيعها قبل وجودها فطريقها بيع السلم لا الاستصناع.
- تكون مواد الصنع من الصانع لا من المستصنع فإذا كانت من المستصنع فإن العقد يكون إجارة لا استصناعا. فكل ما يحتاج إليه من مواد أساسية أو كمالية يقدمه الصانع البائع من عنده لأنه محسوب حسابه في الثمن.
- يكون الثمن معلوما ومحددا ويصح أن يعطيه المستصنع للصانع مقدما عند التعاقد ، ويصح أن يعطيه قدرا منه والباقي عند استلام الشيء المصنوع ، ويصح أن يؤخره إلى يتسلم المصنوع.
ويسمى طالب الصنعة: المستصنع ، وقد يسمى الآمر لأنه أمر بالصنع.
ويسمى الطرف الثاني: مستصنعا إليه ، أو صانعا ، سواء كان ممن يتولى الصناعة بنفسه ، أو يتولاها عماله في مصنعه.
ويسمي الشيء المصنوع: المستصنع فيه.
ويسمى المقابل المادي: البدل النقدي ، وقد يسميه بعض الفقهاء الثمن.
ويقابل مصطلح الاستصناع في القوانين الوضعية: المقاولة ، حيث تكون المواد من الصانع ، أما حيث تكون المواد من صاحب العمل فهي مقاولة ولكنها ليست استصناعا ، بل هي من قبيل الإجارة.
صور من التعامل شبيهة بالاستصناع ، وليست استصناعا
توجد صور من التعامل شبيهة بالاستصناع ، وليست استصناعا. من ذلك ما يلي:
1 -
أن يأتي طالب الصنعة بالمواد من عند نفسه ، ويطلب من الصانع أن يصنع منها الشيء الذي يريده ، مقابل أجر معين ، كما لو أحضر قماشا ، وطلب من الخياط أن يصنعه له ثوبا ، أو أحضر خشبا وطلب من النجار أن يصنع له منه غرفة نوم. فهذه إجارة وليست استصناعا.
ولو جرى العرف على أن الأجير يضع مواد تافهة من عنده ، مما يحتاج إليه المصنوع ، بقي العقد إجارة ولم يدخل في الاستصناع ، كالخياط يخيط بخيط وأزرار من عنده ، أو الصباغ يصبغ بأصباغ من عنده ، أو النجار يدخل في صناعة الأثاث المسامير والأصماغ اللاصقة من عنده.
2 -
أن يكلف طالب الصنعة الصانع أن يشترى المواد على حسابه الخاص (أي حساب طالب الصنعة) ويقدم له بها فواتير ليدفع ثمنها ، ثم يصنع له من تلك المواد شيئا محددا مقابل أجر معلوم. فهذه إجارة أيضا وليست استصناعا.
3 -
أن يشترى إنسان من الصانع أو التاجر شيئا مصنوعا معينا ، مقابل ثمن معجل أو مؤجل. فهذا بيع وليس استصناعا.
4 -
أن يشتري الطالب من الصانع أو التاجر شيئا في ذمة البائع معلوما جنسه ونوعه ووصفه وقدره ، كأثاث معلوم الصفات ، ولا يشترط أنه من عمل الصانع نفسه ، على أن يسلم البضاعة عند أجل معين ، ويدفع الثمن المعلوم مقدما. فهذا سلم في المصنوعات ، وليس استصناعا.
جاء في بدائع الصنائع للكاساني (6 / 2677)
صورة الاستصناع أن يقول إنسان لصانع من خفاف أو صفار أو غيرهما: اعمل لي خفا ، أو آنية ، من أديم ، أو نحاس ، من عندك ، بثمن كذا ، ويبين نوعه وقدره وصفته. فيقول الصانع: نعم.
وقال البابرتي في العناية (7 / 114) :
الاستصناع أن يجيء إنسان إلى صانع فيقول: اصنع لي شيئا صورته كذا ، وقدره كذا ، بكذا وكذا درهما ، ويسلم إليه جميع الدراهم أو بعضها أو لا يسلم.
وقال ابن عابدين في حاشيته المسماة رد المحتار على الدر المختار (4 / 212) :
الاستصناع شرعا طلب العمل من الصانع في شيء خاص على وجه مخصوص يعلم مما يأتي.
وجاء في مجلة الأحكام العدلية (المادة 124) :
الاستصناع عقد مع صانع على عمل شيء معين في الذمة.
وجاء في مجلة الأحكام العدلية (المادة 388) :
(ومن أمثلته) : إذا قال شخص لآخر من أهل الصنائع: اصنع لي الشيء الفلاني بكذا قرشا ، وقبل الصانع ذلك ، انعقد البيع استصناعا.
وجاء في كتاب الفروع لابن مفلح الحنبلي
استصناع سلعة يعني يشتري منه سلعة ويطلب منه أن يصنعها له ، مثل أن يشتري منه ثوبا ليس عنده ، وانما يصنعه له بعد العقد.
وجاء في المبسوط للسرخسي (15 / 84 ، 85)
إذا أسلم حديدا إلى حداد ليصنعه إناء مسمى بأجر مسمى ، فإنه جائز ولا خيار فيه إذا كان مثل ما سمى ، لأن ثبات الخيار للفسخ ليعود إليه رأسماله فيندفع الضرر به ، وذلك لا يتأتى ها هنا ، فإنه بعد اتصال عمله بالحديد لا وجه لفسخ العقد فيه ، فأما في الاستصناع فالمعقود عليه العين ، وفسخ العقد فيه ممكن.
وجاء في بدائع الصنائع للكاساني (6 / 2681)
فإن سلم حديدا إلى حداد ، ليعمل له إناء معلوما بأجر معلوم ، أو جلدا إلى خفاف ليعمل له خفا معلوما ، بأجر معلوم ، فذلك جائز ، ولا خيار فيه ، لأن هذا ليس باستصناع ، بل هو استئجار ، فكان جائزا. فإن عمل كما أمر استحق الأجر ، وإن فسد فله أن يضمنه حديدا مثله ، لأنه لما أفسده فكأنه أخذ حديدا له واتخذ آنية من غير إذنه والإناء للصانع ، لأن المضمونات تملك بالضمان.
وجاء في العناية شرح الهداية (7 / 116) :
إن قيل أي فرق بين الاستصناع وبين عقد الإجارة مع الصباغ ، فإن في الصبغ العمل والعين ، كما في الاستصناع ، وذلك إجارة محضة؟
أجيب: بأن الصبغ (أي عمل الصباغ) أصل ، والصبغ (أي المادة الملونة التي يصبغ بها) آلته ، فكان المقصود فيه العمل ، وذلك إجارة وردت على العمل في عين المستأجر ، وها هنا (أي في الاستصناع) الأصل هو العين المستصنع المملوك للصانع ، فيكون بيعا ، ولما لم يكن له وجود من حيث وصفه ، إلا بالعمل ، أشبه الإجارة.
وجاء في الفتاوى الهندية (4 / 455 ، 456) :
إذا استأجر أجيرا ليخيط له ثوبا كان السلك والإبرة على الخياط. . . ولو استأجر وراقا (أي ناسخا للكتب الخطية) ، فإن شرط عليه الحبر والبياض (أي الورق) فاشتراط الحبر جائز واشتراط البياض فاسد كذا في خزانة المفتين.
وجاء في الفتاوى الهندية أيضا (4 / 517) :
الاستصناع أن يكون العين والعمل من الصانع ، فأما إن كانت العين من المستصنع لا من الصانع ، فإنه يكون إجارة ولا يكون استصناعا. كذا في المحيط.
وجاء في حاشية الدسوقي على الشرح الكبير من كتب المالكية:
وفي الإجارة يعمل بالعرف في كون الخيط على الخياط أو على رب الثوب ، فيقضى بما جرى به العرف في هذه الأشياء ، إذ العرف قاعدة من قواعد الشرع.