الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تعدد أطراف الرهن
يصح تعدد أطراف الرهن لعدم الشيوع المانع من صحة العقد عند الحنفية ، ويظل المرهون محبوسا حتى يوفي الدين كله ، لأن المرهون كله رهن بلا تجزئة ، ويحبس المرهون عند المرتهنين بالقسمة إن قبلها ، وإلا فيحبس كله عند احدهما بطريق المهايأة.
قد يتعدد الراهن أو المرتهن ، كما لو رهن رجلان بدين عليهما رهنا عند آخر ، أو يرهن رجل شيئا بدين عليه عند رجلين ، يصح الرهن في الحالتين ، لعدم الشيوع المانع من صحة الرهن عند الحنفية ، لأنه في حالة تعدد الراهن ، يحصل قبض المرهون من المرتهن بدون إشاعة ، فصار كرهن الواحد من الواحد ، وفي حالة تعدد المرتهن أضيف الرهن إلى جميع العين المرهونة بصفقة واحدة ، ومقتضي الرهن أو موجبه حبس المرهون بالدين ، والحبس لا يتجزأ ، فصار الرهن محبوسا بكل من المرتهنين.
وذلك بخلاف هبة الواحد من الاثنين: لا تجوز عند أبي حنيفة لأن المقصود من الهبة هو التملك ، والشيء الواحد الموهوب لا يتصور كونه ملكا لكل من الموهوب لهما على سبيل الكمال والاستقلال ، فلا بد من قسمة الموهوب ليتصور تملك الموهوب لهما للموهوب.
وأحكام الحالتين هي ما يأتي:
في حالة تعدد الراهنين
يصح الرهن بكل الدين ، وللمرتهن حبس المرهون حتى يستوفي كل الدين من الراهنين ، فإذا أدى أحد الراهنين ما عليه من الدين ، لم يكن له أن يقبض شيئا من الرهن ، لأن فيه تفريق الصفقة على المرتهن في الإمساك.
في حالة تعدد المرتهنين
يعتبر المرهون كله أيضا رهنا محبوسا عند كل واحد منهما بدينه ، لحمل الراهن على وفاء الدين ، ما دام الرهن قائما.
فإن قضي الراهن أحد المرتهنين دينه ، كانت العين المرهونة كلها رهنا في يد الآخر ، حتى يستوفي دينه ، لأن العين كلها رهن في يد كل منهما ، بلا تفرقة أو تجزئة.
وكيفية حبس المرهون عند المرتهنين: هو أنه إذا كان المرهون مما يقبل التجزؤ ، فعلى كل واحد من المرتهنين حبس النصف ، فلو سلم كل المرهون للآخر ، ضمنه عند أبي حنيفة خلافا للصاحبين.
وأما إذا كان المرهون مما لا يتجزأ ، فيحبسه المرتهنان على طريق المهايأة (بمعنى أن يتفق الاثنان على أن يأخذ كل واحد منهما المرهون عنده مدة معلومة) ، فإن تهايأ كان كل واحد منهما في نوبته كالعدل في حق الآخر.
وإذا هلك المرهون ، صار كل واحد من المرتهنين مستوفيا حصة دينه من المرهون ، لأن الاستيفاء يتجزأ.
وفي حال الهلاك هذه ، لو قضي الراهن دين أحدهما ، استرد ما قضاه من الدين ، لأن ارتهان كل منهما باق ، حتى يعود الرهن إلى الراهن ، لأن كل مرتهن كالعدل بالنسبة للمرتهن الآخر في حال عدم قابلية تجزئة المرهون.
قال في كنز الدقائق وتبيين الحقائق (6 / 78 - 79)
ولو رهن عبدين بألف لا يأخذ أحدهما بقضاء حصته كالبيع ، لأن المجموع محبوس بكل الدين ولو رهن عينا عند رجلين صح ، سواء كانا شريكين في الدين أو لم يكونا شريكين فيه ، ويكون جميع العين رهنا عند كل واحد منهما ، لأن الرهن أضيف إلى كل العين في صفقة واحدة.
فإن قضي دين أحدهما ، فالكل رهن عند الآخر ، لأن كله محبوس بكل جزء من أجزاء الدين فلا يكون له استرداد شيء منه ما دام شيء من الدين باقيا ، كما إذا كان المرتهن واحدا.