الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تعلق الدين بالمرهون
الرهن حق لا يتجزأ ، فإذا رهنت عين بدين ، تعلق الدين بجميع أجزاء العين المرهونة أو بجميع وحداتها ، فإذا سقط جزء من الدين بإبراء أو وفاء مثلا ، ظل باقيه متعلقا بجميع العين المرهونة.
وهذا المبدأ متفق عليه بين الفقهاء ، لكنهم اختلفوا في تطبيقه في حالة تعدد العقد وعدم تعدده.
المبدأ العام في تعلق الدين بالرهن هو عدم تجزئة الرهن عند الوفاء بجزء من الدين ، أو أن الرهن حق لا يتجزأ ، فإذا رهنت عين بدين ، تعلق الدين بجميع أجزاء العين المرهونة أو بجميع وحداتها ، كما أنها هي رهن بجميع أجزاء الدين.
فإذا سقط جزء من الدين بإبراء أو وفاء مثلا ، ظل باقيه متعلقا بجميع العين المرهونة ، أي يبقى الرهن حتى يتم الوفاء بكل الدين ، وبناء عليه ، يكون الرهن مرهونا مقابل مجموع الدين ، لأنه أضيف إلى مجموع الدين بصفة واحدة ، فلا يكون نصف الرهن مقابل نصف الدين.
والدين الذي تعلق بالرهن: هو الذي جعل المال رهنا به فقط ، ولا يتعلق غيره من الديون بالمرهون.
وعلى أساس هذا التعلق ، يثبت حق الحبس للمرتهن ، فله حبس جميع المرهون ، حتى يوفى بكل الدين ، سواء أكان المال شيئا أم عدة أشياء.
وهذا المبدأ أو الأصل متفق عليه بين الفقهاء ، لكنهم اختلفوا في تطبيقه في حالة تعدد العقد وعدم تعدده:
فذهب الحنفية: إلى أن اتحاد العقد يقوم على اتحاد الصيغة ، فإذا اتحدت الصيغة اتحد العقد ، سواء أكان الرهن في دين واحد أم أكثر ، فلو وفي المدين أحد الديون ، لا يسترد ما يقابله من المرهون ، سواء اتحد المرهون أم تعدد.
ولو وفي الراهن ما يقابل أحد الأعيان المرهونة لا يسترده ، حتى ولو سمي في عقد الرهن لكل عين مرهونة حصة من الدين ، لأن العقد واحد ولا يتعدد بالتسمية.
وسواء تعدد الراهن (كأن يرهن مدينان شيئا عند دائن) أو تعدد المرتهن (بأن كانا شريكين أو كان لكل واحد منهما دين مستقل على الراهن) .
فإذا اتحد العقد ، لا يتحرر شيء من الرهن لأن الرهن محبوس بجميع الديون ، أو بجميع الدين.
وإذا تعدد العقد بتعدد الصيغة ، يتحرر من الرهن ما يقابله.
وارتأى المالكية: أنه يتعدد العقد بتعدد كل من الراهن والمرتهن ، أو بتعدد أحد الطرفين.
ويكون عقد الرهن واحدا إذا كان كل من الراهن والمرتهن واحدا.
فإذا اتحد عقد الرهن ، يكون جميع المرهون رهنا بما بقي من الدين بعد وفاء بعضه ، لأن كل جزء من المرهون رهن بكل جزء من الدين.
وإذا تعدد الرهن بأن كان الراهن اثنين والمرتهن واحدا ، فوفي أحد الرهنين ما عليه من دين ، استرد حصته.
أو كان الراهن واحدا والمرتهن متعددا ، فوفى الراهن أحد الدائنين ، فإنه يسترد من الرهن ما قابلها.
ولكن في هذه الحالة الأخيرة إذا كان المرهون مما لا ينقسم ووفى أحد الدائنين ، يجعل الرهن تحت يد أمين ، أو تبقى الحصة في يد المرتهن أمانة.
ووافق الحنابلة المالكية ، فقالوا يتعدد العقد بتعدد الموجب أو القابل ، فإذا كان الموجب اثنين والقابل واحدا ، نشأ عقدان.
وإذا كان الموجب واحدا والقابل اثنين ، نشأ أيضا عقدان.
وإذا كان كل من الموجب والقابل اثنين ، نشأ أربعة عقود. ويكون عقد الرهن واحدا إذا كان من الراهن والمرتهن واحدا ، سواء أكان الدين واحدا أم متعددا.
فإذا وفى المدين بعض الدين ، أو وفى دينا من الديون ، لم يكن له أن يسترد ما يقابله من الرهن.
وإذا تعدد الراهن ، فمن وفي دينه خرجت حصته من الرهن.
وإذا تعدد المرتهن ، فوفى الراهن أحد الدائنين خرجت حصته من الرهن واستردها الراهن.
وقرر الشافعية: أنه يتعدد الرهن ويتحد بتعدد الدين ووحدته ، والغالب أن يتعدد الدين بتعدد العاقدين ، ولو اتحد وكيلهما ، بخلاف البيع ، والعبرة فيه بتعدد العاقد المباشر للعقد ، ولو وكيلا ، لأن المال المرهون وثيقة بالدين ، فإذا تعدد الدين تعددت الوثيقة ، وتعدد الدائن أو المدين يستلزم تعدد الدين غالبا.
أما البيع فهو عقد ضمان ، فكان النظر فيه لمن باشره.
فالمناط عندهم هو تعدد الدين وعدم تعدده ، ويتعدد الدين بتعدد المدين أو الدائن غالبا ، ويتحد بعدم تعددهما ، أو بكون الدين مشتركا ولوكان اثنين ، وهذه الحالة الأخيرة هي التي تفرق مذهب الشافعية عن مذهبي المالكية والحنابلة.
وبناء عليه ، لو رهن شخص دارا عند دائنين ، ثم وفي دين أحدهما ، انفك من الرهن ما يقابل هذا الدين من المرهون ، لتعدد الدين بسبب تعدد الدائن ، بشرط أن يختص أحد الدائنين بما يقبضه ، فإن شاركه فيه الآخر لم ينفك شيء من الرهن لعدم وفاء الدين على التمام.
ولو استعار مالا من اثنين ليرهنه ، ثم أدى نصف الدين ، انفك نصف المال المرهون.
فالعبرة باتفاق الفقهاء في فكاك شيء من المرهون ، أو عدم فكاكه ، بتعدد عقد الرهن وعدم تعدده ، إلا أن مناط مناط تعدده عند الحنفية: هو تعدد الصيغة ، دون نظر لتعدد العاقدين أو عدم تعددهما.
ومناطه عند المالكية والحنابلة: هو تعدد العاقد. وعند الشافعية: هو تعدد الدين وعدم تعدده ، ويتعدد الدين عندهم بتعدد العاقد غالبا ، فيصبح مذهبهم قريبا من مذهبي المالكية والحنابلة ، فتكون العبرة عند الجمهور بتعدد العاقد إلا إذا كان الدين مشتركا وكان الدائن اثنين ، يعد الرهن واحدا عند الشافعية.
الكاساني في البدائع (6 / 152 - 153)
أن المرهون محبوس بجميع الدين الذي رهن به. . لأن المرهون في حق ملك الحبس مما لا يتجزأ. والرهن كالبيع ، إذا اشتملت الصفقة على أشياء ، كان للبائع حق حبس كلها إلى أن يستوفي جميع الثمن ، وإن سمى لكل واحد منهما ثمنا على حدة.
الدسوقي في حاشيته على الشرح الكبير (3 / 258)
إذا كان كل من الراهن والمرتهن متحدا ، فإن قضى بعض الدين أو سقط البعض بهبة أو صدقة ، فجميع الرهن ولو تعدد فيما بقي من الدين ، لأن كل جزء منه رهن بكل جزء من الدين ، كما قال المصنف.
وأما إن تعدد أحدهما فإنه يقضى لمن وفى حصته من الدين بأخذ حصته من الرهن.
المغني (4 / 402)
وإذا رهن عينا عند رجلين ، فنصفها رهن عند كل واحد منهما بدينه ، ومتى وفى أحدهما خرجت حصته من الرهن ، لأن عقد الواحد مع الاثنين بمنزلة عقدين ، فكأنه رهن كل واحد منهما النصف مفردا.
مغني المحتاج (2 / 141)
ولو رهناه بدين ، فبرئ أحدهما مما عليه ، انفك نصبيه لتعدد الصفقة بتعدد العاقد ولو اتحد وكيلهما.
قال الإمام الشافعي لأن المدار على اتحاد الدين وعدمه.