الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحكم التكليفي للمضاربة
بالرغم من بروز طابع المشاركة بين رب المال والمضارب بتقديم الأول المال وتقديم الثاني العمل للاشتراك معا في الربح ، فإن العلاقة بينهما تأخذ أطوارا مختلفة في الاعتبار والأحكام.
فقد يكون المضارب بمنزلة الوديع ، أو بمنزلة الوكيل ، أو بمنزلة الشريك ، أو بمنزلة الأجير ، أو الغاصب.
المضارب بمنزلة الوديع
إذا قبض المضارب المال ولم يشرع في العمل ، فإن المال يكون أمانة في يده بمنزلة الوديعة.
ويلتزم المضارب بحفظ المال ، وليس عليه ضمانه إن ضاع منه دون تعد أو تقصير.
أوجه التشابه بين المضارب والوديع:
- كل منهما يتسلم مال المالك بإذنه لا على سبيل البدل اللازم ولا على وجه الوثيقة ، وكلاهما يكون أمينا على المال لا يضمنه إلا بالتعدي والتقصير.
أوجه الاختلاف بين المضارب والوديع:
- يحق للمضارب التصرف في المال لتحقيق الربح.
- لا يحق للوديع التصرف في المال بل يجب عليه حفظه فحسب.
المضارب بمنزلة الوكيل
إذا شرع المضارب في العمل كان وكيلا لرب المال ، فيقوم مقامه فيما عهد إليه به من التصرف في ماله.
أوجه التشابه بين المضارب والوكيل:
- كل منهما يستفيد بمال غيره بإذنه وله حق التصرف فيه دون امتلاكه ، وهو أمين على المال لا يضمنه إلا بتعد أو تقصير.
أوجه الاختلاف بين المضارب والوكيل:
- تصرفات المضارب أعم وأشمل من تصرفات الوكيل المطلق.
المضارب بمنزلة الشريك
إذا حصل ربح في المال تحولت العلاقة بين رب المال والمضارب إلى علاقة مشاركة ، ويكون المضارب شريكا في الربح بقدر حصته المتفق عليها.
أوجه التشابه بين المضارب والشريك:
- يجوز لكل منهما التصرف في المال وتثميره لتحقيق الربح.
أوجه الاختلاف بين المضارب والشريك:
- يساهم المضارب بعمله ويشترك في قدر من الربح بنسبة يتفق عليها ، ولا يتحمل الخسارة إلا بتعد أو تفريط.
- يساهم المشارك بجزء من رأس المال ويشترك في الربح بقدر نسبة ماله في رأس المال (عند المالكية والشافعية) ويتحمل الخسارة بنسبة رأس ماله في كل الأحوال.
المضارب بمنزلة الأجير
إذا فسدت المضاربة بوجه من الوجوه تحولت العلاقة إلى إجارة ، ويصير المضارب بمنزلة الأجير لرب المال ، فله أجر المثل ولرب المال جميع الربح الناشئ عن العمل.
أوجه التشابه بين المضارب والأجير:
- يعمل المضارب كالأجير لفائدة رب المال مقابل أجر ، والأجر هنا ما شرط له من ربح.
- إذا فسدت المضاربة لأي سبب من الأسباب يستحق المضارب أجر المثل إن تحقق في المضاربة ربح.
أما إن لم تربح فالصحيح أنه لا أجر له لئلا تكون المضاربة الفاسدة أجدى من الصحيحة التي من أحكامها الأصلية أنه لا شيء للمضارب إن لم يحصل ربح.
أوجه الاختلاف بين المضارب والأجير:
- يعمل المضارب أعمالا غير مضبوطة لا يمكن الاستئجار عليها ، ويستحق مقابل عمله أجرا مجهولا بل معدوما وهو ما يتحقق له من ربح.
- يعمل الأجير أعمالا مضبوطة ويستحق مقابل عمله أجرا معلوما سواء أثمر جهده ربحا للمؤجر أم لا.
المضارب المخالف بمنزلة الغاصب
إذا خالف المضارب شيئا من القيود أو الشروط التي تضمنها العقد ، فإنه يصير بمنزلة الغاصب.
ويكون المال مضمونا عليه وليس له ها هنا أجر البتة.
أوجه التشابه بين المضارب والغاصب:
- إذا تعمد المضارب إفساد المضاربة بأن فعل ما نهاه عنه رب المال أو فعل ما لا يحق له أن يعمله ، فمذهب الجمهور بأنه يصير بمثابة الغاصب للمال ومن ثم يضمن ، إذ يصير متصرفا في مال غيره بغير إذنه فلزمه الضمان كالغاصب.
بدائع الصنائع (ج6 ص78)
أما الذي يرجع إلى حال المضارب في عقد المضاربة فهو:
- إن رأس المال قبل أن يشتري المضارب به شيئا أمانة في يده بمنزلة الوديعة لأنه قبضه بإذن المالك لا على وجه البدل والوثيقة.
- فإذا اشترى به شيئا صار بمنزلة الوكيل بالشراء والبيع لأنه تصرف في مال الغير بأمره وهو معنى الوكيل.
- فإذا ظهر في المال ربح صار شريكا فيه بقدر حصته من الربح لأنه ملك جزءا من المال المشروط بعمله ، والباقي لرب المال لأنه نماء ماله.
- فإذا فسدت بوجه من الوجوه صار بمنزلة الأجير لرب المال.
- فإذا خالف شرط رب المال صار بمنزلة الغاصب ويصير المال مضمونا عليه.
الفقه على المذاهب الأربعة (ج3 ص35)
المضارب له أحوال يختلف معها حكم المضاربة. . .:
أحدها:
أن المضارب عند قبض المال وقبل الشروع في العمل يكون أمينا ، وحكم الأمين أن يكون المال أمانة في يده يجب عليه حفظه ورده عند طلب المالك وليس عليه الضمان إذا فقد منه.
ثانيها:
أنه عند الشروع في العمل يكون المضارب وكيلا ، وحكم الوكيل أنه يقوم مقام موكله فيما وكل فيه ويرجع على صاحب المال بما يلحقه من التعهدات المالية المتعلقة بوكالته. . . وعقد الوكالة ليس لازما فإن لكل منهما أن يتخلى عنه بدون إذن صاحبه.
ثالثها:
أنه عند حصول الربح يكون حكم المضارب كالشريك في شركة العقود المالية ، وهي أن يكون لكل من الشريكين حصة معينة من الربح الناتج عن استثمار مال. . .
رابعها:
إذا فسدت المضاربة يكون حكم المضارب حكم الأجير بمعنى أن الربح جميعه يكون لرب المال والخسارة تكون عليه وللمضارب أجر مثله ، وهل له أجر مثله سواء ربح المال أو خسر خلاف ، والصحيح أنه إذا عمل في المضاربة الفاسدة فلا أجر له إذا لم يربح لأنه إذا أخذ أجرا مع عدم الربح في الفاسدة تكون الفاسدة أروج من الصحيحة. . .
خامسها:
إذا خالف المضارب شرطا من الشروط يكون غاصبا ، وحكم الغاصب أنه يكون آثما ويجب عليه رد المغصوب وعليه ضمانه.