الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لزوم العقد
ذهب جمهور الفقهاء إلى أن الشركة من العقود الجائزة ، فلكل من الشريكين أن يستقل بفسخ الشركة ، رضي الآخر أم أبى ، حضر أم غاب ، كان المال نقودا أم عروضا.
وخالفهم في ذلك المالكية فقالوا بأن الشركة عقد لازم للطرفين لا يجوز لأحدهما الفسخ إلا برضا الآخر ، ويستمر هذا اللزوم إلى أن ينض المال أو يتم العمل الذي تقبل.
اختلف الفقهاء في طبيعة عقد الشركة ، هل هو عقد جائز (غير ملزم) أم أنه عقد ملزم للطرفين.
فذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة إلى أن عقد الشركة من العقود الجائزة فلكل من الشريكين أن يستقل بفسخ الشركة ، رضي الآخر أم أبى ، حضر أم غاب ، كان نقودا أم عروضا.
ولكن الحنفية اشترطوا لجواز الفسخ شرطين هما: أن يعلم الشريك صاحبه بالفسخ ، وأن يكون مال الشركة نقدا أو بعبارة أخرى لا يتضرر صاحبه لأنه لا ضرر ولا ضرار.
وبناء على اشتراط النضوض عند الحنفية أي أن يكون المال ناضا نقدا لا عروضا فإن الفسخ يكون لاغيا إذا لم يتحقق هذا الشرط وتبقى الشركة قائمة. أما عند من لم يقل بهذا الشرط فإنه إذا اتفق أن كان المال عروضا عندما انتهت الشركة ، فإن للشريكين أن يفعلا ما يريانه: من قسمته ، أو بيعه وقسمة ثمنه. فإن اختلفا فأراد أحدهما القسمة وآثر الآخر البيع أجيب طالب القسمة لأنها تحقق لكل منهما ما يستحقه أصلا وربما دون حاجة إلى تكلف مزيد من التصرفات.
أما المالكية - عدا ابن رشد وحفيده ومن تابعهما - فإن عقد الشركة عندهم عقد لازم للطرفين لا يجوز لأحدهما الفسخ إلا برضا الآخر ، والشركة عند المالكية تلزم بمجرد العقد ، ويستمر هذا اللزوم إلى أن ينض المال أو يتم العمل الذي تقبل.
جاء في مختصر خليل وشرحه مع حاشية الدسوقي (3 / 348)
ولزمت بما يدل عليها عرفا كاشتركنا ، أي يقوله كل منهما ، أو يقوله أحدهما ويسكت الآخر راضيا به ، أو شاركني ويرضى الآخر ، ولا يحتاج لزيادة على القول المشهور ، فلو أراد أحدهما المفاصلة قبل الخلط ، وامتنع الآخر فالقول للممتنع حتى ينض المال بعد العمل.
يقول الكاساني في البدائع (7 / 3579 - 3580)
وأما صفة الشركة فهي أنها عقد جائز غير لازم حتى ينفرد كل واحد منها بالفسخ ، إلا أن من شرط جواز الفسخ أن يكون بحضرة صاحبه أي بعلمه حتى لو فسخ بمحضر من صاحبه جاز الفسخ ، وكذا لو كان صاحبه غائبا وعلم بالفسخ وإن كان غائبا ولم يبلغه الفسخ لم يجز الفسخ ولم ينفسخ العقد لأن فسخ العقد من غير علم صاحبه إضرار بصاحبه ولهذا لم يصح عزل الوكيل من غير علمه ، مع أن الشركة تتضمن الوكالة وعلم الوكيل بالعزل شرط جواز العزل فكذا في الوكالة التي تضمنته الشركة.
وعلى هذا الأصل قال الحسن بن زياد إذا شارك أحد شريكي العنان رجلا شركة مفاوضة أنه إن كان بغير محضر من شريكه لم تكن مفاوضة وإن كان بمحضر منه صحت المفاوضة ، لأن المفاوضة مع غيره تتضمن فسخ العنان وهو لا يملك الفسخ عند غيبته ويملك عند حضرته.