الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دليل مشروعية المزارعة
قال بصحة المزارعة ومشروعيتها جمهور الفقهاء من الحنابلة ، والصاحبان من الحنفية وهو مذهب الثوري وابن أبي ليلى وداود الظاهري وابن تيمية وأجازها مالك والشافعي تبعا للمساقاة
أما الشافعية وفي أصح الأقوال عنهم أنها لا تجوز لا مستقلة عن المساقاة ولا تابعة لها ،
وقال بعدم مشروعيتها أبو حنيفة وزفر وقالا هي فاسدة
وكرهها عكرمة ومجاهد والنخعي
وثبتت مشروعية المزارعة عند القائلين بجوازها بالسنة وإجماع الصحابة والقياس والمعقول.
الدليل من السنة
عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم عامل أهل خيبر بشطر ما يخرج من ثمر أو زرع.
وفي رواية أخرى: عن ابن عمر قال أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر بشطر ما يخرج من ثمر أو زرع رواه مسلم كتاب المساقاة والمزارعة والبخاري كتاب المزارعة.
ولقد رد المانعون للمزارعة على هذا الدليل من السنة بقولهم
إن حديث خيبر محمول على الجزية دون المزارعة حيث إن خيبر فتحت عنوة فكان أهلها عبيدا فما أخذه من الخارج منها فهو له أي لرسول الله صلى الله عليه وسلم وما تركه فهو له أو أن معاملة النبي صلى الله عليه وسلم أهل خيبر كان خراج مقاسمة بمعنى فرض مقدار نسبة محددة من غلة الأرض كالنصف بطريق المن والصلح وهو جائز.
ويرد المجيزون على ذلك بالاحتجاج بظاهر الحديث وبقوله صلى الله عليه وسلم: أقركم ما أقركم الله وهذا صريح في انهم لم يكونوا عبيدا.
أما المانعون للمزارعة فلقد استدلوا كذلك بالسنة حيث أوردوا حديث جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كانت له أرض فليزرعها فإن لم يزرعها فليزرعها أخاه رواه مسلم.
وفي رواية أخرى: نهى الرسول الله صلى الله عليه وسلم أن يؤخذ للأرض أجر أو حظ رواه مسلم.
وفي رواية ثالثة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كانت له أرض فليزرعها فإن لم يستطع أن يزرعها وعجز عنها فليمنحها أخاه المسلم ولا يؤاجرها إياه رواه مسلم.
كذلك استدلوا بما رواه مسلم أن رافع بن خديج قال كنا نحاقل الأرض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فنكريها بالثلث والربع والطعام المسمى فجاءنا ذات يوم رجل من عمومتي فقال نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أمر كان لنا نافعا وطواعية الله ورسوله انفع لنا نهانا أن نحاقل بالأرض فنكريها على الثلث والربع والطعام المسمى وأمر رب الأرض أن يزرعها أو يزرعها أخاه وكره كراءها وما سوى ذلك.
ويحمل المجوزون للمزارعة هذه الأحاديث على أنه إذا اشترط لطرفي العقد قطعة معينة من الأرض فالنهى محمول على الوجه المفضى إلى الضرر والجهالة ويوجب المشاجرة كما هو الشأن في حمل المطلق على المقيد فيحمل على ما فيه مفسدة أو يحمل على اجتنابها ندبا واستحبابا.
الدليل من الإجماع
عامل رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل خيبر بالشطر ثم أبو بكر ثم عمر وعثمان وعلي ثم أهلوهم وعمل به أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم من بعده ولم يبق بالمدينة بيت إلا عمل به فيعد ذلك إجماعا منهم لم يخالفهم فيه أحد.
دليل المشروعية من العقل والقياس
المزارعة مشروعة عقلا إذ ليس كل من ملك أرضا صالحة للزارعة قادر على زراعتها أو متفرغا لذلك كذلك من كانت له طاقة للعمل وخبرة في أمور الزراعة وليس لديه أرض يعمل بها يمكنه العمل في أراضي الغير ومشاركة أصحابها في الناتج وهذا مفيد في تشغيل موارد الأمة وطاقاتها وعدم تعطيلها.
ويمكن قياس المزارعة على المضاربة لأنها كما قال ابن تيمية عين تنمو بالعمل عليها فجاز العمل فيها ببعض نمائها.
المغني (5 / 416)
هي جائزة في قول كثير من أهل العلم قال البخاري قال أبو جعفر ما بالمدينة أهل بيت إلا ويزرعون على الثلث والربع وزارع علي وسعد وابن مسعود وعمر بن عبد العزيز والقاسم وعروة وآل أبي بكر وآل على وابن سيرين وممن رأى ذلك سعيد بن المسيب وطاوس. . . . الخ
وعامل عمر الناس على أنه إذا جاء عمر بالبذر من عنده فله الشطر وإن جاءوا بالبذر فلهم كذا وكرهها عكرمة ومجاهد والنخعي وأبو حنيفة.
بدائع الصنائع (5 / 175)
وأما شرعية المزارعة فقد اختلف فيها
قال أبو حنيفة عليه الرحمة إنها غير مشروعة وبه أخذ الشافعي رحمه الله
وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله إنها مشروعة.
تكملة المجموع شرح المهذب (14 / 416 - 417)
لا تجوز المزارعة على بياض لا شجر فيه فأما إذا كانت الأرض بين النخل لا يمكن سقى الأرض إلا بسقيها نظرت فإذا كان النخيل كثيرا والبياض قليلا جاز أن تساقيه على النخل وان تزارعه على الأرض وان عقد المزارعة على الأرض ثم عقد المساقاة على النخل لم تصح المزارعة لأنها إنما أجيزت تبعا للمساقاة للحاجة ولا حاجة قبل المساقاة
وان عقدت بعد المساقاة ففيه وجهان
احدهما لا تصح لأنه إفراد للمزارعة بالعقد فاشبه إذا قد مت
والثاني: تصح لأنهما يحصلان لمن له المساقاة.
بداية المجتهد ونهاية المقتصد (2 / 249)
واختلفوا إذا كان مع النخل أرض بيضاء أو مع الثمار هل يجوز أن تساقى الأرض مع النخل بجزء من النخل أو بجزء من النخل وبجزء مما يخرج من الأرض؟ (ويقصد بذلك المزارعة) فذهب إلى جواز ذلك طائفة وبه قال صاحبا أبي حنيفة والليث وأحمد والنووي وابن أبي ليلى وجماعة
وقال الشافعي وأهل الظاهر لا تجوز المساقاة إلا في الثمر فقط
وأما مالك فقال: إذا كانت الأرض تبعا للثمر وكان الثمر أكثر ذلك فلا بأس بدخولها في المساقاة اشترط جزءا خارجا منها أو لم يشترطه وحد ذلك الجزء بأن يكون الثلث فما دونه.
وحجة من أجاز المساقاة عليها جميعا - أي على الأرض بجزء مما يخرج منها - حديث ابن عمر
وحجة من لم يجز ذلك ما روى من النهى عن كراء الأرض بما يخرج منها في حديث رافع بن خديج.
وأما تحديد مالك ذلك بالثلث فضعيف وهو استحسان مبنى على غير الأصول لأن الأصول تقتضى أنه لا يفرق بين الجائز من غير الجائز بالقليل والكثير من الجنس الواحد.
مجموع فتاوى ابن تيمية (30 / 227)
أن المزارعة على الأرض كالمساقاة على الشجر وكلاهما جائز عند فقهاء الحديث كما دل على جواز المزارعة سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وإجماع أصحابه من بعده والذين نهوا عنها ظنوا أنها من باب الإجارة لتكون إجارة بعوض مجهول وذلك لا يجوز.
والتحقق أن هذه المعاملات هي من باب المشاركات والمزارعة مشاركة هذا بنفع بدنه وهذا بنفع ماله وما قسم الله من ربح كان بينهما كشريكي العنان.
والمزارعة جائزة بلا ريب سواء كان البذر من العامل أو المالك وسواء كان بلفظ الإجارة أو المزارعة وغير ذلك هذا أصح الأقوال في هذه المسألة.
المحلى لابن حزم
إن آخر فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أن مات كان إعطاء الأرض بنصف ما يخرج منها من الزرع ومن الثمر والشجر وعلى هذا مضى أبو بكر وعمر وجميع الصحابة رضي الله عنهم فوجب استثناء الأرض ببعض ما يخرج منها من جملة ما صح النهي عنه من أن تكرى الأرض أو يؤخذ لها أجر أو حظ وكان هذا العمل المتأخر ناسخا للنهى المتقدم عن إعطاء الأرض ببعض ما يخرج منها لأن النهى عن ذلك قد صح فلولا أنه قد صح لقلنا: ليس نسخا لكنه استثناء من جملة النهى ولولا أنه قد صح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مات على هذا العمل لما قطعنا بالنسخ لكن ثبت أنه آخر عمله عليه السلام فصح أنه نسخ صحيح متيقن لا شك فيه وبقي النهى عن الإجارة جملة بحسبه إذ لم يأت شيء ينسخه ولا يخصصه البتة.