الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يشترط في المكفول به أن يكون دينا لازما صحيحا
يشترط في المكفول به: أن يكون الدين لازما صحيحا: وهو ما لا يسقط إلا بالأداء أو الإبراء ،
وقد اختلف الفقهاء على اتجاهين في ضمان ما لم يجب ،
فمنعه فريق وهم الحنفية والشافعية ، وأجاز آخرون الضمان في كل حق من الحقوق الواجبة أو التي تؤول إلى الوجوب في المستقبل.
يشترط في المكفول به أن يكون دينا لازما صحيحا ، وهو ما لا يسقط إلا بالأداء أو الإبراء. وهذا شرط خاص بكفالة المال ، وهو شرط متفق عليه في الجملة بين المذاهب.
فيصح ضمان كل دين لازم كالثمن والأجرة وعوض القرض ودين السلم وأرش الجناية وغرامة المتلف ، لأنه وثيقة يستوفى منها الحق ، فصح في كل دين لازم كالرهن وأما ما لا يلزم بحال وهو دين الكتابة فلا يصح ضمانه ، لأنه لا يلزم المكاتب أداؤه ، فلم يلزم ضمانه.
الكفالة بما ليس بدين ولا تصح عند الحنفية الكفالة بما ليس بدين كنفقة الزوجة قبل القضاء بها أو التراضي عليها ، لأنها لا تصير دينا إلا بالقضاء أو الرضا.
ضمان ما لم يجب ويتفرع عن اشتراط كون المكفول به دينا لازما أنه لا يصح عند الحنفية والشافعية ضمان ما لم يجب كجعل الجعالة ، لأنه دين غير لازم
قال في المهذب: ولا يصح ضمان ما لم يجب: وهو أن يقول: ما تداين فلان فأنا ضامن له ، لأنه وثيقة بحق ، فلا يسبق الحق ، كالشهادة.
وفي الثمن في مدة الخيار ومال الجعالة ثلاثة أوجه:
أحدها - لا يصح ضمانه ، لأنه دين غير لازم ، فلم يصح ضمانه كدين الكتابة.
الثاني - يصح ، لأنه يؤول إلى اللزوم ، فصح ضمانه.
والثالث - يصح ضمان الثمن في مدة الخيار ، ولا يصح ضمان مال الجعالة ، لأن عقد البيع يؤول إلى اللزوم ، وعقد الجعالة لا يلزم بحال.
فأما المال المشروط في السبق والرمي ففيه قولان:
أحدهما: أنه كالإجارة فيصح ضمانه.
والثاني: أنه كالجعالة فيكون في ضمانه وجهان.
قال النووي والشربيني في مغني المحتاج: ضمان الجعل في الجعالة كالرهن به ، ومن المعلوم أنه يصح الرهن بالجعل بعد الفراغ من العمل قطعا ، ولا يصح قبله ، ولو بعد الشروع في الأصح ، فلو قال شخص: من رد عبدي فله دينار ، فضمنه عنه ضامن قبل مجيء العبد ، لأنه غير لازم كمال الكتابة. والفرق بين الجعل والثمن في مدة الخيار: أنه لا يصير إلى اللزوم إلا بالعمل ، بخلاف الثمن فإنه يؤول إليه بنفسه.
وذهب المالكية والحنابلة إلى أنه يصح ضمان ما لم يجب ، مثل ضمان الجعل. قال خليل وشراح متنه في الشرح الصغير: شرط الدين: لزومه للمضمون في الحال ، أو كونه آيلا إلى اللزوم في المستقبل كجعل ، كما لو قال شخص لآخر: إن أتيت لي بعبدي الآبق مثلا ، فلك دينار ، فيصح ضمان القائل ، فإن أتى المخاطب بالعبد ، لزم الضامن الدينار ، إن لم يدفعه رب العبد للعامل. وكذا: داين فلانا وأنا أضمنه ، أو إن ثبت لك عليه دين ، فأنا ضامن.
فيصح الضمان عندهم في كل حق من الحقوق المالية الواجبة أو التي تؤول إلى الوجوب ، كثمن المبيع في مدة الخيار وبعده ، والأجرة ، والمهر قبل الدخول أو بعده لأن هذه الحقوق لازمة ، وجواز سقوطها لا يمنع ضمانها كالثمن في البيع بعد انقضاء الخيار ويجوز أن يسقط برد بعيب أو مقايضة.
وقال في مواهب الجليل (5 / 98 - 100)
يصح الضمان بدين لازم أو آيل إلى اللزوم إن أمكن استيفاؤه من ضامنه ، وإن جهل ،
المهذب (1 / 340)
يصح ضمان كل دين لازم كالثمن والأجرة وعوض القرض ودين السلم وأرش الجناية وغرامة المتلف ، لأنه وثيقة يستوفى منها الحق ، فصح في كل دين لازم كالرهن.
الكاساني في البدائع (6 / 7 - 9) :
وها هنا شرط ثالث لكنه يخص الدين وهو أن يكون لازما ، فلا تصح الكفالة عن المكاتب لمولاه ببدل الكتابة ، لأنه ليس بدين لازم ، لأن المكاتب يملك إسقاط الدين عن نفسه بالتعجيز لا بالكسب.
الدر المختار ورد المحتار (4 / 274 - 275) :
وأما كفالة المال فتصح ولو كان المال مجهولا به ، إذا كان ذلك المال دينا صحيحا. .
والدين الصحيح: هو ما لا يسقط إلا بالأداء أو الإبراء.
ولو كان الإبراء حكما ، بفعل يلزمه سقوط الدين ، فيسقط دين المهر بمطاوعتها لابن الزوج للإبراء الحكمي ، فلا تصح ببدل الكتابة لأن عقد الكتابة عقد غير لازم من جانب العبد ، فله أن يستقل بإسقاط هذا الدين ، بأن يعجز نفسه متى أراد ، فلم يكن دينا صحيحا ، لأن العقد من أصله لم ينعقد ملزما لبدل الكتابة ، لأنه دين للسيد على عبده ولا يستحق السيد على عبده دينا.
وكذا لا تصح الكفالة بالدية.
جاء في مشروع تقنين الشريعة الإسلامية ، على مذهب الإمام مالك (م324)
يشترط في لزوم الضمان: أن يكون دين المضمون لازما له في الحال أو في المستقبل ، وأن يكون الضامن غير محجور عليه فيما ضمن فيه من ماله.
وقال خليل وشارح متنه في الشرح الصغير (3 / 431 - 432) :
وشرط الدين لزومه في الحال ، بل ولو يلزم المضمون في المآل ، أي في المستقبل ، كجعل ، فإنه قد يؤول إلى اللزوم.
كشاف القناع (3 / 350 - 357) :
الضمان: التزام من يصح تبرعه (وهو الحر غير المحجور عليه) أو التزام مفلس برضاهما (أي من يصح تبرعه والمفلس) دينا وجب على غيره أو ما يجب على غيره مع بقائه على الغير. فلا يصح ضمان دين الكتابة ، لأنه ليس بلازم ، ولا مآله إلى اللزوم ، لأن المكاتب له تعجيز نفسه والامتناع عن الأداء ، فإذا لم يلزم الأصل ، فالفرع أولى
وقال ابن قدامة في المغني (4 / 536)
يصح ضمان الجعل في الجعالة ، وفي المسابقة والمناضلة وقال أصحاب الشافعي في أحد الوجهين: لا يصح ضمانه ، لأنه لا يؤول إلى اللزوم ، فلم يصح ضمانه ، كمال الكتابة. ولنا قول الله تعالى {ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم} فدلت الآية على ضمان حمل البعير ، مع أنه لم يكن وجب ولأنه يؤول إلى اللزوم إذا عمل العمل. وإنما الذي لا يلزم: العمل ، والمال يلزم بوجوده والضمان للمال دون العمل. ويصح ضمان أرش الجناية ، سواء كانت نقودا كقيم المتلفات أو حيوانا كالديات.
كشاف القناع (3 / 354)
ولا يعتبر كون الحق واجبا إذا كان مآله (أي الحق) إلى الوجوب ، فيصح ضمان ما لم يجب إذا آل إلى الوجوب.