الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أن يكون رأس المال من الأثمان
يتفق جمهور الفقهاء على جواز شركة الأموال مفاوضة كانت أو عنانا إذا كان رأس المال من الأثمان أي نقدا رائجا ، وكان عينا حاضرة لا مالا غائبا أو دينا يحتاج إلى تحصيل ،
وأجاز الشافعية أن يكون رأس المال من المثليات أيضا ،
بينما أجاز المالكية شركة الأموال بكل العروض سواء كانت مثلية أو قيمية على أن تجعل قيمتها المتفق عليها يوم العقد رأس مال الشركة.
اتفق الفقهاء قاطبة على صلاحية النقدين (الدنانير الذهبية والدراهم الفضية) لأن يكونا معقودا عليها في الشركات.
يقول ابن قدامة في المغني: (لا خلاف في أنه يجوز جعل رأس المال الدراهم والدنانير فإنها قيم الأموال وأثمان البياعات ، والناس يشتركون بها من لدن النبي صلى الله عليه وسلم إلى زمننا من غير نكير) .
ويدخل في النقود النقود الورقية الحديثة كالريال والجنيه والدولار وغيرها لأنها أثمان عرفا وعملا وتطبيقا ، والقاعدة العامة عند معظم الفقهاء هي أن ما تعامل به الناس فحكمه حكم الأثمان المطلقة تجوز الشركة فيه.
قول الحنفية وظاهر مذهب الحنابلة
ولا تصح الشركة برأس مال من العروض - مثلية أو قيمية - عند الحنفية وظاهر مذهب الحنابلة لأن قيمة العروض غير ثابتة وهي عرضة للزيادة والنقصان وذلك مما يؤدي إلى جهالة ربح كل شريك جهالة من شأنها أن تؤدى إلى نزاع ، إذ أن تعرف مقدار الربح حينئذ متوقف على معرفة القيمة عند العقد وبعده ، ولا تعرف حينئذ إلا بالحزر والظن وذلك مما يختلف باختلاف التقويم ، وقد يكون التقويم محل نزاع فيؤدي إلى نزاع في الربح ومقداره وذلك مفسد للشركة.
قول الشافعية
أما جماهير الشافعية ، فإنهم فرقوا بين المثليات وهي المكيالات والموزونات كالبر والشعير ، وبين القيميات التي تختلف آحادها من حيث القيمة كالحيوان ، فقد منعوا انعقاد الشركة في القيميات وأجازوها في المثليات بعد الخلط مع اتحاد الجنس ، لأن الخلط بغير الجنس كخلط القمح بالشعير والزيت بالسمن يخرج المثلي عن مثليته وهذا يؤدي إلى جهالة الأصل والربح والمنازعة عند القسمة لمكان الحاجة تقويمه إذ ذاك لمعرفة مقداره ، والتقويم حزر وتخمين ويختلف باختلاف المقومين بخلاف المثلي فإنه يحصل مثله.
قول المالكية ومذهب أحمد في رواية
وخلافا لبقية الفقهاء ، فإنه يجوز الاشتراك بكل العروض سواء كانت مثلية أو قيمية ، وسواء كان العروض من الطرفين ، أو كان العرض من طرف والعين من طرف آخر ، وسواء اختلفا جنسا أو اتفقا ، ولكن العروض تقيم بقيمتها يوم العقد وتجعل قيمتها المتفق عليها حصة في رأس مال الشركة يعلم بموجبها حصة الأرباح أو الخسائر ، وهذا مذهب المالكية والأوزاعي وابن أبي ليلى ومذهب أحمد في رواية.
وبهذا القول الأخير ، فإن العروض لا بد أن تقوم عند انعقاد الشركة عليها ، وبالتالي لا يحدث ربح ما لم يضمن ، ولا الجهالة ، ولا الوكالة في العروض ، لأنها تحولت من خلال تقييمها إلى الأثمان.
كيفية تصحيح الشركة في العروض عند المانعين
وقد التجأ المانعون إلى حيلة تؤدي نفس الغرض ، حيث أجاز الحنفية والشافعية الشركة في العروض عن طريق الحيلة ، قال الكاساني في البدائع (7 / 3538) :(والحيلة في جواز الشركة في العروض وكل ما يتعين بالتعيين: أن يبيع كل واحد منهما نصف ما له بنصف مال صاحبه حتى يصير مال كل واحد منهما نصفين ، وتحصل شركة ملك بينهما ، ثم يعقدان بعد ذلك عقد الشركة فتجوز بلا خلاف ، ولو كان من أحدهما دراهم ومن الآخر عروض فالحيلة في جوازه أن يبيع صاحب العروض نصف عرضه بنصف دراهم صاحبه ، ويتقابضا ، ويخلط جميعا حتى تصير الدراهم بينهما والعروض بينهما ثم يعقدان عليهما عقد الشركة فيجوز) .
وجاء في المهذب (1 / 345) : (وإن لم يكن لهما غير العروض وأرادا الشركة باع كل واحد منهما بعض عرضه ببعض عرض الآخر فيصير الجميع مشتركا بينهما ويشتركان في ربحه) .
جاء في المدونة (5 / 65 - 66)
وإن كان من عند أحدهما دنانير ومن عند الآخر عروض وقيمتها سواء ، أو قيمتهما مختلفة فذلك جائز أيضا في قول مالك. . إذا اشترط العمل عليها على قدر رءوس أموالهما ، والربح على قدر رءوس أموالهما والوضيعة على قدر رءوس أموالهما.
وجاء في الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي (3 / 349)
وتصح الشركة بالذهب والفضة من الشريكين. . وبعرضين من جانب ، وبعرض من آخر ، وبعرضين: من كل واحد عرض مطلقا: اتفقا جنسا ، أو اختلفا ، ودخل فيه ما إذا كان أحدهما عرضا والآخر طعاما ، واعتبر كل من العرض الواقع في الشركة من جانب أو من جانبين بالقيمة ، فالشركة في الأولى بالعين وقيمة العرض ، وفي الثانية بقيمة العرضين ، فإذا كان قيمة كل عشرة فالشركة بالنصف وهكذا وتعتبر القيمة يوم عقد الشركة وإن لم يحضر العرض بالفعل ، وهذا فيما يدخل في ضمان المشتري بالعقد في البيع وهو ما ليس فيه حق توفية ، ولا مواضعة ، ولا خيار ، ولا غائب ، وأما ما لا يدخل في ضمانه بالعقد كذي التوفية - وهو ما يكال ، أو يعد أو يوزن من غير العين - والغائب غيبة قريبة فتعتبر قيمته يوم دخوله في ضمانه في البيع ، وإنما قلنا في البيع ، لا في الشركة لأن الضمان فيها إنما يكون بالخلط.
جاء في المغني لابن قدامة (5 / 17)
وعن أحمد رواية أخرى: أن الشركة والمضاربة تجوز بالعروض ، وتجعل قيمتها وقت العقد رأس مال ، قال أحمد إذا اشتركنا في العروض يقسم الربح على ما اشتركا ، وقال الأثرم سمعت أبا عبد الله يسأل عن المضاربة بالمتاع؟ قال: جائز ، فظاهر هذا صحة الشركة بها ، اختار هذا أبو بكر وأبو الخطاب وهو قول مالك وابن أبي ليلى وبه قال في المضاربة طاوس والأوزاعي وحماد بن أبي سليمان.
وجاء في فتح القدير (6 / 167 171)
ولا تنعقد الشركة إلا بالدراهم ، والدنانير ، والفلوس النافقة. . ، ولا تجوز بما سوى ذلك إلا أن يتعامل الناس بالتبر والنقر فتصح الشركة بهما.
وجاء في المغني (5 / 16)
فأما العروض فلا تجوز الشركة فيها في ظاهر المذهب نص عليه أحمد في رواية أبي طالب وحرب وحكاه ابن المنذر وكره ذلك ابن سيرين ويحيى بن أبي كثير والثوري. . وإسحاق وأبو ثور.
وجاء في المهذب (1 / 345)
فأما ما سواهما أي الدراهم والدنانير من العروض فضربان: ضرب لا مثل له ، وضرب له مثل ، فأما ما لا مثل له كالحيوان والثياب فلا يجوز عقد الشركة عليها. ، وأما ما له مثل كالحبوب والأدهان ففيه وجهان: أحدهما لا يجوز عقد الشركة عليه ، وعليه ينص البويطي والثاني يجوز وهو قول أبي إسحاق.