الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شروط الكفيل
يشترط جمهور الفقهاء رضا الكفيل لأن العقد لا ينعقد إلا بإيجاب منه
كما يشترط فيه أن يكون أهلا للتبرع وذلك بأن يكون عاقلا ، بالغا ، حرا ، لأن الكفالة بالاتفاق تبرع محض ، لا مصلحة فيها للكفيل.
يشترط كون الكفيل أهلا للتبرع بأن يكون عاقلا بالغا حرا.
فلا تنعقد كفالة الصغير والمجنون والمعتوه والمبرشم الذي يهذي ، لأن الكفالة عقد تبرع بالتزام المال ، فلا تنعقد ممن ليس أهلا للتبرع وهذا شرط متفق عليه ، وهو المعبر عنه بالرشد ، أي صلاح المال عند الجمهور ، وصلاح الدين والمال عند الشافعية ، لأن الكفالة تصرف مالي.
فلا تصح الكفالة من مجنون وصبي ، ولو كان مميزا ، ومحجورا عليه بسفه ، وإن أذن الولي عند الجمهور لعدم رشدهم ، ولأن الضمان التزام مال لا فائدة له فيه ، فلم يصح منه ، كالتبرع والنذر ، بخلاف البيع وقال القاضي أبو يعلى تصح كفالة السفيه المحجور عليه ويتبع لها بعد فك الحجر عنه ، أي فهو شرط نفاذ ، لا شرط انعقاد لأن من أصول الحنابلة أن إقراره صحيح يتبع به بعد فك الحجر عنه ، فكذلك ضمانه.
ورأي الجمهور أولى ، لأن الضمان إيجاب مال بعقد ، فلم يصح من المحجور عليه لسفه كالبيع والشراء ولا يشبه الإقرار ، لأنه إخبار بحق سابق.
وقال الرافعي من الشافعية وفي رواية عند الحنابلة: تصح كفالة الصبي المميز مع إذن الولي وهي خلاف الصحيح من المذهب ، ولا تقاس على البيع ، لأن الضمان غرر كله بلا مصلحة.
أما المحجور عليه لفلس فيصح ضمانه ويتبع به بعد فك الحجر عنه ، لأنه من أهل التصرف ، والحجر عليه في ماله ، لا في ذمته ، فأشبه الراهن ، فيصح تصرفه فيما عدا الرهن ، فهو كما لو اقترض أو أقر أو اشترى في ذمته فعدم الحجر لفلس شرط نفاذ لا شرط انعقاد.
وأما الحرية: فهي شرط نفاذ للتصرف فلا تجوز كفالة العبد ، لأنها تبرع ، والعبد لا يملك التبرع بدون إذن سيده ولكن الكفالة تنعقد ، حتى إن العبد يطالب بموجبها بعد عتقه. والآن لا رق يبحه الإسلام ، كما أفتى مجمع البحوث الإسلامية.
وأما المريض مرض الموت: فحكم ضمانه حكم تبرعه لا يصح فيما يزيد عن ثلث ماله ، إلا بإجازة الوارث.
وأما المرأة: فتصح كفالتها كالرجل عند الجمهور وانفرد المالكية بالقول بأن:
- المرأة ذات الزوج تصح كفالتها في حدود الثلث فقط ، ولا تنفذ فيما زاد عن الثلث إلا إذا كانت الزيادة يسيرة كالدينار أو الشيء الخفيف إلا بإجازة الزوج ، فلا تلزم كفالتها حينئذ وان صحت ، لأن في الزيادة على الثلث إضرارا بالزوج فلا تصح الكفالة إلا إذا كانت بموافقة الزوج نفسه ، وكانت مرضية في تصرفها ، غير سفيهة في حالها.
- وفي حال الزيادة اليسيرة تنفذ ، لأنه يعلم أنها لم ترد به الضرر. وتصح كفالتها عن زوجها وإن بلغت جميع مالها بإذنه. وهذا كله مبني عندهم على أن المرأة محجورة في تصرفها بمالها.
قال في المغني (4 / 537) :
من أحكام الكفالة: صحة الضمان عن كل من وجب عليه حق ، حيا كان أو ميتا ، مليئا أو مفلسا ، لعموم لفظه فيه ، وهذا قول أكثر أهل العلم.
وقال أبو حنيفة لا يصح ضمان دين الميت إلا أن يخلف وفاء ، فإن خلف بعض الوفاء ، صح ضمانه بقدر ما خلف ، لأنه دين ساقط فلم يصح ضمانه ، كما لو سقط بالإبراء ولأن ذمته قد خربت خرابا لا تعمر بعده ، فلم يبق فيها دين ، والضمان: ضم ذمة إلى ذمة في التزامه.
ولنا: حديث أبي قتادة وعلي فإنهما ضمنا دين ميت لم يخلف وفاء ، والنبي صلى الله عليه وسلم حضهم على ضمانه في حديث أبى قتادة بقوله: ألا قام أحدكم فضمنه؟ وهذا صريح في المسألة ولأنه دين ثابت ، فصح ضمانه ، كما لو خلف وفاء ودليل ثبوته: أنه لو تبرع رجل بقضاء دينه جاز لصاحب الدين اقتضاؤه. ولو ضمنه حيا ثم مات ، لم تبرأ ذمة الضامن. ولو برئت ذمة المضمون عنه ، برئت ذمة الضامن ، وفي هذا انفصال عما ذكروه.
قال ابن قدامة في المغني (4 / 562)
تفتقر صحة الكفالة إلى رضا الكفيل ، لأنه لا يلزمه الحق ابتداء إلا برضاه. ولا يعتبر رضا المكفول له ، لأنها وثيقة له ، لا قبض فيها ، فصحت من غير رضاه فيها ، كالشهادة ولأنها التزام حق له من غير عوض ، فلم يعتبر رضاه فيها كالنذر.
قال الشيرازي في المهذب (1 / 340)
يصح الضمان من غير رضا المضمون عنه ، لأنه لما جاز قضاء دينه من غير رضاه ، جاز ضمان ما عليه من غير رضاه.
وقال البهوتي في كشاف القناع (3 / 354)
ولا يصح الضمان إلا برضا الضامن ، فلا يصح ضمان المكره ، لأنه التزام مال ، فلم يصح بغير رضا الملتزم كالنذر. ولا يعتبر لصحة الضمان رضا المضمون له ، لأن أبا قتادة ضمن الميت بغير رضا المضمون له ، وأقره الشارع صلى الله عليه وسلم ولا يعتبر أيضا رضا المضمون عنه ، قال في المبدع: بغير خلاف نعلمه ، لحديث أبي قتادة ولأنه لو قضى الدين عنه بغير إذنه ورضاه صح ، فكذا إذا ضمن عنه ولا يعتبر أيضا معرفة الضامن لهما ، أي للمضمون له والمضمون عنه ، لأنه لا يعتبر رضاهما ، فكذا معرفتهما.
الكاساني في البدائع (6 / 6 - 7)
يشترط في المكفول له أن يكون معلوما ، وأن يكون في مجلس العقد ، وهو شرط الانعقاد عند أبي حنيفة ومحمد إذا لم يقبل عنه حاضر في المجلس ، وتفريع على مذهبهما أن يكون عاقلا ، فلا يصح قبول المجنون والصبي الذي لا يعقل ، لأنهما ليسا من أهل القبول ، ولا يجوز قبول وليهما عنهما ، لأن القبول يعتبر ممن وقع له الإيجاب ، ومن وقع له الإيجاب ليس من أهل القبول ، ومن قبل ، لم يقع الإيجاب له ، فلا يعتبر قبوله. وأما حرية المكفول له فليست شرطا ، لأن العبد من أهل القبول.
وقال في الدر المختار (4 / 278) :
ولا تصح الكفالة بجهالة المكفول عنه ولا بجهالة المكفول له.
قال الحطاب في مواهب الجليل (5 / 100)
ولا يشترط معرفة المضمون له.
قال النووي في المنهاج وشارحه الشربيني الخطيب في مغني المحتاج (2 / 200)
والأصح اشتراط معرفة المضمون له: وهو مستحق الدين لتفاوت الناس في استيفاء الدين تشديدا وتسهيلا ، وأفتى ابن الصلاح وغيره بأن معرفة وكيل المضمون له كمعرفته وأنه لا يشترط قبوله ورضاه ، ولا يشترط رضا المضمون عنه (وهو المدين) قطعا ولا معرفته في الأصح.
وقال ابن قدامة في المغني (5 / 535)
ولا يعتبر أن يعرفهما (المضمون عنه وله) الضامن وقال القاضي أبو يعلى يعتبر معرفتهما ، ليعلم هل المضمون عنه أهل لاصطناع المعروف إليه أو لا؟ وليعرف المضمون له ، فيؤدى إليه. وذكر وجها آخر. أنه تعتبر معرفة المضمون له لذلك ، ولا تعتبر معرفة المضمون عنه ، لأنه لا معاملة بينه وبينه ، ولأصحاب الشافعي ثلاثة أوجه نحو هذه.
وقال المنهاجي في جواهر العقود (1 / 181)
وأما ضمان المال: فإنه يجوز بثلاثة شرائط: أن يعلم لمن هو ، وكم هو ، وعلى من هو؟
وذكر ابن العربي في أحكام القرآن (3 / 1085)
في جهالة المضمون له: قال علماؤنا: هي جائزة ، وتجوز عندهم أيضا مع جهالة الشيء المضمون أو كليهما. ومن العجب أن أبا حنيفة والشافعي اتفقا على أنه لا تجوز الكفالة مع جهالة المكفول له وادعى أصحاب أبي حنيفة أن هذا الخبر:{ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم} منسوخ من الآية خاصة.