الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تقسيم المضاربة من حيث تعدد أطرافها
تنقسم المضاربة من حيث تعدد أطرافها إلى قسمين:
أولهما المضاربة الثنائية ، وهي التي يوجد فيها شخص واحد يقدم المال وشخص واحد يقوم بالعمل ،
والثانية هي المضاربة المشتركة أو الجماعية التي يتعدد فيها أرباب المال أو المضاربون.
فيجوز اشتراك أكثر من شخص في تقديم المال لمضارب واحد (وهي حالة تعدد رب المال) ، وإذا عمل المضارب في المالين في مضاربتين مختلفتين فهذا جائز عند جمهور الفقهاء في حالة عدم وقوع ضرر بصاحب المال الأول ، كما يجوز عندهم عمل المضارب في المالين في مضاربة واحدة وذلك بشروط حددوها في مسألة خلط مال المضاربة بغيرها.
ويجوز كذلك لرب المال أن يدفع ماله إلى شخصين للعمل به في مضاربة واحدة (وهي حالة تعدد المضاربين) ، ذلك لأن عقده معهما كعقدين.
ويجوز لرب المال أن يساوي أو يفاضل بينهما في الربح لأنهما يختلفان في قوة العمل والهداية فيه.
المضاربة الثنائية
المضاربة الثنائية هي أن:
- يقدم شخص واحد رأس المال ، ويسمى رب المال.
- ويقوم شخص واحد آخر بالعمل ، ويسمى المضارب.
وهذه هي الصورة الأصلية للمضاربة الفردية التي تتكون بين شخصين ، وهى جائزة باتفاق الفقهاء.
المضاربة الجماعية بتعدد أرباب المال
المضاربة الجماعية بتعدد أرباب المال هي أن:
- يشترك أكثر من شخص في تقديم المال (تعدد رب المال) .
- وينفرد أحد الأشخاص بتقديم العمل.
وهناك حالتان أمام المضارب ، فقد يعمل بالمال الثاني في مضاربة جديدة بحيث يتم التمييز بين المالين في مضاربتين مختلفتين ، وقد يضيف المال الثاني في نفس المضاربة الأولى بحيث يتم خلط المالين ويعمل بهما في مضاربة واحدة.
الحالة الأولى: حالة التمييز بين المالين
في هذه الحالة يعمل المضارب بالمال الثاني في مضاربة جديدة بحيث يتم التمييز بين المالين في مضاربتين مختلفتين.
يجوز عند الحنابلة والمالكية عمل المضارب في مالين متميزين لمالكين مختلفين بموافقة رب المال الأول لأن المضارب يكون طرفا في مضاربتين منفصلتين لكل واحدة منها حكمها الخاص.
أما عند عدم حصول الموافقة فإنه يشترط عدم وقوع ضرر يلحق صاحب المال الأول نتيجة الانشغال بالعمل في المضاربة الثانية.
أما عند الشافعية والحنفية فإنه يجوز عندهم عمل المضارب في مالين مختلفين دون أن يشترط إذن رب المال الأول أو عدم وقوع ضرر يلحق صاحب المال الأول.
الحالة الثانية: حالة خلط المالين
في هذه الحالة يضيف المضارب المال الثاني في نفس المضاربة الأولى بحيث يتم خلط المالين ويعمل بهما في مضاربة واحدة.
وقد اتفق الفقهاء على جواز خلط رأس مال المضاربة بمال آخر سواء كان ذلك الخلط بمال المضارب نفسه أو بمال مضاربة أخرى ، وذلك لغرض العمل فيهما جميعا.
واشترطوا لجواز ذلك أن يتم الخلط قبل بدء المضارب العمل أو بعد التنضيض أي بعد عودة مال المضاربة نقودا كما كان قبل العمل.
ويهدف هذا الشرط للمحافظة على حقوق مختلف الأطراف من تداخل الحسابات المفضية إلى المنازعة ، لأن خلط الأموال يوجب جبران خسران أحدهما بربح الآخر.
أما إذا لم يبدأ المضارب في العمل أو عاد مال المضاربة نقودا كما كان قبل العمل (أي بعد التنضيض) فإن خلط المالين جائز لأن ربح المال الأول أو خسارته أصبحت معروفة ، فكان ضم الثاني إلى الأول لا غبن ولا غرر فيه على أحد المتعاقدين.
ويكون في هذه الحالة خلط المال في مضاربة واحدة على سبيل الشركة بين أرباب المال ، فيتحمل كل منهم الربح والخسارة بنسبة حصته في المال.
وقد اختلف الفقهاء هل يملك المضارب الخلط بمطلق العقد أم لا بد من إذن رب المال أو تفويض منه؟
ذهب المالكية إلى أن المضارب يملك خلط مال المضاربة بمطلق العقد ، لأن ذلك من ضرورات أعمال المضاربة لتحقيق الربح وهو من عادة التجار والغالب على أحوال المضاربين أن تكون لهم أموال خاصة ويعرف منذ البداية أن الأموال ستختلط وأن التجارة ستكون واحدة.
واشترط الحنفية والحنابلة لذلك وجود تفويض عام من رب المال ، لأن خلط الأموال أمر متعارف بين التجار وقد تكون المصلحة فيه لجميع الأطراف ، فيجوز تصرف المضارب بعموم التفويض.
أما عند الشافعية فإن المضارب لا يملك هذا التصرف إلا بالإذن الصريح من رب المال ، لأن بخلط المال يوجب في مال رب المال حقا لغيره ، وذلك لا يجوز إلا بالإذن ولأن المنع كان من حق رب المال وقد أسقطه بالإذن.
المضاربة الجماعية بتعدد المضاربين
المضاربة الجماعية بتعدد المضاربين هي أن:
- ينفرد أحد الأشخاص بتقديم المال.
- ويشترك أكثر من شخص في تقديم العمل.
وفي هذه الصورة قد يدفع المال إلى شخصين للعمل به في مضاربتين مختلفتين ، وقد يدفع إلى شخصين للعمل به في مضاربة واحدة.
الحالة الأولى: دفع المال إلى شخصين في مضاربتين مختلفتين
في هذه الحالة يقوم رب المال بدفع ماله إلى شخصين مختلفين للعمل بالمال في مضاربتين منفصلتين.
وهذا جائز بلا خلاف ويكون كل مضارب مستقلا عن الآخر.
الحالة الثانية دفع المال إلى شخصين في مضاربة واحدة
في هذه الحالة يقوم رب المال بدفع ماله إلى شخصين للمضاربة به في عقد واحد.
وقد أجاز الفقهاء ذلك لأن عقد رب المال مع الشخصين كعقدين.
ويجوز له أن يساوي أو يفاضل بينهما في الربح لأن أحدهما قد يكون أبصر بالتجارة من الآخر وأقوى على العمل.
فإن كان أحد المضاربين مقدما على غيره يسمى المضارب الآخر بالمضارب المشارك.
وقد أشار بعض الفقهاء إلى أن المضارب المشارك لا يجوز له التصرف إلا بموافقة شريكه (المضارب الآخر) لأن رب المال رضى برأيهما ولم يرض برأي أحدهما فصارا كالوكيلين.
المغني (ج5 ص163)
إذا أخذ من إنسان مضاربة ثم أراد أخذ مضاربة أخرى من آخر فأذن له الأول جاز ، وان لم يأذن له ولم يكن عليه ضرر جاز أيضا بغير خلاف ، وإن كان فيه ضرر على رب المال الأول ولم يأذن مثل أن يكون المال الثاني كثيرا يحتاج إلى أن يقطع زمانه وشغله عن التجارة في الأول ويكون المال الأول كثيرا متى اشتغل عنه بغيره انقطع عن بعض تصرفاته لم يجز له ذلك.
وقال أكثر الفقهاء يجوز لأنه عقد لا يملك به منافعه كلها ، فلم يمنع من المضاربة كما لو لم يكن فيه ضرر وكالأجير المشترك ، ولنا أن المضاربة على الحظ والنماء فإذا فعل ما تمنعه لم يكن له.
المغني (ج5 ص175)
وإذا دفع إليه ألفا مضاربة ثم دفع إليه ألفا آخر مضاربة وأذن له في ضم إحداهما إلى الآخر قبل التصرف في الأول جاز ، وصارا مضاربة واحدة كما لو دفعها إليه مرة واحدة ، وإن كان بعد التصرف في الأولى في شراء المتاع لم يجز لأن حكم الأول استقر فكان ربحه وخسرانه مختصا به فضم الثانية إليها يوجب جبران خسران أحدهما بربح الآخر.
الإنصاف (ج5 ص437)
وليس للمضارب أن يضارب لآخر ، إذا كان فيه ضرر على الأول.
أنه إذا لم يكن فيه ضرر على الأول يجوز أن يضارب لآخر وهو صحيح.
وهو المذهب مطلقا. . . . ونقل الأثرم متى اشترط النفقة على رب المال فقد صار أجيرا له ، فلا يضارب لغيره.
قيل فإن كانت لا تشغله؟ قال: لا يعجبني. لا بد من شغل.
مغني المحتاج (ج2 ص315)
ويجوز أن يقارض الاثنان عاملا واحدا ، لأن ذلك كعقد واحد ثم إن تساويا فيما شرط فذاك ، وإن تفاوتا كأن شرط أحدهما النصف والآخر الربع فإن أبهما لم يجز ، أو عينا جاز إن علم بقدر ما لكل منهما.
المدونة الكبرى (ج4 ص56)
قلت: أرأيت إن أخذ رجل مالا قراضا من رجل أيكون له أن يأخذ مالا آخر من رجل آخر قراضا ، قال: قال مالك نعم له أن يأخذ من غير الأول إذا لم يشغله عن قراض الأول لكثرة مال الأول ، فإذا كان المال كثيرا فلا يكون له أن يأخذ من الآخر حينئذ شيئا.
قلت: ويكون له أن يخلط المالين إذا أخذهما وهو يحتمل العمل بهما ، قال: نعم إذا أخذ المالين من غير شرط من الثاني الذي يدفع إليه أن يخلطهما خلطهما ولا ضمان عليه.
المبسوط (ج12 ص31)
وإذا دفع رجل إلى رجلين ألف درهم مضاربة على أن ما رزق الله تعالى في ذلك من شيء فلأحدهما بعينه نصف الربح وللآخر سدس الربح ولرب المال ثلث الربح فهو جائز على ما اشترطا لأن رب المال شرط على كل واحد من المضاربين جزءا معلوما من الربح وفاوت بينهما في الشرط لتفاوتهما في الهداية في التجارة المربحة وذلك صحيح.
المغني (ج5 ص145)
ولنا أن عقد الواحد مع الاثنين عقدان فجاز أن يشترط في أحدهما أكثر من الآخر كما لو انفرد ولأنهما يستحقان بالعمل وهما يتفاضلان فيه (لأن أحدهما قد يكون أبصر بالتجارة من الآخر وأقوى على العمل) فجاز تفاضلهما في العوض كالأجيرين.
بدائع الصنائع (ج6 ص95)
ولو دفع المال إلى رجلين مضاربة فليس لأحدهما أن يبيع ويشتري بغير إذن صاحبه ، سواء قال لهما أعملا برأيكما أو لم يقل ، لأنه رضي برأيهما ولم يرض برأي أحدهما فصارا كالوكيلين وإذا أذن له الشريك في شيء من ذلك جاز.
مغني المحتاج (ج2 ص315)
ويجوز أن يقارض في الابتداء المالك الواحد اثنين كزيد وعمرو متفاضلا ومتساويا فيما شرط لهما من الربح. . . لأن عقد الواحد مع اثنين كعقدين.
المغني (ج5 ص26)
ويجوز أن يدفع مالا إلى اثنين مضاربة في عقد واحد ، فإن شرط لهما جزءا من الربح بينهما نصفين جاز وإن قال لكما كذا وكذا من الربح ولم يبين كيف هو كان بينهما نصفين لأن اطلاق قوله بينهما يقتضي التسوية كما لو قال لعامله والربح بيننا وإن شرط لأحدهما ثلث الربح وللآخر ربعه وجعل الباقي له جاز.