الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أن يكون الربح مشتركا بين العاقدين
الأصل في الربح أن يكون مشتركا بين رب المال والمضارب فإن تراضى الطرفان على غير ذلك ، بأن يختص أحدهما بالربح دون الآخر ، كان العقد صحيحا عند المالكية لأنه من باب الهبة والتبرع. وهذا الشرط يخرج العقد عن المضاربة في بقية المذاهب.
الحنفية: لا يجوز عندهم اختصاص أحد المتعاقدين بالربح دون الآخر ، ومثل هذا الشرط يخرج العقد عن المضاربة رغم أنه جاء بصيغتها لأن العبرة في العقود للمعاني.
ويكون العقد قرضا إذا اشترط الربح كله للمضارب ، أو يكون عقد إبضاع إذا اشترط الربح كله لرب المال.
الحنابلة والشافعية: لا يجوز عندهم اختصاص أحد المتعاقدين بالربح دون الآخر مع استخدام كلمة مضاربة ، ويكون العقد فاسدا ولا يصرف إلى عقد آخر لأن إرادتهما تنصب على المضاربة لا غير.
أما إذا لم تستخدم كلمة المضاربة صراحة فإن العقد يحول إلى:
عقد قرض إذا اشترط الربح كله للمضارب ، أو عقد إبضاع إذا اشترط الربح كله لرب المال.
المالكية: يجوز عندهم اختصاص أحد الطرفين بالربح ويجب الالتزام به لأنه من باب الهبة ، ويجرى العقد على حكم الهبة.
وعليه يشبه العقد القرض إذا تبرع رب المال بما يكون له من ربح ويبقى رأس المال مضمونا عليه بحكم عقد المضاربة ، أما إذا تبرع المضارب بما يكون له من ربح وتطوع بالعمل مجانا فيلتقي عقد المضاربة مع الإبضاع.
بدائع الصنائع (ج6 ص86)
ولو شرط جميع الربح للمضارب فهو قرض عند أصحابنا ، وعند الشافعي رحمه الله هي مضاربة فاسدة وله أجرة مثل ما إذا عمل.
وجه قوله أن المضاربة عقد شركة في الربح فشرط قطع الشركة فيها يكون شرطا فاسدا.
ولنا أنه إذا لم يمكن تصحيحها مضاربة تصحح قرضا لأنه أتى بمعنى القرض والعبرة في العقود لمعانيها وعلى هذا إذا شرط جميع الربح لرب المال فهو إبضاع عندنا لوجود معنى الإبضاع.
المغني (ج5 ص144 / 145)
وإن قال خذ هذا المال فاتجر به وربحه كله لك كان قرضا لا قراضا لأن قوله خذه فاتجر به يصلح لهما وقد قرن به حكم القرض فانصرف إليه وإن قال مع ذلك ولا ضمان عليك فهذا قرض شرط فيه نفي الضمان فلا ينتفي بشرطه كما لو صرح به فقال خذ هذا قرضا ولا ضمان عليك.
وإن قال خذه فاتجر به والربح كله لي كان إبضاعا لأنه قرن به حكم الإبضاع فانصرف إليه فإن قال مع ذلك وعليك ضمانه لم يضمنه لأن العقد يقتضي كونه أمانة غير مضمونة فلا يزول ذلك بشرطه وإن قال خذه مضاربة والربح كله لك أو كله لي فهو عقد فاسد وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة إذا قال والربح كله لي كان إبضاعا صحيحا لأنه أثبت له حكم الإبضاع فانصرف إليه كالتي قبلها وقال مالك يكون مضاربة صحيحة في الصورتين لأنهما دخلا في القراض فإذا شرط لأحدهما فكأنه وهب الآخر نصيبه فلم يمنع صحة العقد.
ولنا أن المضاربة تقتضي كون الربح بينهما فإذا شرط اختصاص أحدهما بالربح فقد شرط ما ينافي مقتضى العقد ففسد كما لو شرط الربح كله في شركة العنان لأحدهما ، ويفارق ما إذا لم يقل مضاربة لأن اللفظ يصلح لما أثبت حكمه من الإبضاع والقراض بخلاف ما إذا صرح بالمضاربة وما ذكره مالك لا يصح لأن الهبة لا تصح قبل وجود الموهوب.
المدونة الكبرى (ج4 ص48)
قلت: أرأيت إن أعطيته مالا قراضا على أن الربح للعامل كله ، قال: سألت مالكا عن الرجل يعطى الرجل المال يعمل به على أن الربح للعامل ولا ضمان على العامل ، قال:
قال مالك قد أحسن ولا بأس به ، قلت: فإن دفعت إلى رجل مالا قراضا على النصف فلقيته بعد ذلك فقلت له اجعله على الثلثين لي والثلث لك أو الثلثان للعامل ولرب المال الثلث وقد عمل بالمال ففعل ، قال: لا أرى به بأسا ولم أسمعه من مالك.
المجموع (ج14 ص366 / 367)
إن عقد القراض موجب لاشتراك رب المال والعامل في الربح ولا يختص به أحدهما دون الآخر لأن المال والعمل متقابلان ، فرأس المال في مقابلة عمل العامل ، ولذلك وجب أن يشتركا في الربح ، ولم يجز أن يختص به أحدهما وان دفع إليه ألفا وقال: تصرف فيه والربح كله لك فهو قرض لا حق لرب المال في ربحه ، لأن اللفظ مشترك بين القراض والقرض ، وقد قرن به حكم القرض ، فانعقد القرض به ، وإن قال: تصرف فيه والربح كله لي فهو بضاعة ، لأن اللفظ مشترك بين القراض والبضاعة ، وقد قرن به حكم البضاعة فكان بضاعة
القوانين الفقهية (ص280)
والشرط السادس: أن لا يشترط أحدهما لنفسه شيئا ينفرد به من الربح ، ويجوز أن يشترط العامل الربح كله خلافا للشافعي.