الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صيغة المضاربة
الأصل في المضاربة أن تكون فيها الصيغة (الإيجاب والقبول) منجزة بحيث يترتب عليها أثرها فور إنشائها ، فيتسلم المضارب رأس المال ليعمل فيه.
ولكن قد تصدر الصيغة أحيانا مربوطة بشرط يجعل وجود العقد مرتبطا بوجود الشرط وهي المضاربة المعلقة ،
كما قد تصدر الصيغة مربوطة بشرط يؤخر ترتب حكم العقد إلى زمن مستقبل معين وهي المضاربة المضافة.
وقد أجاز الحنفية والحنابلة التعليق والإضافة خلافا للمالكية والشافعية.
اهتم الفقهاء اهتماما شديدا بصيغة العقود عموما لأنه لا بد من وجود ما يدل على إرادة المتعاقدين لإنشاء أي عقد.
وتتكون هذه الصيغة من الإيجاب والقبول.
والمراد بالإيجاب والقبول العبارتان المتقابلتان الدالتان على اتفاق الطرفين.
ويرى الحنفية: أن الإيجاب هو ما صدر ابتداء من أحدهما ، والقبول ما صدر ثانيا من الآخر رضا به.
أما عند الجمهور: فالإيجاب هو ما صدر ممن يكون منه التمليك ، سواء أصدر أولا أم ثانيا ، والقبول هو ما صدر ممن يصير إليه الملك وإن صدر أولا.
المضاربة المنجزة
وقد تصدر الصيغة (الإيجاب والقبول) تامة ، فيكون العقد منجزا ، فيترتب عليه أثره فور إنشائه ، ويتسلم المضارب مباشرة رأس المال ليعمل فيه.
والأصل في المضاربة أن تكون الصيغة منجزة.
المضاربة المعلقة على شرط
وقد تصدر الصيغة مربوطة بشرط يجعل وجود العقد مرتبطا بوجود شيء آخر قد يوجد وقد لا يوجد ، فتكون المضاربة حينئذ معلقة على شرط ، ولا توجد إلا بوجود الشرط المعلقة عليه.
ومثال ذلك أن يقول رب المال للمضارب:
إذا أحضر فلان المبلغ الذي عنده ، فخذه مضاربة على نصف الربح مثلا.
وقد أجاز الحنفية والحنابلة تعليق المضاربة لأنها كالوكالة تفيد اطلاق التصرف للمضارب والإذن له بذلك فهي من عقود الاطلاقات والإسقاطات وبذلك تحتمل التعليق (كما تحتمل الإضافة والتأقيت) . ومنع ذلك المالكية والشافعية لأن المضاربة من عقود التمليكات إذ فيها تمليك للربح ، وعقود التمليكات لا تقبل التعليق (كما لا تقبل الإضافة والتأقيت) لأن ذلك ينافي مقتضاها.
المضاربة المضافة إلى المستقبل
وقد تصدر الصيغة مربوطة بشرط يؤخر ترتب حكم العقد إلى زمن مستقبل معين.
فتكون المضاربة حينئذ مضافة إلى المستقبل ولا يترتب أثرها إلا في الزمن المعين (وليس من وقت العقد) . ومثال ذلك أن يقول رب المال للمضارب: ضاربتك بهذا المال ابتداء من الشهر القادم ولك نصف الربح مثلا.
وقد أجاز الحنفية والحنابلة إضافة المضاربة إلى المستقبل لأنها كالوكالة تفيد اطلاق التصرف للمضارب والإذن له بذلك فهي من عقود الاطلاقات والإسقاطات وبذلك تحتمل الإضافة (كما تحتمل التعليق والتأقيت) . ومنع ذلك المالكية والشافعية لأن المضاربة من عقود التمليكات إذ فيها تمليك للربح ، وعقود التمليكات لا تقبل الإضافة (كما لا تقبل التعليق والتأقيت) لأن ذلك ينافي مقتضاها.
المضاربة المؤقتة
وقد تصدر الصيغة مربوطة بقيد أو شرط يحدد المدة التي تنتهي فيها المضاربة ، فتكون المضاربة حينئذ مؤقتة.
ومثال ذلك أن يقول رب المال للمضارب: ضاربتك بهذا المال لمدة سنة واحدة.
وقد أجاز الحنفية والحنابلة تأقيت المضاربة لأنها توكيل والتوكيل يحتمل التخصيص بوقت دون وقت.
ومنع ذلك المالكية والشافعية لأن المضارب قد لا يتمكن من تحقيق الربح خلال المدة المعينة ، فيخل ذلك بالمقصود.
المجموع (ج14 ص369)
قال المصنف رحمه الله:
ولا يجوز أن يعلق العقد على شرط مستقبل لأنه عقد يبطل بالجهالة فلم يجز تعليقه على شرط مستقبل كالبيع والإجارة.
قال الشافعي رحمه الله:
ولا يجوز الشريطة إلى مدة ، فمن أصحابنا من قال لا يجوز شرط المدة فيه لأنه عقد معاوضة يجوز مطلقا فبطل بالتوقيت كالبيع والنكاح ومنهم من قال: إن عقده إلى مدة على أن لا يبيع بعدها لم يصح لأن العامل يستحق البيع لأجل الربح ، فإذا شرط المنع منه فقد شرط ما ينافي مقتضاه فلم يصح.
وإن عقده إلى مدة على أن لا يشتري بعدها صح ، لأن رب المال يملك المنع من الشراء إذا شاء ، فإذا شرط المنع منه فقد شرط ما يملكه بمقتضى العقد فلم يمنع صحته.
بدائع الصنائع (ج6 ص99)
ولو قال خذ هذا المال مضاربة إلى سنة جازت المضاربة عندنا ، وقال الشافعي رحمه الله المضاربة فاسدة له. (وجه) قوله أنه إذا وقت للمضاربة وقتا فيحتمل أنه لا يجوز كونها في الوقت فلا يفيد العقد فائدة. (ولنا) أن المضاربة توكيل والتوكيل يحتمل التخصيص بوقت دون وقت ، وذكره الطحاوي وقال لم يجز عند أصحابنا توقيت المضاربة وقياس قولهم في الوكالة أنها لا تختص بالوقت.
القوانين الفقهية (ص 280)
من شروط القراض:
أن لا يضرب أجل للعمل خلافا لأبي حنيفة.
المغني (ج5 ص185)
قال أبو الخطاب في صحة شرط التأقيت روايتان ، إحداهما:
هو صحيح وهو قول أبي حنيفة والثانية:
لا يصح وهو قول الشافعي ومالك واختيار أبي حفص العكبري لثلاثة معان:
- أحدهما: أنه عقد يقع مطلقا فإذا شرط قطعه لم يصح كالنكاح.
- الثاني: أن هذا ليس من مقتضى العقد ولا له فيه مصلحة فأشبه ما لو شرط أن لا يبيع ، وبيان أنه ليس من مقتضى العقد أنه يقتضي أن يكون رأس المال ناضا فإذا منعه البيع لم ينض.
- الثالث: إن هذا يؤدي إلى ضرر بالعامل لأنه قد يكون الربح والحظ في تبقية المتاع وبيعه بعد السنه فيمتنع ذلك بمضيها.
ولنا أنه تصرف يتوقت بنوع من المتاع فجاز توقيته في الزمان كالوكالة.
شرح منتهى الإرادات (ج2 ص329)
وتصح المضاربة مؤقتة كضارب بهذا المال سنة لأنها تصرف يتقيد بنوع من المال فجاز تقييده بالزمان كالوكالة. . . وتصح معلقة لأنها إذن في التصرف فجاز تعليقه على شرط مستقبل كالوكالة كإذا جاء زيد فضارب بهذا المال أو اقبض ديني من فلان وضارب به لأنه وكيله في قبض الدين ومأذون له في التصرف فجاز جعله مضاربة إذا قبضه.