الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وضع الرهن عند عدل
ذهب جمهور الفقهاء إلى جواز اتفاق الراهن والمرتهن على وضع المال المرهون عند عدل يرتضيانه ، فيكون وكيلا عنهما ، ويتصف بصفة الأمانة باعتباره نائبا عن الراهن ، وصفة الضمان باعتباره نائبا عن المرتهن.
ويجب على العدل حفظ الرهن ، وليس له الانتفاع بالمرهون.
وهو ينعزل كالوكيل عن الراهن عند جماعة ، ولا ينعزل عند الحنفية إذا عين في عقد الرهن ، ولا عند المالكية لتعلق حق المرتهن.
يتولى قبض الرهن المرتهن أو وكيله ولا يصح أن يكون وكيله هو الراهن ، لأن المقصود من القبض تأمين المرتهن ، ولا يتم القبض مع بقاء الرهن في يد الراهن.
ويجوز أن يتفق الراهن والمرتهن على أن يوضع الرهن عند شخص يختارانه ، فيقبضه ويحفظه عنده ويسمى بالعدل ، لأن الراهن قد يكره وضعه عند المرتهن ، والمرتهن قد يكره وضعه عنده ، خوف الضمان إذا تلف ، أو لسبب آخر.
فالعدل هو الذي يثق الراهن والمرتهن بكون الرهن في يده لحفظه وحيازته ، ويعتبر نائبا عن الراهن والمرتهن جميعا.
أما الراهن فلقيامه على حفظ المرهون باختيار الراهن وثقته به واطمئنانه إلى أمانته.
وأما المرتهن فيعد العدل وكيلا عنه في القبض برضا المرتهن ، بل إنه يعد احتباسه للرهن استيفاء عن الراهن للدين من وجه.
فإذا قبض العدل الرهن صح قبضه ، ولزم الرهن به عند جمهور الفقهاء لأنه قبض في عقد ، فجاز فيه التوكيل كسائر أنواع القبض وكان العدل وكيلا من المرتهن في القبض بالنسبة لمالية الرهن بصفة الضمان ، وإن كان وكيلا أيضا عن الراهن بالنسبة لعين الرهن بصفة الأمانة ، ويد الضمان غير يد الأمانة.
وعليه يكون للعدل أو الأمين صفتين: صفة الأمانة باعتباره نائبا عن الراهن المالك ، وصفة الضمان باعتباره نائبا عن المرتهن.
وبما أن العدل وكيل عن الراهن والمرتهن ، فيشترط فيه ما يشترط في الوكيل ، فلا يكون صغيرا غير مميز ، ولا محجورا عليه لجنون أو عته عند جميع الفقهاء ، كما لا يكون صبيا مميزا ولا محجورا عليه لسفه عند الجمهور غير الحنفية.
ويجب على العدل أن يحفظ الرهن كما يحفظ ماله ، فيحفظ بنفسه أو بواسطة من يحفظ ماله عنده ، لأنه في الحفظ بحكم وديعة.
وعليه أن يبقيه تحت يده ، فليس له أن يدفعه إلى الراهن أو إلى المرتهن إلا بإذن الآخر ، لاتفاقهما على وضع الرهن تحت يده ، وعدم رضا كل منهما عن حفظ الآخر له ، فإذا سلمه كان ضامنا.
وليس له أن ينتفع بالرهن ، ولا أن يتصرف فيه بالإجارة أو الإعارة أو الرهن ، لأن الواجب عليه الإمساك ، وليس له حق الانتفاع والتصرف.
وذهب الشافعية والحنابلة بأن العدل ينعزل بعزل الراهن له ، سواء اشترط تعيينه في عقد الرهن أم بعده لأنه وكيله ، والوكالة عقد جائز غير لازم فلا يجبر الراهن على إبقائها.
ولكن لا ينعزل عندهم بعزل المرتهن ، لأنه ليس وكيلا له.
ويرى الحنفية أنه إذا كان تعيين العدل عقب الرهن ، فللراهن عزله ، ولا ينعزل فيما إذا كان التعيين في نفس عقد الرهن.
وقال الإمام مالك أيضا: لا ينعزل العدل بعزل الراهن ، لأن وكالته صارت من حقوق الرهن ، فلم يكن للراهن إسقاطه كسائر حقوقه.
وخلافا لما ذهب إليه الجمهور من جواز وضع الرهن عند عدل ، قال بعض العلماء كابن أبي ليلى وزفر وقتادة لا يصح قبض العدل ، لأن القبض من تمام العقد ، فوجب أن يقوم به أحد العاقدين ، وهو المرتهن ، كالقبول والإيجاب.
المغني (4 / 373)
وإذا تشارطا أن يكون الرهن على يدي عدل صارر مقبوضا ، وجملته أن المتراهنين إذا شرطا كون الرهن على يدي رجل رضيا به واتفقا عليه جاز ، وكان وكيلا للمرتهن نائبا عنه في القبض ، فمتى قبضه صح قبضه في قول جماعة الفقهاء منهم عطاء وعمرو بن دينار والثوري وابن المبارك والشافعي وإسحاق وأبو ثور وأصحاب الرأي ، وقال الحكم والحارث العكلي وقتادة وابن أبي ليلى لا يكون مقبوضا بذلك لأن القبض من تمام العقد فتعلق بأحد المتعاقدين الإيجاب والقبول.
مغني المحتاج (2 / 133)
ولو شرطا وضعه عند عدل جاز ، لأن كلا منهما قد لا يثق بصاحبه.
المجلة (م752)
يد العدل كيد المرتهن ، يعني لو اشترط الراهن والمرتهن إيداع الرهن عند من ائتمنه ، ورضي الأمين ، وبقبضه يتم الرهن ويلزم ، ويقوم ذلك الأمين مقام المرتهن.
المجلة (م753)
لو اشترط حين العقد قبض المرتهن الرهن ، ثم لو وضعه الراهن والمرتهن بالاتفاق في يد عدل يجوز.
المجلة (م753)
إذا كان الدين باقيا ، فليس للعدل أن يعطي الرهن إلى الغير ، ما لم يكن لأحد الراهن أو المرتهن رضا ، وإذا أعطاه فله صلاحية استرداده وإذا تلف قبل الاسترداد ، فالعدل يضمن قيمته.
المجلة (م 755)
إذا توفي العدل يودع الرهن عند عدل غيره بتراضي الطرفين ، وإن لم يحصل بينهما الاتفاق ، فالحاكم يضعه في يد عدل.
وفي التقنين المالكي بالأزهر (م139)
إذا سلم الأمين الرهن الموضوع تحت يده للراهن أو للمرتهن بدون إذن الآخر ، فتلف الرهن عند من سلمه له منهما ، كان الأمين ضامنا له. ويترتب على هذا الضمان: أنه في حالة تسليمه للراهن يدفع للمرتهن الأقل من دينه أو قيمة الرهن ، ويرجع بما دفعه على الراهن. وفي حالة تسليمه للمرتهن يسقط دينه عن الراهن إن كانت قيمة الرهن مساوية لدينه ، ولا شيء على الأمين. فإن كانت قيمته أقل من دينه حط عن الراهن من الدين بقدرها ، ولا غرم على الأمين ، وإن كانت أزيد منه دفع الأمين الزيادة للراهن ، ورجع بها على المرتهن.
وفي التقنين الشافعي (م 183) :
إذا شرط الراهن والمرتهن وضع المرهون عنه عند عدل أو أكثر جاز الشرط ، وينفذ ما اتفقا عليه. وإذا مات العدل الموضوع عنده المرهون أو فسق ، جعلاه عند من يتفقا عليه ، فإن تشاحا فيه ، وضعه الحاكم عند عدل يراه.
مجلة الأحكام الحنبلية (1008)
يصح جعل الرهن بيد عدل باتفاق المتراهنين ، فلا ينقل من يده مع بقاء حاله إلا باتفاقهما ، ويصح جعله بيد عدلين فأكثر ، فيجعل في مخزن عليه لكل منهما قفل ، ولا ينفرد أحدهما بحفظه.
مجلة الأحكام الحنبلية (م1009)
العدل وكيل المرتهن في القبض أو الحفظ ، فيلزم الرهن بقبضه إذا كان جائز التصرف ، أما إذا كان العدل صبيا أو مجنونا أو سفيها ، فقبضه وعدمه سواء.
مجلة الأحكام الحنبلية (م1010)
للعدل رد الرهن على المتراهنين ، وعليهما قبوله ، فإن امتنعا أجبرا ، فإن أصرا على الامتناع أو تغيبا أو تغيب أحدهما ، نصب الحاكم أمينا يقبضه لهما ويحفظه.
مجلة الأحكام الحنبلية (م 1011) ليس للعدل رد الرهن إلى أحد المتراهنين دون إذن الآخر ، فان فعل ذلك ، ففات حق أحدهما ، ضمنه.
مجلة الأحكام الحنبلية (1012)
إذا مات العدل أو فسق أو ضعف عن حفظ الرهن أو حدث بينه وبين أحد المتراهنين عداوة ، فإن اتفقا على وضعه بيد آخر عمل به ، وإلا جعله الحاكم بيد أمين.
مجلة الأحكام الحنبلية (1013)
ليس للعدل دفع الرهن لأمين آخر إلا إذا غاب المتراهنان مسافة القصر ، وكان للعدل عذر من مرض أو سفر أو نحوه ، ولم يجد حاكما ، فله دفعه إلى ثقه.
مجلة الأحكام الحنبلية (م 1015)
ليس للعدل بيع الرهن إلا بإذن المتراهنين ، وهو كالوكيل في وجوب الاحتياط ، وليس له البيع دون ثمن المثل ، ولا البيع بالنسيئة ، ومتى خالف فسد بيعه.
مجلة الأحكام الحنبلية (م 1016)
للعدل المأذون بالبيع أن يبيع بما عين من النقود فإن لم يعين نوعها باع بنقد البلد أو بأغلبه رواجا إن تعدد ، فإن استوت في الرواج باع بجنس الدين.
مجلة الأحكام الحنبلية (م 11017)
الرهن أمانة في يد العدل ، وكذا ثمنه ، فتلفه بيده ، بلا تعد ولا تفريط ، من ضمان الراهن.