الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الوصف الفقهي للقرض
اختلف الفقهاء في تكييف القرض ، فمنهم من اعتبره مشروعا على خلاف القياس للحاجة إليه ، ومنهم من رآه على وفق القياس ومقتضى القواعد العامة.
مع أن الفقهاء مجمعون على مشروعية القرض ، فقد اختلفت أنظارهم في كونها على وفق القياس ومقتضى القواعد العامة في الشريعة ، أم أنها جاءت استثناء على خلاف القياس لحاجة الناس إليه؟
وذلك على قولين:
القرض مشروع على خلاف القياس
الرأي الأول للشافعية والمالكية والحنابلة في المذهب:
وهو أن القرض عقد مشروع على خلاف القياس رفقا بالمحاويج وجلبا لمصلحة إسداء المعروف إلى العباد.
ومبنى هذا النظر أن القرض تمليك للشيء برد مثله فساوى البيع ، إذ هو تمليك الشيء بثمنه ، والمعاوضة في كليهما هي المقصودة ، فكان بيع ربوي بجنسه مع تأخر القبض ، وهو محظور ، فمن أجل ذلك جرى جوازه على خلاف القياس.
القرض مشروع على وفق القياس الرأي الثاني لابن تيمية وتلميذه ابن القيم من الحنابلة:
وهو أن القرض عقد مشروع على وفق القياس ، وجاء على سننه ، وليس فيه مخالفة لشيء من القواعد الشرعية ، إذ هو من جنس التبرع بالمنافع كالعارية ، فكأن المقرض أعاره الدراهم ثم استرجعها منه ، لكن لم يمكن استرجاع عينها ، فاسترجع مثلها.
المبدع في شرح المقنع (4 / 204)
وهو - أي القرض - نوع من المعاملات مستثنى من قياس المعاوضات لمصلحة لاحظها الشارع رفقا بالمحاويج.
أسنى المطالب (2 / 141)
الإقراض جوز على خلاف القياس للإرفاق.
الفروق للقرافي (4 / 2)
اعلم أن قاعدة القرض خولفت فيها ثلاث قواعد شرعية: (قاعدة الربا) إن كان في الربويات كالنقدين والطعام ، (وقاعدة المزابنة) وهي بيع المعلوم بالمجهول من جنسه إن كان في الحيوان ونحوه من غير المثليات ، (وقاعدة بيع ما ليس عندك) في المثليات. وسبب مخالفة هذه القواعد مصلحة المعروف للعباد.
إعلام الموقعين (1 / 390)
فإن القرض من جنس التبرع بالمنافع كالعارية ، ولهذا سماه النبي صلى الله عليه وسلم منيحة فقال: أو منيحة ذهب أو منيحة ورق وهذا من باب الإرفاق لا من باب المعاوضات ، فإن باب المعاوضات يعطي كل منهما أصل المال على وجه لا يعود إليه ، وباب القرض من جنس باب العارية والمنيحة وإفقار الظهر مما يعطي فيه أصل المال لينتفع بما يستخلف منه ، ثم يعيده إليه بعينه إن أمكن وإلا بنظيره مثله.
فتارة ينتفع بالمنافع كما في عارية العقار ، وتارة يمنحه ماشية ليشرب لبنها ثم يعيدها ، أو شجرة ليأكل ثمرها ثم يعيدها ، وتسمى (العرية)، فإنهم يقولون: أعراه الشجرة ، وأعاره المتاع ، ومنحه الشاة ، وأفقره الظهر ، وأقرضه الدراهم. واللبن والثمر لما كان يستخلف ، شيئا بعد شيء كان بمنزلة المنافع ، ولهذا كان في الوقف يجرى مجرى المنافع ، وليس هذا من باب البيع في شيء ، بل هو من باب الإرفاق والتبرع والصدقة.
مجموع الفتاوى ابن تيمية (20 / 514)
والمقرض يقرضه ما يقرضه لينتفع به ثم يعيده له بمثله ، فإن إعادة المثل تقوم مقام إعادة العين ، ولهذا نهي أن يشترط زيادة على المثل ، كما لو شرط في العارية أن يرد مع الأصل غيره. وليس هذا من باب البيع ، فإن عاقلا لا يبيع درهما بمثله من كل وجه إلى أجل ، ولا يباع ، الشيء بجنسه إلى أجل إلا مع اختلاف الصفة أو القدر.
إعلام الموقعين (3 / 111)
ومن ذلك أن الله تعالى حرم أن يدفع الرجل إلى غيره مالا ربويا بمثله على وجه البيع إلا أن يتقابضا وجوز دفعه بمثله على وجه القرض ، وقد اشتركا في أن كلا منهما يدفع ربويا ويأخذ نظيره ، وإنما فرق بينهما القصد ، فإن مقصود القرض إرفاق المقترض ونفعه ، وليس مقصوده المعاوضة والربح ، ولهذا كان القرض شقيق العارية ، كما سماه النبي صلى الله عليه وسلم: منيحة الورق فكأنه أعاره الدراهم ثم استرجعها منه ، لكن لم يمكن استرجاع العين فاسترجع المثل.