الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أن يكون المال المقرض مثليا أو قيميا
اتفق الفقهاء على صحة القرض إذا كان المال المقرض من المثليات (لأن الواجب رد المثل) ، وكان عينا (غير منفعة) ، وكان معلوما قدرا ووصفا ليتمكن المقترض من رد البدل المماثل.
وأجاز المالكية والشافعية إقراض كل ما يملك بالبيع ويضبط بالصفات ولو كان من القيميات.
كما أجاز الحنابلة إقراض كل ما يجوز بيعه سواء أكان من المثليات أو القيميات ، وسواء أكان مما يضبط بالصفة أم لا.
المثليات هي الأموال التي لا تتفاوت آحادها تفاوتا تختلف به قيمتها ، كالنقود وسائر المقدرات بالوحدات القياسية العرفية ، من موزونات ومكيلات ومذروعات وعدديات متقاربة.
ويجوز باتفاق الفقهاء إقراض المثليات أما ما عداها ففيه خلاف بينهم على النحو التالي:
جواز إقراض المثليات دون القيميات عند الحنفية
يرى الحنفية صحة قرض المثليات دون ما سواها ، أما القيميات التي تتفاوت آحادها تفاوتا تختلف به قيمتها ، كالحيوان والعقار ونحو ذلك فلا يصح إقراضها.
وعللوا ذلك: بأنه لا سبيل إلى إيجاب رد العين ، ولا إلى إيجاب رد القيمة لأنه يؤدى إلى المنازعة لاختلاف القيمة باختلاف تقويم المقومين ، فتعين أن يكون الواجب فيه رد المثل ، فيختص جوازه بما له مثل.
جواز إقراض كل ما يضبط بالصفات عند الشافعية والمالكية
نحا المالكية والشافعية نحو ما ذهب إليه الحنفية ، فأجازوا قرض المثليات ، غير أنهم وسعوا دائرة ما يصح إقراضه ، فقالوا: يصح إقراض كل ما يجوز السلم فيه - كعروض التجارة والحيوان ونحوها ، سواء أكان من المثليات أو من القيميات القابلة للانضباط بالصفات. وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه استقرض بكرا (الثنى من الإبل) فقيس عليه غيره.
ذلك أن ما يثبت سلما يملك بالبيع ويضبط بالصفة فجاز قرضه لصحة ثبوته في الذمة ، أما ما لا يجوز فيه السلم كالجواهر ونحوها فلا يصح إقراضه لأن القرض يقتضي رد المثل وما لا ينضبط أو يندر وجوده يتعذر أو يتعسر رد مثله.
جواز إقراض الأعيان والمنافع عند الحنابلة
أما الحنابلة (وكذلك ابن حزم الظاهري) فقد أجازوا على المعتمد في المذهب قرض كل عين يجوز بيعها ، سواء أكانت مثلية أم قيمية ، وسواء أكانت مما يضبط بالصفة أم لا.
رد المحتار (4 / 171)
لا يصح القرض في غير المثلي ، لأن القرض إعارة ابتداء حتى صح بلفظها ، ومعاوضة انتهاء ، لأنه لا يمكن الانتفاع به إلا باستهلاك عينه ، فيستلزم إيجاب المثل في الذمة ، وهذا لا يتأتى في غير المثلي.
مرشد الحيران (ص 212)
يصح القرض في الأعيان المثلية ، وهي التي لا تتفاوت آحادها تفاوتا تختلف به قيمتها ، كالمكيلات والموزونات والمعدودات المتقاربة (م789) .
لا يصح القرض في القيميات ، وهي التي تتفاوت آحادها تفاوتا تختلف به قيمتها (م799)
أسنى المطالب (2 / 141)
(وإنما يجوز القرض فيما يجوز السلم فيه) لصحة ثبوته في الذمة ، بخلاف ما لا يجوز السلم فيه ، لأن مالا ينضبط أو يندر وجوده يتعذر أو يتعسر رد مثله.
القوانين الفقهية (ص 293)
ما يجوز السلم فيه ، وهو كل ما يجوز أن يثبت في الذمة سلما من العين والطعام والعروض والحيوان إلا الجواري ، لأنه يؤدي إلى إعارة الفروج.
كشاف القناع (3 / 300)
(ويصح) القرض (في كل عين يجوز بيعها) من مكيل وموزون ومعدود وغيره (إلا الرقيق فقط) فلا يصح قرضه ، ذكرا كان أو أنثى ، لأنه لم ينقل ، ولا هو من المرافق ، ولأنه يفضي إلى أن يقترض جارية يطؤها ثم يردها.
مجلة الأحكام الشرعية على مذهب أحمد (ص 270)
كل ما صح بيعه صح قرضه إلا الرقيق والمنافع (م735)
المحلى (8 / 82)
والقرض جائز في الجواري والعبيد والدواب والدور والأرضين وغير ذلك ، لعموم قوله تعالى {إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى} (البقرة: 282) ، فعمم سبحانه وتعالى ولم يخص ، فلا يجوز التخصيص في ذلك بالرأي الفاسد بغير قرآن ولا سنة. وقولنا في هذا هو قول المزني وأبي سليمان ومحمد بن جرير وأصحابنا.
المغني (6 / 432)
ويجوز قرض المكيل والموزون بغير خلاف.
قال ابن المنذر أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن استقراض ما له مثل من المكيل والموزون والأطعمة جائز.
ويجوز قرض كل ما يثبت في الذمة سلما ، سوى بني آدم. وبهذا قال الشافعي
وقال أبو حنيفة لا يجوز قرض غير المكيل والموزون ، لأنه لا مثل له ، أشبه الجواهر.
ولنا: أن النبي صلى الله عليه وسلم استسلف بكرا ، وليس بمكيل ولا موزون. ولأن ما يثبت سلما يملك بالبيع ويضبط بالوصف ، فجاز قرضه كالمكيل والموزون. وقولهم (لا مثل له) خلاف ، اصلهم ، فإن عند أبي حنيفة لو أتلف على رجل ثوبا ثبت في ذمته مثله ، ويجوز الصلح عنه بأكثر من قيمته.
فأما ما لا يثبت في الذمة سلما ، كالجواهر وشبهها ، فقال القاضي يجوز قرضها ، ويرد المستقرض القيمة ، لأن ما لا مثل له يضمن بالقيمة ، والجواهر كغيرها في القيم وقال أبو الخطاب لا يجوز قرضه لأن القرض يقتضي رد المثل ، وهذه لا مثل لها. ولأنه لم ينقل قرضها ، ولا هي في معنى ما نقل القرض فيه ، لكونها ليست من المرافق ، ولا تثبت في الذمة سلما ، فوجب إبقاؤها على المنع.
ويمكن بناء هذا الخلاف على الوجهين في الواجب في بدل غير المكيل والموزون ، فإذا قلنا: الواجب رد المثل ، لم يجز قرض الجواهر ولا ما لا يثبت في الذمة سلما ، لتعذر رد مثلها ، وإن قلنا الواجب رد القيمة جاز قرضه ، لامكان رد القيمة. ولأصحاب الشافعي وجهان كهذين.