الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شروط رجوع الكفيل
يرجع الكفيل على الأصيل بشرطين:
الأول: أن تكون الكفالة بإذن الأصيل ، فإن لم تكن كذلك لا يصح أن يرجع الكفيل بما يؤديه لأنه حينئذ يكون متبرعا بما أدى.
الثاني: أن يؤدي الكفيل ما على الأصيل ، فإن لم يؤدي لا يصح له أن يرجع ويطالب الأصيل بالمال لأن ولاية المطالبة إنما تثبت بحكم القرض والتمليك ، وهو لا يوجد قبل الأداء.
ويشترط لرجوع الكفيل على الأصيل عند الحنفية: أن تكون الكفالة بأمر المكفول عنه ، وبإذن صحيح منه ، وبتفويضه الضمان عنه ، وألا يكون هناك دين للأصيل في ذمة الكفيل ، وإلا وقعت المقاصة بينهما.
يشترط لرجوع الكفيل على الأصيل أن تكون الكفالة بإذن الأصيل ، وأن يؤدي للمكفول له الحق المكفول به.
فإذا كانت الكفالة بدين مثلا ، وبإذن الأصيل ، كان للكفيل مطالبة المكفول عنه بالخلاص إذا طولب ، وإن حبس فله أن يحبس المكفول عنه ، لأنه هو أوقعه في هذه المسئولية ، فكان عليه تخليصه منها. وأما إذا كانت الكفالة بغير أمر الأصيل ، فليس للكفيل حق ملازمة الأصيل إذا لوزم ، ولاحق الحبس ، إذا حبس.
وليس للكفيل أيضا أن يطالب بالمال قبل أن يؤدي هو ، وإن كانت الكفالة بأمر الأصيل ، لأن ولاية المطالبة إنما تثبت بحكم القرض والتمليك ، وكل ذلك يقف على الأدلة ولم يوجد هذا بخلاف الوكيل بالشراء ، فإن له مطالبة الموكل بالثمن بعد الشراء قبل أن يؤدي هو من مال نفسه لأن الثمن هنا يقابل المبيع ، وملك المبيع وقع للموكل ، فكان الثمن عليه ، فيكون للوكيل الحق في أن يطالبه به ، وأما في الكفالة فإن حق المطالبة هو بسبب القرض أو التمليك ، ولم يوجد بعد.
فإذا أدى الكفيل كان له أن يرجع على الأصيل إذا كانت الكفالة بأمره ، لأن العلاقة بينهما تكون حينئذ علاقة قرض واستقراض ، فالأصيل مستقرض ، والكفيل بأداء المال مقرض ، والمقرض يرجع على المستقرض بما أقرضه.
أداء الكفيل الدين متبرعا به وليس بنية الرجوع على المكفول عنه
إذا قضى الكفيل الدين متبرعا به ، لا ينوي الرجوع على المكفول عنه ، برئ المدين وأصبح غير ملزم بالدين ، فلا يرجع الكفيل بشيء لأنه يتطوع بذلك ، وفعله أشبه بالصدقة ، وذلك سواء ضمن بأمر المكفول عنه أو بغير أمره.
فإذا ما أدى الكفيل بنية الرجوع بالمؤدى ، لم يخل الأمر من أربعة أحوال:
الحال الأول: أن يضمن الكفيل بأمر المضمون عنه ، ويؤدي بأمره: فإنه يرجع عليه ، سواء قال له: اضمن عني ، أو أد عني ، أو أطلق.
وهذا قول الجمهور (المالكية ، والحنابلة ، والشافعية وأبو يوسف) .
وقال أبو حنيفة ومحمد إن قال: اضمن عني ، وانقد عني ، رجع عليه ، وان قال: انقد هذا ، لم يرجع إلا أن يكون مخالطا يستقرض منه ويودع عنده ، أو شريكا ، لأنه قد يأمر مخالطه بالنقد عنه فلو قال: اضمن الألف التي لفلان علي (لم يرجع عليه عند الأداء ، لأن الكائن مجرد الأمر بالضمان والإعطاء فجاز أن يكون القصد ليرجع وأن يكون القصد طلب تبرعه بذلك ، فلم يلزم المال ، في رأي أبي حنيفة ومحمد إلا إذا كان خليطا أو شريكا. وقال أبو يوسف يرجع ، لأنه وجد القضاء بناء على الأمر ، فلا بد من اعتبار الأمر فيه.
الحال الثاني: أن يضمن الكفيل بأمر المكفول عنه ، ويؤدى بغير أمره ، فله الرجوع أيضا.
وهو رأي المالكية والحنابلة والشافعية في الأصح.
الحال الثالث: أن يضمن الكفيل بغير أمر المكفول عنه ، ويؤدي بأمره ، فله الرجوع عند المالكية والحنابلة ، ولا رجوع له في الأصح عند الشافعية.
الحال الرابع: أن يضمن الكفيل بغير أمر المكفول عنه ، ويؤدي بغير أمره ، فله الرجوع بما أدى ، وهو قول مالك وعبد الله بن الحسن وإسحاق وأحمد في إحدى روايتين.
ووجه هذه الرواية أنه قضاء مبرئ من دين واجب ، فكان من ضمان من هو عليه ، كالحاكم إذا قضاه عنه عند امتناعه.
وأما حديث أبي قتادة فإنه تبرع بالقضاء والضمان ، إذ إنه قضى دين الميت قصدا لتبرئة ذمته ، ليصلي عليه النبي صلى الله عليه وسلم مع علمه بأنه لم يترك وفاء والمتبرع لا يرجع بشيء.
وليس له الرجوع ، في رواية ثانية عن أحمد وهو كذلك قول أبي حنيفة والشافعي وابن المنذر بدليل حديث علي وأبي قتادة فإنهما لو كانا يستحقان الرجوع على الميت صار الدين لهما ، فكانت ذمة الميت مشغولة بدينهما كاشتغالها بدين المضمون عنه ،
قال البهوتي في كشاف القناع (3 / 361)
إن قضى الضامن الدين المؤجل قبل أجله لم يرجع على المضمون عنه حتى يحل أجله ، لأنه لا يجب له أكثر مما كان للغريم ولأنه متبرع بالتعجيل ، فلم يرجع قبل الأجل ، كما لو قضاه أكثر من الدين وان مات المضمون عنه أو الضامن ، لم يحل الدين ، لأن التأجيل حق من حقوق الميت ، فلم يبطل بموته كسائر حقوقه.
وان مات الضامن والمضمون عنه ، فكذلك لم يحل الدين ، لما تقدم ، وان وثق الورثة برهن يحرز أو كفيل مليء بأقل الأمرين من الدين أو التركة. وان لم توثق الورثة حل الدين.
جاء في مجلة الأحكام الشرعية (م1104)
إذا قضى الضامن أقل من الدين أو أكثر منه ، ولو بمعاوضة مع المضمون له ، لا يرجع على المضمون عنه إلا بأقل من الدين ومما قضى به.
قال في الدر المختار (4 / 287)
وإذا حل الدين المؤجل على الكفيل بموته لا يحل على الأصيل ، فلو أداه وارثه ، لم يرجع لو الكفالة بأمره إلا إلى أجله خلافا لزفر ، كما لا يحل المؤجل على الكفيل اتفاقا إذا حل على الأصيل بموته. ولو ماتا خير الطالب.
جاء في الشرح الصغير (3 / 441)
وعجل الدين بموت الضامن قبل الأجل من تركته إن كان له تركة. ورجع وارثه (أي وارث الضامن على الغريم) بعد الأجل أو بعد موت الغريم على تركته ، إن ترك ما يؤخذ منه الدين ، وإلا سقط.
وجاء في مغني المحتاج (2 / 208)
ولو مات أحدهما (الضامن أو المضمون عنه) والدين مؤجل ، حل عليه لخراب ذمته ، دون الآخر ، فلا يحل عليه ، لأنه يرتفق بالأجل فإن كان الميت الأصيل ، فللضامن أن يطالب المستحق بأخذ الدين من تركته ، أو إبرائه هو ، لأن التركة قد تهلك ، فلا يجد مرجعا إذا غرم.
وان كان الميت الضامن ، وأخذ المستحق الدين من تركته ، لم يكن لوارثه الرجوع على المضمون عنه الإذن في الضمان قبل حلول الأجل.