الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خروج المضارب عن التصرفات المعتادة في المضاربة
اتفق الفقهاء على أن المضارب له أن يباشر تقليب المال بما جرت به عادة التجار وكان من مصلحة المضاربة.
كما اتفقوا على أنه ليس للمضارب أن يباشر بعض التصرفات التي قد تعرض مال المضاربة إلى الأخطار أو توجب فيه حقا لغيره إلا بالتفويض العام عند بعض الفقهاء أو بالإذن الصريح من رب المال عند البعض الآخر
اتفق الفقهاء على أن المضارب له أن يباشر تقليب المال بما جرت به عادة التجار وما كان من ضرورات أعمال المضاربة ،
أما التصرفات التي قد تعرض مال المضاربة إلى الأخطار أو توجب فيه حقا لغيره فهي لا تكون معتبرة إلا في حالة وجود تفويض عام من رب المال عند بعض الفقهاء (كقوله اعمل برأيك) أو وجود إذن صريح من رب المال للقيام بذلك عند البعض الآخر.
فهناك تصرفات يملكها المضارب بمطلق العقد ، وهناك تصرفات لا يملكه إلا بالتفويض العام من رب المال ، وهناك تصرفات لا يملكه إلا بالإذن الصريح.
ومن التصرفات التي يملكها المضارب بمطلق العقد عند جمهور الفقهاء:
- تصرفه برأس المال بالبيع والشراء لأن الربح وهو مقصود المضاربة لا يتحقق إلا بذلك.
- استئجار من يساعده في كل ما كان لمصلحة المضاربة ولا يقدر القيام به بمفرده.
ومن التصرفات التي لا يملكها المضارب إلا بالإذن الصريح عند جمهور الفقهاء:
- شراء المضارب للمضاربة بأكثر من رأس مالها (الاستدانة على المضاربة) .
- التبرع بمال المضاربة بإقراض أو هبة وصدقة شيء منه.
ومن التصرفات التي اختلف الفقهاء في أمرها
فقال الحنفية والحنابلة بأن المضارب يملكها بمطلق العقد لأنها من عادة التجار وقال الشافعية والمالكية بأنه يملكها بالإذن الصريح.
- بيعه السلع بثمن مؤجل ، وشراؤه بثمن مؤجل.
- قيامه بإحالة البائع على مدين المضاربة ، وقبوله الحوالة من مشتري المضاربة.
- إعطاؤه رهنا من مال المضاربة لتوثق الدائن بإيفائه الثمن ، وأخذه رهنا لتوثقه من استيفاء ديون المضاربة.
- توكيل الغير بالتصرف لصالح المضاربة.
ومن التصرفات التي اختلف الفقهاء في أمرها ، فقال الحنفية والحنابلة:
أن المضارب يملكها بالتفويض العام لأنها من مصلحة المضاربة وقال الشافعية والمالكية:
أنه يملكها بالإذن الصريح.
- المضاربة بمال المضاربة.
- المشاركة بمال المضاربة.
- خلط مال المضاربة بغيرها (وأقرها المالكية بمطلق العقد) .
فنرى هنا أن الفقهاء اختلفوا في تحديدهم لنوعية التصرفات التي تدخل تحت كل نوع من أنواع المضاربة المطلقة (المضاربة المطلقة المعتادة ، المضاربة المطلقة مع التفويض العام ، المضاربة المطلقة مع الإذن الصريح) . فما يملكه بمطلق العقد عند فريق من الفقهاء قد لا يملكه إلا بالتفويض عند آخرين ، وما يملكه بالتفويض عند فريق قد لا يملكه إلا بالإذن الصريح عند غيرهم.
بدائع الصنائع (ج6 ص88)
وله أن يستأجر من يعمل في المال لأنه من عادة التجار وضرورات التجارة أيضا لأن الإنسان قد لا يتمكن من جميع الأعمال بنفسه فيحتاج إلى الأجير وله أن يستأجر البيوت ليجعل المال فيها لأنه لا يقدر على حفظ المال إلا به وله أن يستأجر السفن والدواب للحمل لأن الحمل من مكان إلى مكان طريق يحصل الربح ولا يمكنه النقل بنفسه وله أن يوكل بالشراء والبيع لأن التوكيل من عادة التجار ولأنه طريق الوصول إلى المقصود وهو الربح.
المغني (ج5 ص167)
وعلى العامل أن يتولى بنفسه كل ما جرت العادة أن يتولاه المضارب بنفسه ، ولا أجر عليه لأنه مستحق للربح في مقابلته فإن استأجر من يفعل ذلك فالأجر عليه خاصة لأن العمل عليه.
فأما ما لا يليه العامل في العادة مثل النداء على المتاع ونقله إلى الخان فليس على العامل عمله وله أن يكترى من يعمله نص عليه أحمد لأن العمل في المضاربة غير مشروط لمشقة اشتراطه فرجع فيه إلى العرف.
فإن فعل العامل ما لا يلزمه فعله متبرعا فلا أجر له وإن فعله ليأخذ عليه أجرا فلا شيء له أيضا في المنصوص عن أحمد وخرج أصحابنا وجها أن له الأجر بناء على الشريك إذا انفرد بعمل لا يلزمه هل له أجر لذلك؟ على روايتين وهذا مثله ، والصحيح أنه لا شيء له في الموضعين لأنه عمل في مال غيره عملا لم يجعل له في مقابلته شيء فلم يستحق شيئا كالأجنبي.
المدونة الكبرى (ج4 ص50)
قلت: أرأيت المقارض أله أن يستأجر الأجراء يعملون معه في المقارضة ، ويستأجر البيوت ليجعل فيها متاع المقارضة ، ويستأجر الدواب يحمل عليها متاع القراض ، قال: نعم عند مالك هذا جائز. قلت:
أرأيت إن استأجر أجيرا يخدمه في سفره أتكون إجارة الأجير من القراض؟ قال:
إذا كان مثله ينبغي له أن يستأجر والمال يحمل ذلك ، فذلك له.
بدائع الصنائع (ج6 ص90)
وأما القسم الذي ليس للمضارب أن يعمله إلا بالتنصيص عليه في المضاربة المطلقة ، فليس له أن يستدين على مال المضاربة ، ولو استدان لم يجز على رب المال ، ويكون دينا على المضارب في ماله لأن الاستدانة إثبات زيادة في رأس المال من غير رضا رب المال بل فيه إثبات زيادة ضمان على رب المال من غير رضاه لأن ثمن المشترى برأس المال في باب المضاربة مضمون على رب المال بدليل أن المضارب لو اشترى برأس المال ثم هلك المشترى قبل التسليم فإن المضارب يرجع إلى رب المال بمثله ، فلو جوزنا الاستدانة على المضاربة لألزمناه زيادة ضمان لم يرض به ، وهذا لا يجوز.
المجموع (ج4 ص376)
ولا يشتري العامل بأكثر من رأس المال ، لأن الإذن لم يتناول غير رأس المال فإن كان رأس المال ألفا فاشترى عبدا بألف ثم اشترى آخر بألف قبل أن ينقد الثمن في البيع الأول ، فالأول للقراض لأنه اشتراه بالإذن.
وأما الثاني فينظر فيه فإن اشتراه بعين الألف فالشراء باطل ، لأنه اشتراه بمال استحق تسليمه في البيع الأول فلم يصح وإن اشتراه بألف في الذمة كان العبد له ويلزمه الثمن في ماله لأنه اشترى في الذمة لغيره ما لم يأذن فيه فوقع الشراء له.
المدونة الكبرى (ج4 ص64)
قلت: أرأيت إن دفعت إلى رجل ألف درهم مقارضة ، فذهب فاشترى عبدين صفقة واحدة بألفين ، قال: يكون شريكا مع رب القراض ، يكون نصفها على القراض ونصفها للعامل عند مالك.
بدائع الصنائع (ج6 ص92)
وإذا أذن للمضارب أن يستدين على مال المضاربة ، جاز له الاستدانة وما يستدينه يكون شركة بينهما شركة وجوه ، وكان المشترى بينهما نصفين لأنه لا يمكن أن يجعل المشترى بالدين مضاربة لأن المضاربة لا تجوز إلا في مال عين فتجعل شركة وجوه ويكون المشترى بينهما نصفين لأن مطلق الشركة يقتضي التساوي وسواء كان الربح بينهما في المضاربة نصفين أو أثلاثا لأن هذه شركة على حدة فلا يبنى على حكم المضاربة وإذا صارت هذه شركة وجوه صار الثمن دينا عليهما من غير مضاربة.