الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولاية الوكيل على توكيل غيره
يلي الوكيل توكيل غيره من الأمناء فيما وكل فيه إذا كانت الوكالة مفوضة إلى رأيه ، وكذا إذا أذن له الموكل بذلك صراحة أو ضمنا ، أو كان التصرف مأذونا له بالتوكيل فيه بدلالة العرف ، أو وكل في حقوق العقد التي ترجع إليه ، لأنه أصيل فيها.
الأصل فيمن وكل بتصرف أن لا يلي توكيل غيره بالقيام به ، لأن الموكل إنما رضي برأي وتصرف من وكله دون غيره.
واستثنى الفقهاء من هذا الأصل أربع حالات:
(الأولى) ما إذا أذن الموكل بتوكيل غيره صراحة أو دلالة كما إذا كان الشيء الموكل فيه لا يليق بالوكيل تعاطيه. وذلك لأن الوكيل لما كان لا يتصرف في ذلك لنفسه ، كان ذلك قرينة على إجازة توكيله غيره فيه.
(والثانية) أن تكون الوكالة مطلقة مفوضة إلى رأي الوكيل كما إذا قال له: اعمل برأيك. أو اعمل ما شئت. أو ما صنعت من شيء فهو جائز. فعند ذلك يكون للوكيل أن يوكل غيره.
(والثالثة) أن الوكيل مأذون بذلك بدلالة العرف. كما إذا كان الشيء الموكل فيه كثيرا يعلم ، بقرينة العادة أن الوكيل لا يستطيع الاستقلال بالتصرف فيه لكثرته وانتشاره. ومثل الوكيل بتفريق الزكاة له أن يوكل غيره بإعطائها إلى مستحقيها. وكذا الوكيل بقبض الدين له أن يوكل بقبضه من يأتمنه من عياله ، لأن يده كيده عرفا.
(والرابعة) أن يقع التوكيل في حقوق العقد التي ترجع للوكيل لأنه عائدة إليه لا للموكل.
وحيث جاز للوكيل التوكيل عن نفسه أو عن موكله فيشترط أن يوكل أمينا ، رعاية لمصلحة الموكل ، إلا أن يعين الموكل غيره ، فيتبع تعيينه.
مرشد الحيران (ص 246)
إذا كان الآمر مفوضا لرأي الوكيل جاز له أن يوكل به غيره ، ويعتبر الوكيل الثاني وكيلا عن الموكل ، فلا ينعزل الوكيل الثاني بعزل الوكيل الأول ولا بوفاته. (م 924) .
مجلة الأحكام العدلية (ص 285)
ليس للوكيل أن يوكل غيره في الخصوص الذي وكل به إلا أن يكون قد أذنه الموكل بذلك أو قال له: اعمل برأيك. ففي هذه الحال للوكيل أن يوكل غيره ، ويصير الشخص الذي وكله الوكيل بهذا الوجه وكيلا للموكل ، ولا يكون وكيلا لذلك الوكيل ، حتى لا ينعزل الوكيل الثاني بعزل الوكيل الأول أو بوفاته. (م 1466) .
مجلة الأحكام الشرعية على مذهب أحمد (ص 393)
للوكيل أن يوكل غيره فيما يعجز عنه لكثرته وفيما لا يتولاه مثله بنفسه عرفا دون إذن موكله صراحة ، أما إذا أذن له الموكل في التوكيل ، فله أن يوكل فيما عدا ذلك أيضا. (م 1225) .
ليس للوكيل أن يوكل غير أمين ، فإذا وكل أمينا فخان فعليه عزله وإلا كان مفرطا ، لكن إذا عين له الموكل شخصا فيجوز توكيله مطلقا ، أمينا كان أو خائنا. (م 1226) .
إذا قال الموكل لوكيله: وكل عنك. أو أذن له أن يوكل لنفسه نصا أو دلالة ، ككون التصرف الموكل فيه مما يعجز عنه الوكيل لكثرته أو مما لا يتولاه بنفسه عادة ففعل ، فالثاني وكيل الوكيل. أما لو قال: وكل عني. أو أطلق. فهو وكيل آخر عن الموكل. (م 1228) .
بدائع الصنائع (6 / 34)
وللوكيل أن يوكل غيره في الحقوق ، لأنه أصيل في الحقوق ، والمالك أجنبي عنه فملك توكيل غيره فيها.
البحر الرائق (7 / 175 ، 176)
(ولا يوكل إلا بإذن أو: اعمل برأيك) لأنه فوض إليه التصرف دون التوكيل. وهذا لأنه رضي برأيه ، والناس مختلفون في الآراء ، إلا أن يأذن له الموكل ، لوجود الرضا ، أو يقول له: اعمل برأيك لإطلاق التفويض إلى رأيه. وإذا وكل الوكيل بالقبض بلا إذن ، فدفع له المديون ، فإن وصل إلى الوكيل الأول برئ وإلا فإن كان من في عياله برئ وإلا لا. فإن هلك المال في يد الثاني كان للغريم تضمينه ، والثاني الرجوع ، على الوكيل الأول. وتمامه في الذخيرة من الفصل الثاني. وإذا وكل بإذن أو تفويض كان الثاني وكيلا عن الموكل ، حتى لا يملك الأول عزله ولا ينعزل بموته.
والمراد لا يوكل فيما وكل فيه ، فيخرج التوكيل بحقوق العقد فيما ترجع الحقوق فيه إلى الوكيل ، فله التوكيل بلا إذن لكونه أصيلا فيها.
وخرج عن قوله لا يوكل إلا بإذن أو اعمل برأيك: ما لو وكل الوكيل بقبض الدين من في عياله ، فدفع المديون إليه ، فإنه يبرأ ، لأن يده كيده.
ميارة على التحفة (1 / 132)
إن الوكيل المفوض إليه له أن يوكل على مثل ما وكل عليه أو على بعضه. وأما الوكيل المخصوص فليس له أن يوكل إلا إن جعل ذلك له.
تنبيه: استثنى ابن الحاجب من الوكيل المخصوص مسألتين:
(الأولى) أن يكون الوكيل لا يليق به تولي الموكل فيه. كمن وكل رجلا شريفا معروفا بالجلالة على بيع ثوب أو دابة ، لأن الوكيل لما كان لا يتصرف في هذا لنفسه كان ذلك قرينة في إجازة توكيله غيره ، فكان ذلك كالتصريح بإجازة التوكيل.
(والثانية) أن يوكله على أمور كثيرة لا يمكن الوكيل أن يستقل بها ، لأنه بالعادة قد أذن له في التوكيل.
فتح العزيز (11 / 43)
الوكيل هل يوكل؟ لا يخلو: إما أن يأذن له الموكل في التوكيل صريحا أو يسكت عنه. فإن سكت فينظر: إن كان أمرا يتأتى له الإتيان به لم يوكل فيه ، لأنه لم يرض بتصرف غيره. وإن لم يتأت ذلك منه إما لأنه لا يحسن أو لأن الإتيان به لا يليق بمنصبه ، فله التوكيل فيه ، لأن الشخص لا يقصد منه إلا الاستنابة فيه.
وفيه وجه: أنه لا يوكل لقصور قضية اللفظ. ولو كثرت التصرفات التي وكل بها ، ولم يمكنه الإتيان بالكل لكثرتها ، ففيه ثلاثة طرق أصحها أنه يوكل فيما يزيد على قدر الإمكان.
المحلي على المنهاج (2 / 343)
(ولو أذن في التوكيل ، وقال: وكل عن نفسك ففعل ، فالثاني وكيل الوكيل ، والأصح أنه ينعزل بعزله) إياه (وانعزاله) بموته أو جنونه أو عزل موكله له. والثاني: لا ينعزل بذلك. بناء على أنه وكيل عن الموكل. (وإن قال) وكل (عني) ففعل (فالثاني وكيل الموكل ، وكذا لو أطلق) أي قال: وكل. ففعل. فالثاني وكيل الموكل (في الأصح) .
(وحيث جوزنا للوكيل التوكيل) فيما ذكر من المسائل (يشترط أن يوكل أمينا إلا أن يعين الموكل غيره) أي من ليس بأمين في إذنه بالتوكيل ، فيتبع تعيينه.
المغني (7 / 207 ، 208 ، 209)
(وليس للوكيل أن يوكل فيما وكل فيه إلا أن يجعل ذلك إليه) لا يخلو التوكيل من ثلاثة أحوال
أحدها: أن ينهى الموكل وكيله عن التوكيل. فلا يجوز له ذلك بغير خلاف ، لأن ما نهاه عنه غير داخل في إذنه ، فلم يجز له ، كما لو لم يوكله.
الثاني: أذن له في التوكيل ، فيجوز له ذلك ، لأنه عقد أذن له فيه ، فكان له فعله ، كالتصرف المأذون له فيه. ولا نعلم في هذين خلافا. وإن قال له: وكلتك فاصنع ما شئت. فله أن يوكل. وقال أصحاب الشافعي ليس له التوكيل في أحد الوجهين ، لأن التوكيل يقتضي تصرفا يتولاه بنفسه وقوله: اصنع ما شئت. يرجع إلى ما يقتضيه التوكيل من تصرفه بنفسه.
ولنا: أن لفظه عام فيما شاء ، فيدخل في عمومه التوكيل.
الثالث: أطلق الوكالة. فلا يخلو من أقسام ثلاثة.
القسم الأول: أن يكون العمل مما يترفع الوكيل عن مثله ، كالأعمال الدنية في حق أشراف الناس المترفعين عن فعلها في العادة ، أو يعجز عن عمله لكونه لا يحسنه ، أو غير ذلك ، فإنه يجوز له التوكيل فيه. لأنه إذا كان مما لا يعمله الوكيل عادة ، انصرف الإذن إلى ما جرت به العادة من الاستنابة فيه.
القسم الثاني: أن يكون مما يعمله بنفسه ، إلا أنه يعجز عن عمله كله ، لكثرته وانتشاره ، فيجوز له التوكيل في عمله أيضا ، لأن الوكالة اقتضت جواز التوكيل ، فجاز التوكيل في فعل جميعه ، كما لو أذن في التوكيل بلفظه. وقال القاضي عندي أنه إنما جاز له التوكيل فيما زاد على ما يتمكن من عمله بنفسه ، لأن التوكيل إنما جاز للحاجة ، فاختص بما دعت إليه الحاجة بخلاف وجود إذنه ، فإنه مطلق. ولأصحاب الشافعي وجهان كهذين.
القسم الثالث: ما عدا هذين القسمين ، وهو ما يمكنه عمله بنفسه ولا يترفع عنه ، فهل يجوز له التوكيل فيه؟ على روايتين ،
إحداهما: لا يجوز. نقلها ابن منصور. وهو مذهب أبي حنيفة وأبي يوسف والشافعي لأنه لم يأذن له في التوكيل ، ولا تضمنه إذنه ، فلم يجز ، كما لو نهاه ، ولأنه استئمان فيما يمكنه النهوض فيه ، فلم يكن له أن يوليه من لم يأمنه عليه كالوديعة.
والأخرى: يجوز. نقلها حنبل. وبه قال ابن أبي ليلى إذا مرض أو غاب ، لأن الوكيل له أن يتصرف بنفسه ، فملكه ، نيابة كالمالك. والأول أولى. ولا يشبه الوكيل المالك ، فإن المالك يتصرف بنفسه في ملكه كيف شاء ، بخلاف الوكيل.
فصل: وكل وكيل جاز له التوكيل ، فليس له أن يوكل إلا أمينا ، لأنه لا نظر للموكل في توكيل من ليس بأمين ، فيقيد جواز التوكيل بما فيه الحظ والنظر ، كما أن الإذن في البيع يتقيد بالبيع بثمن المثل ، إلا أن يعين له الموكل من يوكله ، فيجوز توكيله وإن لم يكن أمينا ، لأنه قطع نظره ، بتعيينه.
مراجع إضافية
انظر مواهب الجليل (5 / 201) ، البهجة (1 / 206) ، مغني المحتاج (2 / 226 ، 227) ، المقدمات الممهدات (3 / 52) ، شرح المجلة للأتاسي (4 / 440 - 445) ، درر الحكام (3 / 592) ، 593 ، التاودي على التحفة (1 / 205) ، التاج والإكليل (5 / 201 ، 202) .