الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تقابض البدلين
يشترط لصحة الصرف التقابض في البدلين قبل التفرق. فإذا تفرق العاقدان عن المجلس قبله بطل العقد. ولو تقابضا البعض ثم افترقا صح الصرف في القدر المقبوض وبطل فيما سواه. ولو كل أحدهما وكيلا في القبض ، فقبض الوكيل البدل قد تفرقهما صح الصرف ، أما إذا تفرقا قبل قبضه بطل.
ولا يشترط التقابض الفوري عقب العقد ، ولا يضر طول لبثهما في الجلوس ولا طول مصاحبتهما إذا وقع القبض قبل التفرق بالأبدان عند جمهور الفقهاء. وخالفهم المالكية فاشترطوا الفورية فيه.
اتفق الفقهاء على أنه يشترط في صحة عقد الصرف تقابض البدلين من الجانبين في المجلس قبل التفرق. قال ابن المنذر أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن المتصارفين إذا افترقا قبل أن يتقابضا أن الصرف فاسد.
واستدلوا على ذلك بالسنة وقول الصحابة والمعقول.
دليل شرط التقابض من السنة
فما روى عمر بن الخطاب عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: الذهب بالورق ربا إلا هاء وهاء أخرجه البخاري ومسلم.
وما روى أبو سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال: لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل ، ولا تشفوا بعضها على بعض ، ولا تبيعوا الورق بالورق إلا مثلا بمثل ، ولا تشفوا بعضها على بعض ، ولا تبيعوا منها غائبا بناجز رواه البيهقي ومالك.
وما روى عبادة بن الصامت عنه صلى الله عليه وسلم قال: الذهب بالذهب والفضة بالفضة.. إلى أن قال: مثلا بمثل ، سواء بسواء ، يدا بيد. فإن اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد رواه مسلم وأصحاب السنن.
وما روى روى البراء بن عازب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الذهب بالورق دينا أخرجه النسائي والدارقطني.
فقد دلت هذه النصوص على اشتراط تقابض البدلين قبل الافتراق.
دليل شرط التقابض من قول الصحابة
فما روي عن عمر بن الخطاب أنه قال: لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل ، ولا تبيعوا الورق بالورق إلا مثلا بمثل ولا تبيعوا الذهب بالورق أحدهما غائب والآخر ناجز ، وإن استنظرك حتى يلج بيته فلا تنظره ، إني أخاف عليكم الربا. أخرجه مالك والبيهقي.
وما روى عن ابن عباس أنه سئل عن الصرف ، فقال: أيدا بيد؟ قيل: نعم. قال: فلا بأس به رواه مسلم.
دليل شرط التقابض من المعقول
فهو أنه لا بد من قبض أحد البدلين قبل الافتراق ، كيلا يكون افتراقا عن دين بدين ، وهو منهي عنه. ولا بد من قبض الآخر لعدم أولوية أحد العوضين في القبض - حيث استويا في الثمنية - تحقيقا للمساواة بينهما ، لأن المنقود خير من النسيئة ، فيتحقق الفضل في أحد العوضين - إن لم يقبض الآخر - وهو ربا ، فوجب قبضهما.
المراد بالتفريق
والمراد بالتفرق في هذا المقام هو افتراق العاقدين بأبدانهما. فلو قاما عن المجلس مصطحبين ومشيا قليلا أو كثيرا ، فليسا بمفترقين. وعلى ذلك نص جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة ، ولا يضر طول لبثهما في المجلس ولا طول مصاحبتهما إذا وقع التقابض قبل التفرق بالأبدان.
وخالفهم المالكية في عدم اشتراط الفورية وقالوا: يشترط التقابض فور العقد ، فإذا تأخر التقابض بطل الصرف إن كان التأخير طويلا ، ويجوز مع الكراهة إن كان التأخير يسيرا.
التوكيل في الصرف
لا خلاف بين الفقهاء في أنه لو وكل أحدهما وكيلا في القبض ، فقبض الوكيل قبل تفرقهما صح الصرف ، وإن تفرقا قبل قبض الوكيل بطل ، لأن التقابض قبل الافتراق شرط وقد فات ، إذ القبض من حقوق العقد ، وهي تتعلق بالعاقدين ، فمن أجل ذلك اعتبر افتراقهما.
ولو تقابضا البعض ثم افترقا صح الصرف في المقبوض لوجود شرطه وبطل فيما لم يقبض لفواته.
مجلة الأحكام الشرعية على مذهب أحمد (ص 191)
يشترط في الصرف التقابض في المجلس ، فلو افترقا قبله بطل. والمعتبر في هذا التفرق ما يبطل به خيار المجلس (م 474) .
يجوز تفريق الصفقة في الصرف فلو قبض بعض العوض في المجلس وتفرقا قبل قبض الباقي ، صح فيما قبض وبطل في الباقي. (م475)
إذا وكل أحد عاقدي الصرف شخصا في القبض يقوم قبض ، الوكيل مقام قبضه ، لكن العبرة في التفريق لحال الموكل العاقد دون الوكيل. فلو فارق الموكل قبل القبض بطل ، ولا تضر مفارقة الوكيل. أما لو كانت وكالته في العقد فالعبرة لحال الوكيل دون الموكل. (م482)
بداية المجتهد (2 / 197)
اتفق العلماء على أن من شرط الصرف أن يقع ناجزا. واختلفوا في الزمان الذي يحد ، هذا المعنى ، فقال أبو حنيفة والشافعي الصرف يقع ناجزا ما لم يفترق المتصارفان ، تعجل أو تأخر القبض. وقال مالك إن تأخر القبض في المجلس بطل الصرف ، وإن لم يفترقا ، حتى كره المواعدة فيه. وسبب الخلاف ترددهم في مفهوم قوله عليه الصلاة والسلام إلا هاء وهاء وذلك أن هذا يختلف بالأقل والأكثر ، فمن رأى أن هذا اللفظ صالح لمن لم يفترق من المجلس ، أعنى أنه يطلق عليه أنه باع هاء وهاء قال: يجوز التأخير في المجلس. ومن رأى أن اللفظ لا يصح إلا إذا وقع القبض من المتصارفين على الفور ، قال: إن تأخر القبض عن العقد في المجلس بطل الصرف.
لباب اللباب لابن راشد (ص 137)
والنقد إن بيع بغير نوعه سمي صرفا ، وإن بيع بنوعه وزنا سمى مراطلة ، وإن بيع بنوعه عددا سمي مبادلة ، ويشترط في الصرف وجود المناجزة ، وفي المراطلة والمبادلة المناجزة والمماثلة ، والمناجزة عبارة عن سرعة التقابض.
بدائع الصنائع (5 / 215)
وأما الشرائط (فمنها) قبض البدلين قبل الافتراق لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المشهور: والذهب بالذهب مثلا بمثل يدا بيد ، والفضة بالفضة مثلا بمثل يدا بيد وروي عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تبيعوا الورق إلا مثلا بمثل ، ولا تشفوا بعضها على بعض ، ولا تبيعوا منها شيئا غائبا بناجز.
وروى عن عبد الله بن عمر عن أبيه أنه قال: لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل ، ولا تبيعوا الورق بالورق إلا مثلا بمثل ، ولا تبيعوا الذهب بالورق أحدهما غائب والآخر ناجز ، وإن استنظرك حتى يلج بيته فلا تنظره ، إني أخاف عليكم الرماء أي الربا.
فدلت هذه النصوص على اشتراط قبض البدلين قبل الافتراق. وتفسير الافتراق: هو أن يفترق العاقدان بأبدانهما عن مجلسهما ، فيأخذ هذا في جهة وهذا في جهة ، أو يذهب أحدهما ويبقى الآخر ، حتى لو كانا في مجلسهما لم يبرحا عنه لم يكونا مفترقين وإن طال مجلسهما ، لانعدام الافتراق بأبدانهما. . ثم المعتبر افتراق العاقدين ، سواء كانا مالكين أو نائبين عنهما كالأب والوصي والوكيل ، لأن القبض من حقوق العقد ، وحقوق العقد تتعلق بالعاقدين ، فيعتبر افتراقهما.
شرح منتهى الإرادات (2 / 201)
(ويبطل) صرف (ك) بطلان (سلم بتفرق) ببدن (يبطل خيار المجلس قبل تقابض) من الجانبين في صرف لما تقدم من قوله صلى الله عليه وسلم يدا بيد وفي سلم قبض رأس ماله كما يأتي في بابه إن شاء الله (وإن تأخر) تقابض في صرف أو في رأس مال سلم (في بعض) من ذلك (بطلا) أي الصرف والسلم (فيه) أي المتأخر قبضه (فقط) لفوات شرطه ، وصحا فيما قبض لوجود شرطه ، ويقوم الاعتياض عن أحد العوضين وسقوطه عن ذمة أحدهما مقام قبضه (ويصح التوكيل) من العاقدين أو أحدهما بعد عقد (في قبض في صرف ونحوه) كربوي بربوي وسلم ، ويقوم قبض وكيل مقام قبض موكله (ما دام موكله بالمجلس) أي مجلس العقد لتعلقه به ، سواء بقي الوكيل بالمجلس إلى قبض أو فارقه ثم عاد وقبض ، لأنه كالآلة. فإن فارق موكل قبله بطل العقد ، وإن وكل في العقد اعتبر حال الوكيل.
المجموع شرح المهذب (9 / 404)
وحيث شرطنا التقابض ، فمعناه التقابض قبل التفرق الذي ينقطع به خيار المجلس كما سبق تفصيله.
قال الشافعي في كتاب الصرف من الأم والأصحاب: لا بأس أن يطول مقامهما في مجلسهما ، ولا بأس أيضا بطوله متماشيين وإن طال مشيهما وتباعدا عن مجلس العقد ، ثم تقابضا قبل افتراقهما فيصح البيع لعدم افتراقهما.
روضة الطالبين (3 / 379)
فرع: حيث اعتبرنا التقابض فتفرقا قبله ، بطل العقد. ولو تقابضا بعض كل من العوضين ، ثم تفرقا ، بطل فيما لم يقبض. وفي المقبوض قولا تفريق الصفقة. ولو وكل أحدهما وكيلا بالقبض ، فقبض قبل مفارقة الموكل المجلس جاز ، وبعده لا يجوز.
المغني (6 / 112)
الصرف بيع الأثمان بعضها ببعض ، والقبض في المجلس شرط لصحته بغير خلاف. ويجزئ القبض في المجلس وإن طال ، ولو تماشيا مصطحبين إلى منزل أحدهما أو إلى الصراف فتقابضا عنده جاز ، وبهذا قال الشافعي. وقال مالك لا خير في ذلك ، لأنهما فارقا مجلسهما.
لنا: أنهما لم يفترقا قبل التقابض ، فأشبه ما لو كانا في سفينة تسير بهما ، أو راكبين على دابة واحدة تمشي بهما. . . وإن تفرقا قبل التقابض بطل الصرف لفوات شرطه. وإن قبض البعض ثم افترقا ، بطل فيما لم يقبض وفيما يقابله من العوض ، وهل يصح في المقبوض؟ على وجهين بناء على تفرق الصفقة. ولو كل أحدهما وكيلا في القبض ، فقبض الوكيل قبل تفرقهما جاز ، وقام قبض وكيله مقام قبضه ، سواء فارق الوكيل المجلس قبل القبض أو لم يفارقه. وإن افترقا قبل قبض الوكيل بطل ، لأن القبض في المجلس شرط ، وقد فات.
مراجع إضافية
انظر تبيين الحقائق وحاشية الشلبي (4 / 135) ، تكملة المجموع للسبكي (10 / 14 ، 69) ، الأم (3 / 26) ، مواهب الجليل (4 / 304) ، البهجة شرح التحفة (2 / 29) ، منح الجليل (2 / 508) ، التاج والإكليل (4 / 302) ، التاودي على التحفة (2 / 29) ، فتح العزيز (8 / 166) ، المجموع للنووي (9 / 404)