الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حضور المبيع وغيابه
من المقرر أن الإشارة إلى المبيع هي أقوى طرق التعريف والتعيين ولذلك إذا كان المبيع في حضرة المتعاقدين (مجلس العقد) وتم تعيينه بالإشارة بحيث عرفه المشتري ورآه ، فإن البيع لازم.
وأما إذا كان غائبا فإما أن يباع بطريقة السلم مع الوصف الكامل له ، واما أن يحدد مكانه أو بما يميزه عن غيره.
لو اقترنت الإشارة بالوصف ، وكان الوصف مغايرا لما رآه المشتري ورضى به ، فإنه ليس له المطالبة بعدئذ بالوصف ، ما دام العقد قد تم بعد الرؤية والرضا ، ويعبر عن ذلك بالقاعدة الفقهية التالية (الوصف في الحاضر وفي الغائب لغو معتبر) .
وهذا بخلاف التغاير بين اسم المبيع والإشارة إليه كقوله: بعتك هذه الفرس ، وأشار إلى ناقة مثلا فالتسمية هي المعتبرة ، لأن الاسم يحدد به جنس المبيع ، فهذا غلط في الجنس لا في الوصف ، والغلط في الجنس غير مغتفر لأنه يكون به المبيع معدوما.
وقد صرح القرافي بأنه إن لم يذكر الجنس في البيع ، بأن قال: بعتك ثوبا امتنع إجماعا.
وهذا إذا كان الوصف مما يدركه المشتري ، أما لو كان مما يخفى عليه ، أو يحتاج إلى اختبار ، كالوصف للبقرة بأنها حلوب ، ثم تبين للمشترى أنها ليست كذلك ، فإن فوات الوصف هنا مؤثر ، إن كان قد اشترط في العقد ، ولو كان المبيع حاضرا مشارا إليه لأن الوصف هنا معتبر من البائع ، ويترتب على فواته خيار للمشترى يسمى: خيار فوات الوصف.
ويستوى في استحقاق الخيار بفوات الوصف أن يكون المبيع حاضرا أو غائبا.
وإذا كان المبيع غائبا ، فإما أن يشترى بالوصف الكاشف له ، على النحو المبين في عقد السلم ، وإما أن يشترى دون وصف ، بل يحدد بالإشارة إلى مكانه أو إضافته إلى ما يتميز به.
فإن كان البيع بالوصف ، وهو هنا غير الوصف المرغوب السابق ، فإذا تبينت المطابقة بين المبيع بعد مشاهدته وبين الوصف لزم البيع ، وإلا كان للمشترى خيار الخلف عند جمهور الفقهاء.
أما الحنفية فإنهم يثبتون للمشترى هنا خيار الرؤية ، لقوله صلى الله عليه وسلم: من اشترى شيئا ولم يره كان له الخيار حتى يراه فإذا رآه كان مخيرا: فإن شاء قبله وإن شاء فسخ المبيع ، وإذا مات المشتري لزم البيع ولا خيار لوارثه.
وبيع الغائب مع الوصف صحيح عند الجمهور في الجملة (الحنفية والمالكية والحنابلة وهو مقابل الأظهر عند الشافعية) ، فقد أجازه الحنفية ولو لم يسبق وصفه.
وفي قول للشافعية لابد من الوصف لأن للمشترى هنا خيار الرؤية على كل حال ، سواء مع الوصف والمطابقة ، أو المخالفة ، ومع عدم الوصف.
وهو خيار حكمي لا يحتاج إلى اشتراط ، وأجازه الحنابلة مع الوصف على الوجه المطلوب لصحة السلم ، وقصروا الخيار على حال عدم المطابقة.
وأجازه المالكية بثلاثة شروط ،
الأول: ألا يكون قريبا جدا بحيث تمكن رؤيته بغير مشقة ، لأن بيعه غائبا في هذه الحال عدول عن اليقين إلى توقع الضرر فلا يجوز.
وثانيا: ألا يكون بعيدا جدا ، لتوقع تغيره قبل التسليم ، أو لاحتمال تعذر تسليمه.
وثالثا: أن يصفه البائع بصفاته التي تتعلق الأغراض بها وهى صفات السلم.
والأظهر في مذهب الشافعية: أنه لا يصح بيع الغائب ، وهو ما لم يره المتعاقدان أو أحدهما ، وإن كان حاضرا ، للنهي عن بيع الغرر. أما البيع على البرنامج ، وهو الدفتر المبينة فيه الأوصاف ، أو على الأنموذج بأن يريه صاعا ويبيعه الصبرة على أنها مثله فقد أجازه الحنفية ، وهو قول للحنابلة صوبه المرداوي والمالكية ، والأصح للحنابلة منعه وأجازه الشافعية فيما لو قال مثلا: بعتك الحنطة التي في هذا البيت ، وهذا أنموذجها ، ويدخل الأنموذج في البيع.