الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صفات العاقدين الواهب والموهوب له
يشترط أن يكون الواهب له أهلية التبرع بالعقل والبلوغ مع الرشد لأن الهبة تبرع ، والمرأة المتزوجة لها التبرع بمالها مثل الرجل دون فرق كما هو مذهب الجمهور ،
كما تجوز هبة غير المسلم للمسلم وكذلك العكس ، غير أن المريض مرض الموت تكون هبته في حكم الوصية.
أما الموهوب له فهو أي شخص يصح تملكه للمال سواء كان صغيرا أم كبيرا ، مميزا أم غير مميز لأن أساس التمليك هو الذمة كوعاء للأهلية وهي تتوفر لكل إنسان.
هبة الصبي والمجنون
لا تصح هبة الصبي والمجنون لأنهما لا يملكان التبرع لكونه ضررا محضا وكذا الأب لا يملك هبة مال الصغير من غير شرط العوض بلا خلاف ، لأن ولايته قاصرة على وجوه النفع ، والهبة تبرع فيه ضرر محض فلا تجوز منه.
فإن شرط الأب العوض لم يجز أيضا عند أبي حنيفة وأبي يوسف لأن الهبة بشرط العوض تبرع ابتداء أي قبل القبض ، ثم تصير بيعا انتهاء أي بعد القبض ، والأب لا يملك التبرع. وقال محمد تجوز الهبة من الأب بشرط العوض لأن ذلك في معنى البيع والعبرة باتفاق المعنى.
وكذا لا تصح هبة السفيه الذي لا يحسن التصرف في ماله.
هبة المرأة المتزوجة
أما في تبرع المرأة المتزوجة بمالها لغير زوجها فهناك ثلاثة آراء:
الرأي الأول: أن تبرعها جائز دون قيد ، كتبرع الرجل دون فرق ، وهو اتجاه الإمام البخاري وجمهور الفقهاء استدلالا بحديث أم المؤمنين ميمونة رضي الله عنها التي أعتقت جارية لها دون إذن الرسول صلى الله عليه وسلم ثم أخبرته ، فلم يعترض.
الرأي الثاني: أن تبرع المرأة المتزوجة ممنوع مطلقا ، وهذا اتجاه طاوس استدلالا بحديث عمرو بن شعيب وبحديث خيرة زوجة كعب بن مالك اللذين ينصان على عدم جواز عطية المرأة المتزوجة إلا بإذن الزوج.
الرأي الثالث: أن تبرع المرأة المتزوجة يجوز في اليسير الذي يقدره مالك بالثلث فما دونه ، وهذا هو اتجاه الإمامين الليث بن سعد ومالك بن أنس جمعا بين الأدلة في الموضوع.
هبة المريض مرض الموت والمفلس
المريض مرض الموت هو الشخص المصاب بمرض خطير تقول عنه الخبرة الطبية ، أو تستقر العادة به في المجتمع: أن المصاب به يموت داخل السنة ، ثم تحدث الوفاة فعلا.
ومعنى هذا المرض: أن المالك يتصرف في أمواله بالتبرع ، وهو يشعر باليأس من الحياة ، ولذلك يلحق به بعض الأصحاء الذين يتصرفون في أموالهم بالتبرع وهم يشعرون بهذا اليأس ، كالمحكوم عليه بالإعدام المقدم للتنفيذ ، والحامل عندما تقترب من الولادة ، وما أشبه ذلك.
وهبة هؤلاء من قبيل الوصية ، فتنفذ في الثلث.
أما المرض غير المخوف ، أو الذي لا تحصل منه الوفاة خلال السنة ، أو المرض المخوف الذي يبرأ منه صاحبه ، فالهبة فيه صحيحة ، وتنفذ من جميع أموال الواهب ، لا من الثلث فقط.
كما لا تصح هبة المفلس الذي أحاط الدين بماله أي الذي ساوت ديونه موجوداته أو زادت عليها.
هبة غير المسلم للمسلم والعكس
تجوز هبة المسلم للكافر كتابيا كان أم غير كتابي بشرط ألا يكون حربيا ينتمي لدولة تحارب الدولة ، أو الدول الإسلامية ، أو تحارب الأقلية المسلمة الموجودة في النطاق الترابي لدولة غير إسلامية ; على أنه تجوز الهبة للحربي إذا دخل إلى دولة إسلامية بعقد أمان (تأشيرة الدخول) ; لأن هذا العقد يخرجه من نطاق أهل الحرب إلى نطاق أهل العهد.
يقول تعالى: {لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين} (الممتحنة: 8) .
وكما تجوز هبة المسلم للكافر تجوز كذلك هبة الكافر للمسلم لأن الهدية تعبير عن الإكرام ، إذ ليس من الضروري أن يعبر الإكرام عن المودة الصميمة أو عن الموالاة المنهي عنها في قوله تعالى:{يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق} (الممتحنة: 1)
وقد قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم هدية الكفار ، فقبل هدية كسرى وهدية قيصر وهدية المقوقس كما أهدى هو الكفار الهدايا والهبات.
بدائع الصنائع (ج 6 ص 118)
(يشترط في الواهب: أن يكون مما يملك التبرع ، لأن الهبة تبرع ، فلا يملكها من لا يملك التبرع ، فلا تجوز هبة الصبي ، والمجنون لأنهما لا يملكان التبرع لكونه ضررا محضا ، لا يقابله نفع دنيوي وكذا الأب لا يملك هبة مال الصغير ، من غير شرط العوض ، بلا خلاف ، لأن التبرع بمال الصغير قربان ماله لا على وجه الأحسن ، ولأنه لم يقابله نفع دنيوي ، وقد قال الله ، عز وجل: {ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن} (الأنعام: 152) ولأنه إذا لم يقابله عوض دنيوي ، كان التبرع ضررا محضا ، وترك المرحمة في حق الصغير ، فلا يدخل تحت ولاية الولي ، لقوله صلى الله عليه وسلم لا ضرر ولا ضرار وقوله: من لم يرحم صغيرنا فليس منا.
وإن شرط الأب العوض ، لا يجوز عند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله ، وقال محمد رحمه الله: يجوز.
القوانين الفقهية (ص 241)
فأما الواهب فالمالك ، إذا كان صحيحا ، مالكا أمر نفسه.
المدونة ج 6 ص 118
قلت: أرأيت من وهب من مال ابن له شيئا ، والابن صغير ، أيجوز ذلك في قول مالك أم لا؟ قال: لا يجوز ذلك في قول مالك.
قلت: فإن تلفت الهبة (الموهوب) أيكون الأب ضامنا لها في قول مالك قال: نعم.
المادة 875 من مجلة الأحكام الشرعية
يشترط لصحة الهبة: أن يكون الواهب جائز التصرف ، أي بالغا عاقلا ، رشيدا فلا تصح هبة الصغير والمجنون والسفيه ، وإن أذن الولي.
القوانين الفقهية (ص 241)
وأما الموهوب له فهو كل إنسان.
درر الحكام شرح مجلة الأحكام (ج 2 ص 371 374)
إذا وهب أحد شيئا لطفل ، أي إذا وهب شخص للصغير المميز أو غير المميز مالا ، فتتم الهبة في ذلك بقبض الولي ، أو مربي الصغير ، الذي يتربى الصغير في حجره ، لأن لولي الصغير إجراء العقود الدائرة بين النفع والضرر ، كالبيع والإجازة في حق الصغير ، ولما كانت الهبة للصغير من العقود التي فيها نفع محض ، فللولي إجراء ذلك بطريق الأولى.
لو وهب شيء نافع أي مال ، للصبي المميز أو للصبية المميزة ، تتم الهبة - استحسانا - بقبوله إياها وقبضه ، ولو كان له ولي ، كالأب أو المربي ، لأن في القبض المذكور نفعا محضا للصغير والصغير أهل لمباشرة الشيء الذي فيه نفع محض.
البيان والتحصيل (ج 14 ص 23 - 24)
قال محمد بن رشد لا يجوز للمرأة ذات الزوج قضاء في أكثر من ثلث مالها ، هبة ولا صدقة ، ولا بما أشبه ذلك من التفويت بغير عوض ، دون إذن زوجها ، في قول مالك وجميع أصحابه ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يجوز لامرأة قضاء في ذي بال من أمرها بغير إذن زوجها.
المادة (595 - 1) من مجلة الأحكام العدلية
مرض الموت هو المرض الذي يخاف فيه الموت في الأكثر ، الذي يعجز المريض عن رؤية مصالحه الخارجة عن داره إن كان من الذكور ، ويعجزه عن رؤية المصالح الداخلية في داره إن كان من الإناث ، ويموت على ذلك الحال ، قبل مرور سنة ، صاحب فراش كان أم لم يكن. وإن امتد مرضه دائما على حال ، ومضى عليه سنة ، يكون في حكم الصحيح ، وتكون تصرفاته كتصرفات الصحيح.
المادتان (921 - 922) من مجلة الأحكام الشرعية
هبة المريض غير مرض الموت ، ولو كان مخوفا ، كهبة الصحيح.
هبة المريض مرضا غير مخوف ، ولو اتصل به الموت ، كهبة الصحيح ، مثلا: لو وهب الشخص في حال صداع ، أو رمد أو حمى يسيرة ، أو نحو ذلك ، ثم مات به ، تكون هبته في حكم هبة الصحيح.
بداية المجتهد (ج 8 ص 203)
أما المريض فقال الجمهور: إنها في ثلثه ، تشبيها بالوصية ،. . وقالت طائفة من السلف ، وجماعة من أهل الظاهر: إن هبته تخرج من رأس ماله إذا مات. ولا خلاف بينهم أنه إذا صح من مرضه: أن الهبة صحيحة ،. والأمراض التي يحجر فيها عند الجمهور هي الأمراض المخوفة ، وكذلك - عند مالك -
الحالات المخوفة ، مثل الكون في الصف (الجهاد) ، وقرب الحامل من الوضع ، وراكب البحر المرتج.
وأما الأمراض المزمنة (الدائمة) فليس فيها عندهم تحجير.
المدونة (ج 6 ص 112)
قلت: أرأيت كل هبة ، أو عطية ، أو صدقة في المرض ، فلم يقبضها الموهوب له ، ولا المعطى ، ولا المتصدق عليه حتى مات الواهب من مرضه ذلك ، أتكون هذه وصية ، أم تكون هبة ، أو عطية ، أو صدقة لم يقبضها صاحبها حتى مات الواهب فتبطل ، وتصير لورثة الواهب؟
قال: قال مالك هي وصية ، قال مالك وكل ما كان مثل هذا مما ذكرت فيه المرض فإنما هو وصية من الثلث.
فتح العلى المالك (ج 2 ص 287)
ما قولكم في هبة المريض وصدقته ، وسائر تبرعاته ، هل تحتاج لحيازة قبل موته ، كتبرعات الصحيح أم لا؟ .
لا تحتاج لحوز عنه قبل موته لأنها كالوصية في الخروج من الثلث. . ولأن الحوز في مرض المتبرع غير معتبر فهو كعدمه ، فلا معنى لاشتراطه.
المدونة (ج 6 ص 122)
قلت: أرأيت إن وهب المسلم للمشرك ، أهما بمنزلة المسلمين في الهبة؟
قال: نعم.
قلت: أرأيت إن وهب ذمي لمسلم هبة ، فأراد المسلم أن يقبضها ، فأبى الذمي أن يدفعها إليه ، أيقضى له على الذمي بالدفع أم لا في قول مالك؟
قال: قال مالك إذا كان بين المسلم والذمي أمر ، حكم عليهما بحكم أهل الإسلام ، فأرى (عبد الرحمن بن القاسم) : أن يحكم بينهما بحكم أهل الإسلام ، ويقضى عليه الدفع.