الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التضييق على المضارب في تصرفاته وأعماله
يجوز تقييد المضارب ببعض القيود إذا كان القيد مفيدا وليس فيه تضييق على العامل قد ينتج عنه عدم الحصول على الربح المطلوب وتحقيق المقصود من المضاربة.
وإذا خالف المضارب القيد أو الشرط المفيد كان غاصبا فيضمن لرب المال ماله.
اتفق الفقهاء على فساد المضاربة في حالة التضييق على المضارب بحيث لا يستطيع مزاولة عمله بطريقة تمكنه من تحقيق هدف المضاربة ومقصودها وهو الربح. ذلك أن المضاربة عقد على غاية وهي الربح وليس على مجرد الوسيلة على ذلك وهو العمل ، ولذا فإنه يجب مراعاة ذلك بعدم اشتراط أي شرط في الوسيلة (العمل) يعيق عن تحقيق هذا الغرض أو الغاية (الربح) .
وهذا الشرط لا يعني حرمان رب المال من اشتراط أو تحديد بعض تصرفات المضارب ، فهو صاحب المال ومن حقه ذلك ، والمضاربة كما تجوز مطلقة تجوز أيضا مقيدة.
ولكن بالرغم من اتفاق الفقهاء على جواز تقييد رب المال لعمل المضارب بقيد مفيد لا يؤدي إلى الإخلال بمقصود العقد سواء كان القيد بخصوص نوع العمل أو المكان أو الزمان أو من يعامله المضارب.
فإنهم قد اختلفوا في تحديد نوع التضييقات والقيود المخلة بالمقصود. . . واجتهد كل فريق بما رأى أنه العرف المتبع أو العادة الجارية.
فمنهم من رأى أن هذا القيد مفيد فقال بجوازه ، ومنهم من رأى أنه غير مفيد وإنما فيه تضييق على العامل قد ينتج عنه عدم الحصول على الربح المطلوب وتحقيق المقصود من المضاربة فقال بعدم جوازه.
تقييد نوع العمل
- القيد: منع المضارب عن التعامل في صنف معين من البضائع يجوز باتفاق الفقهاء لأن القيد هنا مفيد ، وليس فيه تضييق على المضارب إذ لا يمنعه من تحقيق الربح الذي هو المقصود من العقد.
- القيد: إلزام المضارب التعامل في صنف محدد من البضائع هذا القيد جائز عند الحنفية والحنابلة لأن المضارب يتصرف بمال المضاربة بإذن رب المال بصفته وكيلا عنه ، فوجب عليه الالتزام بما قيد به. وهو جائز عند المالكية والشافعية بشرط أن يكون الصنف المحدد غير نادر الوجود لأن ذلك تضييق ينافي مقتضى المضارب.
تقييد المكان
- القيد: تعيين مكان عام يعمل فيه المضارب كبلد أو مدينة ما يجوز باتفاق الفقهاء لأن المضاربة توكيل من رب المال ، والتوكيل في شيء معين يختص به ، وفي هذا الشرط محافظة على المضاربة من الأخطار.
- القيد: تعيين مكان خاص يعمل فيه المضارب كسوق محدد لا يتعداه هذا القيد جائز عند الحنفية والحنابلة والشافعية لأن السوق كالمكان العام يمكن الاتجار فيه وتحقيق مقصود المضاربة دون تضييق على المضارب.
ولا يجوز عند المالكية لما فيه من التضييق على المضارب لتحصيل الربح.
- القيد: تعيين حانوت خاص يعمل فيه المضارب دون أن يتعداه هذا القيد جائز عند الحنفية والحنابلة لأن فيه محافظة على المال ، ولا يمنع الربح بالكلية.
ولا يجوز عند المالكية والشافعية لأنه يحد من حركة المضارب في تقليب المال.
تقييد الزمان
- القيد: تأقيت المضاربة بزمن محدد تنتهي فيه هذا القيد جائز عند الحنفية والحنابلة لأن المضاربة توكيل ، والتوكيل يحتمل التخصيص بوقت دون وقت. وهو جائز أيضا عند الشافعية في حالة منع المضارب من الشراء فقط والسماح له بالبيع بعد المدة المحددة لتمكينه من تنضيض مال المضاربة.
أما عند المالكية فهذا القيد لا يجوز لأن المضارب قد لا يتمكن من تحقيق الربح خلال المدة المعينة فيخل ذلك بالمقصود.
تقييد من يعاملهم المضارب
- القيد: تقييد المضارب بمعاملة أشخاص معينين أو منعه عن معاملتهم هذا القيد جائز باتفاق الفقهاء لأن رب المال يزداد ثقة في المعاملة ، وفى نفس الوقت يبقى مجال تحقيق الربح متوفرا للمضارب ، فلا يخل هذا القيد بالمقصود.
- القيد: تقييد المضارب بمعاملة شخص بعينه هذا القيد جائز عند الحنفية والمالكية لأنه لا يمنع من تحصيل الربح ولا ينافي مقتضى العقد ، فيتقيد المضارب بما أذن له فيه كالوكيل.
ولا يجوز عند المالكية والشافعية لأن الشخص المعين قد لا يعامله فيخل المقصود من المضاربة.
المبسوط (ج12 ص40)
وإذا دفعه إليه مضاربة على أن يعمل به في الكوفة ليس له أن يعمل به في غيرها لأن كلمة - على - للشرط ، والشرط في العقد متى كان مفيدا يجب اعتباره وهذا شرط مفيد لصاحب المال ليكون ماله محفوظا في المصر يتمكن منه متى شاء فيتقيد الأمر بما قيده به. ويقاس التوقيت من حيث المكان بالتوقيت من حيث الزمان.
ولو دفعه إليه مضاربة على أن يعمل به في سوق الكوفة فعمل به في الكوفة في غير ذلك المكان ففي القياس هو مخالف ضامن لأنه خالف شرطا نص عليه الدافع.
ولو دفعه إليه على أن يعمل به في سوق الكوفة وقال له لا تعمل به إلا في السوق فعمل به في غير السوق فهو مخالف ضامن.
المبسوط (ج12 ص42)
ولو دفع إليه مضاربة على أن يشتري من فلان ويبيع منه فليس له أن يشتري من غيره ، ولا أن يبيع من غيره لأن هذا تقييد بشرط مفيد والناس يتفاوتون في المعاملة في الاستقضاء والمساهلة ويتفاوتون في ملاءة الذمة وقضاء الديون.
المبسوط (ج12 ص43)
ولو دفع إليه مالا مضاربة بالنصف ولم يقل شيئا ثم قال له رب المال بعد ذلك لا تعمل بالمال إلا في الحنطة فليس له أن يعمل به إلا في الحنطة لأن تقييده الأمر بعد الدفع مضاربة لتقييده بذلك عند الدفع وهذا لأن رأس المال ما دام في يد المضارب نقدا فرب المال يملك نهيه عن التصرف فيملك تقييد الأمر بنوع دون نوع.
بداية المجتهد (ج2 ص238)
واختلفوا في المقارض يشترط رب المال عليه خصوص التصرف مثل أن يشترط عليه تعيين جنس ما من السلع ، أو تعيين جنس ما من البيع ، أو تعيين موضع ما للتجارة ، أو تعيين صنف ما من الناس يتجر معهم ، فقال مالك والشافعي في اشتراط جنس من السلع لا يجوز ذلك إلا أن يكون ذلك الجنس من السلع لا يختلف وقتا ما من أوقات السنة وقال أبو حنيفة يلزمه ما اشترط عليه ، وإن تصرف في غير ما اشترط عليه ضمن. فمالك والشافعي رأيا أن هذا الشرط من باب التضييق على المقارض فيعظم الغرر بذلك ، وأبو حنيفة استخف الغرر الموجود في ذلك ، كما لو اشترط عليه أن لا يشتري جنسا ما من السلع لكان على شرطه في ذلك بإجماع.
المدونة الكبرى (ج4 ص59)
قلت: فلو دفعت إلى رجل مالا قراضا على أن يخرج بالمال إلى بلد من البلدان يشتري في ذلك الموضع تجارة ، قال: سألت مالكا عن ذلك فقال لا خير فيه ، قال مالك يعطيه المال ويقوده كما يقود البعير ، قال: وإنما كره مالك من هذا أنه يحجر عليه أنه لا يشتري إلا أن يبلغ ذلك البلد.
القوانين الفقهية (ص280)
من شروط القراض:
أن لا يضرب أجل للعمل خلافا لأبي حنيفة وأن لا يحجر على العمل فيقصر على سلعة واحدة أو دكان.
المجموع (ج14 ص379)
فإذا أذن له في أن يتجر فيما ندر وجوده وعز طلبه ، كالياقوت الأحمر والخيل البلق والعبيد الخصيان فالقراض باطل سواء وجده أو لم يجده لأنه على غير ثقة من وجوده.