الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حق حبس الرهن
إن عقد الرهن يثبت حق الحبس الدائم للمرتهن على المرهون عند الحنفية والمالكية والحنابلة ، وعلى المرتهن حفظ المرهون كما يحفظ ماله.
أما عند الشافعية فيقتضي الرهن عندهم فقط تعين المرهون للبيع لوفاء الدين.
حق الحبس أو الاحتباس يترتب على تعلق الدين بالمرهون لأن التعلق شرع وسيلة لوفاء الدين من المرهون أو من غيره ، ولا يتم التعلق على وضع مأمون إلا بحبس ما يتعلق به الدين لدى المرتهن ، حتى يكون حبسه حاملا للمدين على الوفاء ، مخافة بيع المال المحبوس جبرا عنه عند إبائه.
فكان تعلق الدين بالرهن ، وحبس المرهون من عناصر التوثق.
وبناء عليه ، قال الحنفية: يترتب على صحة الرهن ثبوت حق المرتهن في حبس العين المرهونة على وجه الدوام ، وعدم تمكين الراهن من استرداد المرهون قبل وفاء الدين ، لأن الرهن شرع للتوثق ، والتوثق لا يكون إلا بحبس ما يكون به الوفاء وهو المال المرهون.
وإثبات حق الحبس يكون عند الحنفية بإثبات يد استيفاء الدين للمرتهن على المرهون ، لأن معنى الاستيفاء: هو ملك عين المستوفي ، وملك اليد عليه معا ، وبما أن ملك عين المرهون ممنوع شرعا بالحديث الصحيح: لا يغلق الرهن من صاحبه بقي ملك اليد ، ويصير موجب عقد الرهن الذي شرع وثيقة للاستيفاء: وهو ثبوت ملك اليد فقط ، دون ملك العين ، لأنه مدلول لفظ الرهن لغة وهو الحبس ، والمعاني الشرعية تثبت على وفق المعاني اللغوية.
ويترتب على ثبوت حق حبس المال المرهون: أن المرتهن كما ذكر الحنفية يحفظ المرهون تحت يده بما يحفظ به مال نفسه عادة ، فيحفظه بنفسه وزوجته وولده وخادمه إذا كان يسكنان معه ، وبأجيره الخاص ، لأن عين المرهون أمانة في يد المرتهن ، فصار من هذه الناحية كالوديعة يحفظ كما تحفظ.
ولا يجوز له حفظه بغير هؤلاء ، فإذا أودعه أو قصر في حفظه ، ضمن قيمته بالغة ما بلغت والضامن عند أبي حنيفة هو المرتهن لا الوديع ، وعند الصاحبين: كلاهما ضامن ، المرتهن بالدفع ، والوديع بتسلمه ما ليس مملوكا للدافع ، لكن يستقر الضمان في النهاية على المرتهن ، كما في وديع الوديع.
ويجوز للمرتهن السفر بالمرهون إذا كان الطريق آمنا ، كما في الوديعة ، وإن كان له حمل ومؤنة.
وقال الجمهور (المالكية والشافعية والحنابلة) : إن موجب الرهن هو موجب سائر الوثائق ، وهو أن تزداد به طرائق المطالبة بالوفاء ، فيثبت به للمرتهن حق تعلق الدين بالعين المرهونة عينا ، والمطالبة بإيفائه من ماليتها ، عن طريق بيعها واختصاصه بثمنها.
أما حق الحبس ، فليس بحكم لازم لعقد الرهن عند الشافعية ، فللراهن أن يسترد به الرهن لينتفع به ، بدون استهلاكه ، فإذا انتهى انتفاعه رده إليه ، بدليل الحديث السابق: لا يغلق الرهن من صاحبه الذي رهنه ، له غنمه وعليه غرمه أي لا يحبس ، وأضافه النبي صلى الله عليه وسلم إلى الراهن بلام التمليك ، وسماه صاحبا ، فاقتضى أن يكون هو المالك للرهن رقبة وانتفاعا وحبسا.
والحبس على الدوام يتنافى مع كون الرهن توثيقا ، فقد يهلك الرهن فيسقط الدين ، أي كما قال الحنفية ، فيكون توهينا لا توثيقا ، ثم إن في الحبس تعطيلا للانتفاع بالرهن ، فهو تسييب ، والتسييب ممنوع شرعا.
جاء في المجلة (م729)
حكم الرهن: هو أن يكون للمرتهن حق حبسه إلى حين فكه ، وأن يكون أحق من سائر الغرماء باستيفاء الدين من الرهن إذا توفي الراهن.
وفي مرشد الحيران (م962)
للمرتهن حق حبس الرهن لاستيفاء الدين الذي رهن به ، وليس له أن يمسكه بدين آخر على الراهن سابق على العقد أو لاحق به.
وفي تبيين الحقائق (6 / 64)
الثابت للمرتهن يد الاستيفاء وهو ملك اليد والحبس ، لأن لفظه ينبئ عن الحبس ، والأحكام الشرعية تثبت على وفق معانيها اللغوية ، ولأن الرهن وثيقة لجانب الاستيفاء: وهو أن يكون موصلا له إليه ، ويثبت ذلك بملك اليد والحبس ليقع الأمن من الجحود مخافة جحود المرتهن الرهن.
وفي بداية المجتهد (2 / 271)
وعند مالك أن من شرط صحة الرهن استدامة القبض ، وأنه متى عاد إلى يد الراهن بإذن المرتهن بعارية أو وديعة أو غير ذلك ، فقد خرج من اللزوم.
وقال الشافعي ليس استدامة القبض من شروط الصحة.
وفي المغني (4 / 331)
واستدامة القبض شرط للزوم الرهن ، فإذا أخرجه المرتهن عن يده باختياره ، زال لزوم الرهن ، وبقي العقد كأنه لم يوجد فيه قبض ، سواء أخرجه بإجارة أو إعارة أو إيداع أو غير ذلك.
وفي المنهاج للنووي ومغني المحتاج (2 / 133)
إذا لزم الرهن فاليد فيه للمرتهن ، ولا تزال إلا للانتفاع كما سبق.
وفي ص (131) وللراهن كل انتفاع لا ينقصه كالركوب والسكنى ، لا البناء والغراس.