الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
انتقال ملكية المال المقرض
اختلفت اجتهادات الفقهاء متى تنتقل ملكية المال المقرض من المقرض إلى المستقرض؟ فذهب المالكية إلى أنها تنتقل إليه بمجرد العقد ، وذهب الحنابلة والحنفية والشافعية إلى أنها تنتقل إليه بالقبض ، وذهب الشافعية في غير الأصح إلى أنها لا تنتقل إلا بالاستهلاك.
اختلف الفقهاء في ترتب حكم القرض ، وهو نقل ملكية محله (المال المقرض) من المقرض إلى المقترض ، هل يتم بالعقد ، أم يتوقف على القبض ، أم لا يتحقق إلا بتصرف المقترض فيه أو استهلاكه. . على أربعة أقوال:
أحدها: للمالكية وهو أن المقترض يملك القرض ملكا تاما بالعقد ، وإن لم يقبضه ، ويصير مالا من أمواله ، ويقضي له به. ورجحه الإمام الشوكاني وحجته أن التراضي هو المناط في نقل ملكية الأموال من بعض العباد إلى بعض.
والثاني: للشافعية في القول المقابل للأصح ، وهو أن المقترض إنما يملك المال المقرض بالتصرف المزيل للملك. فإذا تصرف فيه تبين ثبوت ملكه قبله. وحجتهم: أن القرض ليس بتبرع محض ، إذ يجب فيه البدل ، وليس على حقائق المعاوضات ، فوجب أن يكون تملكه بعد استقرار بدله بالتصرف المزيل للملك كالبيع والهبة والإعتاق والإتلاف ونحو ذلك.
والثالث: لأبي يوسف صاحب أبي حنيفة وهو أن القرض لا يملك بالقبض ما لم يستهلك. وحجته أن الإقراض إعارة ، فتبقى العين فيه - كالعارية - على حكم ملك المقرض قبل أن يستهلكها المقترض.
والرابع: للحنابلة والحنفية في المعتمد والشافعية في الأصح وهو أن المقترض إنما يملك المال المقرض بالقبض. واستدلوا على ذلك:
أ - بأن مأخذ الاسم دليل عليه ، لأن القرض في اللغة القطع ، فدل على انقطاع ملك المقرض بنفس التسليم.
ب - وبأن المقترض بنفس القبض صار بسبيل من التصرف في القرض من غير إذن المقرض بيعا وهبة وصدقة وسائر التصرفات ، وإذا تصرف فيه نفذ تصرفه دون توقف على إجازة المقرض ، وتلك أمارات الملك ، إذ لو لم يملكه لما جاز له التصرف فيه.
ج - وبأن القرض عقد اجتمع فيه جانب المعاوضة وجانب التبرع ، غير أن جانب التبرع فيه أرجح ، لأن غايته وثمرته إنما هي بذل منافع المال المقرض للمستقرض مجانا ، ألا ترى أنه لا يقابله عوض في الحال ، ولا يملكه من لا يملك التبرع ، ولهذا كان حكمه كباقي التبرعات من هبات وصدقات ، والملكية فيها تنتقل بالقبض ، لا بمجرد العقد ، ولا بالتصرف ، ولا بالاستهلاك.
حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني (2 / 150)
ويملك المقترض الشيء المقرض بالقول.
السيل الجرار للشوكاني (3 / 144)
أقول: يملكه - أي المقترض - بقبضه ملكا مستقرأ ، ويملكه أيضا قبل قبضه إذا وقع التراضي على ذلك ، فإن التراضي هو المناط في نقل الأموال من بعض العباد إلى بعض.
فتح العزيز (9 / 390) وما بعدها
لا شك أن المستقرض يتملك ما استقرضه ، ولكن فيما يملك ، به قولان متفرعان من كلام الشافعي أصحهما: أنه يملك بالقبض. لأنه إذا قبضه ملك التصرف فيه من جميع الوجوه ، ولو لم يملكه لما ملك التصرف فيه ولأن الملك في الهبة يحصل بالقبض ، ففي القرض أولى ، لأن للعوض مدخلا فيه.
والثاني: أنه يملك بالتصرف. لأنه ليس بتبرع محض ، إذ يجب فيه البدل ، وليس على حقائق المعاوضات كما سبق ، فوجب أن يكون تملكه بعد استقرار بدله.
المهذب (1 / 310)
وفي الوقت الذي يملك فيه وجهان (أحدهما) أنه يملكه بالقبض ، لأنه عقد يقف التصرف فيه على القبض ، فوقف الملك فيه على القبض كالهبة.
(والثاني) أنه لا يملكه إلا بالتصرف بالبيع والهبة والإتلاف. لأنه لو ملك قبل التصرف لما جاز للمقرض أن يرجع فيه بغير رضاه.
والملك في القرض غير تام لأنه يجوز لكل واحد منهما أن ينفرد بالفسخ.
المبدع (4 / 206)
(ويثبت الملك فيه بالقبض) لأنه عقد يقف التصرف فيه على القبض ، فوقف الملك عليه.
مرشد الحيران (ص 212)
إنما تخرج العين المقترضة عن ملك المقرض وتدخل في ملك المستقرض إذا قبضها ، فيثبت في ذمة المستقرض مثلها لا عينها ولو كانت قائمة. فإذا هلكت العين بعد العقد وقبل القبض فلا ضمان على المستقرض.
بدائع الصنائع (7 / 396)
وروي عن أبي يوسف في النوادر: لا يملك القرض بالقبض ما لم يستهلك. . . وجه رواية أبي يوسف أن الإقراض إعارة ، بدليل أنه لا يلزم فيه الأجل ، ولو كان معاوضة للزم ، كما في سائر المعاوضات ، وكذا لا يملكه الأب والوصي والعبد المأذون والمكاتب ، وهؤلاء يملكون المعاوضات. وكذا إقراض الدراهم والدنانير لا يبطل بالافتراق قبل قبض البدلين ، ولو كان مبادلة لبطل ، لأنه صرف ، والصرف يبطل بالافتراق قبل قبض البدلين. وكذا إقراض المكيل لا يبطل بالافتراق ، ولو كان مبادلة لبطل ، لأن بيع المكيل بمكيل مثله في الذمة لا يجوز ، فثبت بهذه الدلائل أن الإقراض إعارة ، فتبقى العين على حكم ملك المقرض.
الدر المختار مع رد المحتار (4 / 173)
(ويملك) المستقرض (القرض بنفس القبض عندهما) أي الإمام ومحمد خلافا للثاني ، فله رد المثل ولو قائما خلافا له.
شرح منتهى الإرادات (2 / 225)
(ويتم) القرض بقبول) كبيع ، ويملك) ما اقترض بقبض (ويلزم) عقده بقبض) لأنه عقد يقف التصرف فيه على القبض ، فوقف الملك عليه.
الخرشي (5 / 232)
أن القرض يملكه المقترض بمجرد عقد القرض ، وإن لم يقبضه ، ويصير مالا من أمواله ويقضى له به.