الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أن يكون مؤجلا
لا يشترط الشافعية الأجل في السلم ، فهو يجوز حالا كما يجوز مؤجلا وذلك خلافا لما ذهب إليه الجمهور من كون الأجل شرط لصحة السلم فينبغي عندهم أن يكون المسلم فيه مؤجلا.
اشتراط أن يكون المسلم فيه مؤجلا عند الجمهور
اشترط جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والحنابلة والظاهرية لصحة السلم أن يكون المسلم فيه مؤجلا ، وقرروا عدم صحة السلم الحال.
ودليلهم على ذلك:
- قوله صلى الله عليه وسلم: من أسلم فليسلم في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم. حيث أمر عليه الصلاة والسلام بالأجل في السلم ، وأمره يقتضي الوجوب ، فيكون الأجل من جملة شروط صحة السلم ، فلا يصح بدونه.
- أن السلم جوز رخصة للرفق ، ولا يحصل الرفق إلا بالأجل ، فإذا انتفى الأجل انتفى الرفق ، وذلك لأن المسلف يرغب في تقديم الثمن لاسترخاص المسلم فيه ، والمسلم إليه يرغب فيه لموضوع النسيئة ، وإذا لم يشترط الأجل زال هذا المعنى.
- قال القاضي عبد الوهاب (ولأن السلم مشتق من اسمه الذي هو السلف ، وهو أن يتقدم رأس المال ويتأخر المسلم فيه ، فوجب منع ما أخرجه عن ذلك.
- ولأن السلم الحال يفضي إلى المنازعة ، إذ هو أصلا بيع المفاليس ، فالظاهر أن يكون المسلم إليه عاجزا عن تسليم المسلم فيه حالا ، ورب السلم يطالب بالتسليم ، فيتنازعان على وجه تقع الحاجة إلى الفسخ. كما أنه قد يكون فيه إلحاق الضرر برب السلم ، لأنه أعطى رأس المال إلى المسلم إليه وصرفه في حاجته ، فلا يصل إلى المسلم فيه بخلاف الأمر عند اشتراط الأجل ، حيث لا يملك المطالبة إلا بعد حل الأجل ، وعند ذلك يقدر المسلم إليه على التسليم ظاهرا ، فلا يؤدي إلى المنازعة المفضية إلى الفسخ والإضرار برب السلم.
جواز أن يكون المسلم فيه حالا عند الشافعية
خالف الشافعية ما ذهب إليه جمهور الفقهاء ، وقالوا بجواز السلم الحال كما هو جائز مؤجلا. وحجتهم القياس الأولوي على السلم المؤجل ، حيث إن في الأجل ضربا من الغرر ، إذ ربما يقدر المسلم إليه على تسليمه في الحال ، ويعجز عند حلول الأجل ، فإذا جاز مؤجلا فهو حالا أحرى بالجواز ، لأنه أبعد عن الغرر.
تحديد الأجل في عقد السلم
مع أن جمهور الفقهاء - عدا الشافعية - اتفقوا على وجوب كون المسلم فيه مؤجلا لصحة العقد ، فقد اختلفوا في تحديد الأجل الأدنى الذي لا يصح السلم بأقل منه ، وذلك على جملة أقوال:
- ذهب الظاهرية إلى أن الحد الأدنى للأجل أقل ما ينطبق عليه اسم الأجل لغة ، ساعة فما فوقها.
- وقال الحنابلة: من شرط الأجل أن يكون مدة لها وقع في الثمن عادة ، كالشهر وما قاربه. لأن الأجل إنما اعتبر لتحقيق الرفق الذي من أجله شرع السلم ، ولا يحصل ذلك بالمدة التي لا أثر لها في رخص الثمن.
- واختلف فقهاء الحنفية في تحديده ، فقال الكرخي إنه موكول لتراضي العاقدين ، حتى لو قدرا نصف يوم جاز. وقيل: أقله ثلاثة أيام قياسا على خيار الشرط. قال الكاساني وروى عن محمد أنه قدره بالشهر ، وهو الصحيح ، لأن الأجل إنما شرط في السلم ترفيها وتيسيرا على المسلم إليه ، ليتمكن من الاكتساب في المدة. والشهر مدة معتبرة يتمكن فيها من الاكتساب ، فيتحقق معنى الترفيه. فأما ما دونه ففي حد القلة ، فكان له حكم الحلول.
- وذهب المالكية في المشهور عندهم إلى أن أقله ما تختلف فيه الأسواق ، كالخمسة عشر يوما ونحوها. وهو قول ابن القاسم. وروى ابن وهب عن مالك أنه يجوز اليومين والثلاثة. وقال ابن عبد الحكم لا بأس به إلى اليوم الواحد.
قال الباجي - بعد عرض تلك الأقوال -: (إذا ثبت ما قلناه ، فالذي قاله القاضي أبو محمد أن تغير الأسواق في ذلك لا يختص بمدة من الزمان ، وإنما هو على حسب عرف البلاد. ومن قدر ذلك بخمسة عشر يوما أو أكثر فإنما قدر على عرف بلده وتقدير ابن القاسم ذلك بخمسة عشر يوما أو عشرين أظهر ، لأن هذا عرف البلاد ، ومقتضى ما علم من أسواقها فإنه يغلب تغيرها في مثل هذه المدة) .